ماذا وراء زيارة ماكرون للصين؟
الخميس - 20 أبريل 2023
Thu - 20 Apr 2023
باستعراض عسكري مبهر، استقبل الرئيس الصيني شي جينبيغ، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي استهدف من وراء زيارته طلب المساعدة في وقف حرب روسيا في أوكرانيا، حيث كان لافتا قول الرئيس ماكرون مخاطبا نظيره الصيني في بكين «أعلم أنه يمكنني الاعتماد عليك في إعادة روسيا إلى رشدها، وإعادة الجميع إلى مائدة التفاوض»، وهذا يعكس حجم رهان باريس على دور صيني في إنهاء أزمة أوكرانيا، بينما قال شي «إن لدى بلديهما القدرة والمسؤولية لحماية السلام العالمي».
زيارة ماكرون لم تكن تقتصر على طلب المساعدة الصينية في الأزمة الأوكرانية، بل ركزت أيضا على دعم التعاون الاقتصادي والتجاري مع الصين، حيث رافقه خلال الزيارة وفد كبير من رجال الأعمال في إشارة لا تخطئها عين مراقب بشأن أولويات ماكرون في بكين. كما يلاحظ أيضا أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين، قد انضمت إلى ماكرون خلال زيارته للصين.
ماكرون أكد عشية زيارته أن هناك مخاوف متزايدة بشأن دوامة لا مفر منها من تصاعد التوترات بين الغرب والصين التي تغذيها الحرب الأوكرانية، والأرجح أنه يقصد تعرض الصين لعقوبات تقترحها الولايات المتحدة على خلفية اتهامات مزعومة للصين بدعم روسيا، ما يعني أن فرنسا وربما بقية الدول الأوروبية لا ترغب في مجاراة النهج الأمريكي تجاه الصين بشكل تام، وأنها تريد النأي بنفسها، ولو قليلا، عن الوقوع في فخ حرب تجارية مع الصين بما يؤثر في اقتصادات أوروبا. ويلاحظ في هذا الإطار أن الزيارة المشتركة لماكرون والمسؤولة الأوروبية قد جاءت عقب زيارة المستشار الألماني أولاف شولز ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز لبكين في الأشهر الأخيرة.
لا شك أن فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية تدرك خطر استمرار الحرب في أوكرانيا، وتدرك كذلك أن الولايات المتحدة ليست في عجلة من أمرها لإنهاء هذه الحرب التي تؤثر بالأساس في اقتصادات أوروبا وشعوبها، ولذلك فإن ماكرون يسعى لتشجيع الرئيس الصيني على مواصلة جهوده بحثا عن تسوية لأزمة أوكرانيا، إدراكا منه لقدرة الصين وتأثيرها القوي على الكرملين، الذي استبعد تماما قبول المقترحات الصينية لإنهاء الأزمة، واستبعد معها فكرة قبول الصين كوسيط مبررا ذلك بأن «الأزمة معقدة»، ومشددا على مواصلة الحرب، أي أن الكرملين يريد حسم الحرب عسكريا، أو قبول الطرف الأوكراني الاستسلام لشروط روسيا والجلوس للتفاوض، وهما أمران يصعب تحققهما في ضوء المعطيات الراهنة عسكريا واقتصاديا وسياسيا.
وجود رئيسة المفوضية الأوروبية في زيارة مشتركة مع ماكرون لا يخلو من رسائل مهمة للجانب الصيني، فالسيدة فون دير تحتفظ بسجل قوي من تأييد المواقف الأمريكية في حرب أوكرانيا، وتنتقد بحدة موقف الصين تجاه روسيا وسبق لها أن اعتبرت أن مقترحات السلام الصينية غير قابلة للتطبيق، وبالتالي فهي لا تشاطر ماكرون مواقفه تجاه الصين، ولكن يبدو أن الزيارة المشتركة قد استهدفت التحدث بواقعية مع الجانب الصيني، ونقل وجهة النظر الأوروبية حيال أزمة أوكرانيا للرئيس شي جينبيغ، وربما تبدو محاولة للتصرف بشكل منفصل عن الجانب الأمريكي الذي لا يأخذ بالاعتبار كثيرا مصالح الشركاء الأوروبيين في إدارة علاقته مع الصين، ويكتفي من أوروبا بأن تشارك في توقيع العقوبات التي يفرضها رغم حجم تأثيرها السلبي الكبير على الاقتصادات الأوروبية التي تعاني بالفعل منذ اندلاع حرب أوكرانيا.
ما سبق لا يعني أن الوحدة التي أظهرها الغرب في أزمة أوكرانيا باتت على وشك التفكك أو التراجع، ولكن الأرجح أن هذه التحركات تتم في إطار تنسيق متبادل مع واشنطن، حيث تريد أوروبا إبلاغ الصين بأن موقفها تجاه روسيا سيكون محددا رئيسيا لعلاقاتها مع أوروبا في السنوات والعقود المقبلة، حيث أكدت رئيس المفوضية الأوروبية أنه سواء كانت بكين تدعم جهود روسيا الحربية أو تتوسط لإنهائها بصدق، فإن ذلك سيكون «عاملا حاسما» في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين لسنوات مقبلة، واعتبرت أن هذه الرسالة «يجب نقلها دون لبس» إلى بكين.
بلا شك أن الزيارات المتوالية للقادة والمسؤولين الأوروبيين للصين تستهدف استكشاف سياسات بكين خلال المرحلة الراهنة، والتعرف على تطورات المواقف والسياسات الصينية، وبناء علاقات أوثق مع الصين خصوصا في المجال التجاري والاقتصادي، حيث يفترض أن تدهور العلاقات الأوروبية مع روسيا والصين في آن واحد مخاطرة لا تصب في مصلحة القارة العجوز بأي حال.
drsalemalketbi@
زيارة ماكرون لم تكن تقتصر على طلب المساعدة الصينية في الأزمة الأوكرانية، بل ركزت أيضا على دعم التعاون الاقتصادي والتجاري مع الصين، حيث رافقه خلال الزيارة وفد كبير من رجال الأعمال في إشارة لا تخطئها عين مراقب بشأن أولويات ماكرون في بكين. كما يلاحظ أيضا أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين، قد انضمت إلى ماكرون خلال زيارته للصين.
ماكرون أكد عشية زيارته أن هناك مخاوف متزايدة بشأن دوامة لا مفر منها من تصاعد التوترات بين الغرب والصين التي تغذيها الحرب الأوكرانية، والأرجح أنه يقصد تعرض الصين لعقوبات تقترحها الولايات المتحدة على خلفية اتهامات مزعومة للصين بدعم روسيا، ما يعني أن فرنسا وربما بقية الدول الأوروبية لا ترغب في مجاراة النهج الأمريكي تجاه الصين بشكل تام، وأنها تريد النأي بنفسها، ولو قليلا، عن الوقوع في فخ حرب تجارية مع الصين بما يؤثر في اقتصادات أوروبا. ويلاحظ في هذا الإطار أن الزيارة المشتركة لماكرون والمسؤولة الأوروبية قد جاءت عقب زيارة المستشار الألماني أولاف شولز ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز لبكين في الأشهر الأخيرة.
لا شك أن فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية تدرك خطر استمرار الحرب في أوكرانيا، وتدرك كذلك أن الولايات المتحدة ليست في عجلة من أمرها لإنهاء هذه الحرب التي تؤثر بالأساس في اقتصادات أوروبا وشعوبها، ولذلك فإن ماكرون يسعى لتشجيع الرئيس الصيني على مواصلة جهوده بحثا عن تسوية لأزمة أوكرانيا، إدراكا منه لقدرة الصين وتأثيرها القوي على الكرملين، الذي استبعد تماما قبول المقترحات الصينية لإنهاء الأزمة، واستبعد معها فكرة قبول الصين كوسيط مبررا ذلك بأن «الأزمة معقدة»، ومشددا على مواصلة الحرب، أي أن الكرملين يريد حسم الحرب عسكريا، أو قبول الطرف الأوكراني الاستسلام لشروط روسيا والجلوس للتفاوض، وهما أمران يصعب تحققهما في ضوء المعطيات الراهنة عسكريا واقتصاديا وسياسيا.
وجود رئيسة المفوضية الأوروبية في زيارة مشتركة مع ماكرون لا يخلو من رسائل مهمة للجانب الصيني، فالسيدة فون دير تحتفظ بسجل قوي من تأييد المواقف الأمريكية في حرب أوكرانيا، وتنتقد بحدة موقف الصين تجاه روسيا وسبق لها أن اعتبرت أن مقترحات السلام الصينية غير قابلة للتطبيق، وبالتالي فهي لا تشاطر ماكرون مواقفه تجاه الصين، ولكن يبدو أن الزيارة المشتركة قد استهدفت التحدث بواقعية مع الجانب الصيني، ونقل وجهة النظر الأوروبية حيال أزمة أوكرانيا للرئيس شي جينبيغ، وربما تبدو محاولة للتصرف بشكل منفصل عن الجانب الأمريكي الذي لا يأخذ بالاعتبار كثيرا مصالح الشركاء الأوروبيين في إدارة علاقته مع الصين، ويكتفي من أوروبا بأن تشارك في توقيع العقوبات التي يفرضها رغم حجم تأثيرها السلبي الكبير على الاقتصادات الأوروبية التي تعاني بالفعل منذ اندلاع حرب أوكرانيا.
ما سبق لا يعني أن الوحدة التي أظهرها الغرب في أزمة أوكرانيا باتت على وشك التفكك أو التراجع، ولكن الأرجح أن هذه التحركات تتم في إطار تنسيق متبادل مع واشنطن، حيث تريد أوروبا إبلاغ الصين بأن موقفها تجاه روسيا سيكون محددا رئيسيا لعلاقاتها مع أوروبا في السنوات والعقود المقبلة، حيث أكدت رئيس المفوضية الأوروبية أنه سواء كانت بكين تدعم جهود روسيا الحربية أو تتوسط لإنهائها بصدق، فإن ذلك سيكون «عاملا حاسما» في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين لسنوات مقبلة، واعتبرت أن هذه الرسالة «يجب نقلها دون لبس» إلى بكين.
بلا شك أن الزيارات المتوالية للقادة والمسؤولين الأوروبيين للصين تستهدف استكشاف سياسات بكين خلال المرحلة الراهنة، والتعرف على تطورات المواقف والسياسات الصينية، وبناء علاقات أوثق مع الصين خصوصا في المجال التجاري والاقتصادي، حيث يفترض أن تدهور العلاقات الأوروبية مع روسيا والصين في آن واحد مخاطرة لا تصب في مصلحة القارة العجوز بأي حال.
drsalemalketbi@