حنان درويش عابد

العيد.. كيف أحبنا الله وميزنا؟

الخميس - 20 أبريل 2023

Thu - 20 Apr 2023

لم يكن رمضان في حياتنا يوما إلا نافذة نحو السماء، لطالما أشرقت بنور فاض على أرواحنا فجملها وزينها كأبهى ما تكون الأرواح، فأحال نفوسنا إلى قيمة عالية من حسن استقبال حوادث الحياة، فبتنا أكثر قدرة على الاتزان العاطفي والنفسي، فما يكاد يغادرنا رمضان إلا ونكون بالفعل قد جهزنا أتم تجهيز لنستقبل الشهور التالية بأمل وبإيجابية.

والعيد، هذا التتويج المهم لهذه الحالة الإيمانية العامرة بنفحات الروح وتساميها، يقدم لنا فرصة لنبتسم أكثر، فإن كانت الأرواح قد عاينت السعادة بكل أشكالها في رمضان، فإن العيد يكشف ما عايناه من تفاؤل وأمل ونهضة همم ليظهر كل ذلك بوضوح على قسمات الوجوه، بينما الأسر والعائلات والأصحاب يهنئون بعضهم البعض بهذه المناسبة الدينية العزيزة على قلوبنا.

في العيد، في هذا العام، كما في سابقه من أعوام، نواصل سعينا نحو شكل أفضل من أشكال الحياة في مجتمعنا. نستلهم من صبر رمضان وروحانياته مسالك ودروب نحو عيد نسعد به الجميع ولا ننسى أنفسنا معهم. ننظر إلى العيد على أنه باب جديد لتحسين ظروف نظرتنا للحياة في بيوتنا، وحتى في مكاتبنا، مستمدين هذا المعنى من قيمة «السعادة».

والسعادة قيمة قدمها الإسلام على كثير من القيم، فأصل الإسلام هو أنه جاء ليسعد الناس، ولهذا فالعيد هو التمثيل الأصغر لقيمة السعادة التي ينبغي نشرها بين الناس، وهي قيمة مجتزأة من قيمة الإسلام ككل، كدين للسعادة والإيجابية.

في العيد، يعلمنا الإسلام أن هذه المناسبة مصممة لأجل هدف، فالدين لا يضع شيئا من دون أهداف، وهدفنا في عيدنا الحالي هذا هو أن نعانق أرواح من حولنا من الأهل، وليس فقط أن يكون عناق الأجساد لبعضها البعض. هي مناسبة إذن تعلي فينا قيمة السعي نحو تصحيح أخطاء الماضي في العلاقات بين الناس، وإزالة أسباب التشاحن، والقبول بأن يكون العيد نافذة متاحة للاستماع من جديد للرأي الآخر، وتصفية القلوب بعيدا عن مساوئ العتاب التي لا تقدم الكثير من النتائج الإيجابية في كثير من الأحيان.

إنه عيد لكي يقول المتخاصمون لبعضهم البعض، «عفا الله عما سلف»، فهل يمتلك المتخاصمون هذه الجرأة العالية؟ هل يمكننا بالفعل أن نشهد في هذا العيد عودة العلاقات بين المتخاصمين، وعودة الود والحب القديم بين الأقارب والأصحاب؟ يصبح الأمر سهلا وممكنا عندما نعلم بأننا لم نخلق في الأصل لنتصارع، ولأن الصراع محتمل الوقوع بسبب التدافع الإنساني والاجتماعي، جعل الله تعالى لنا رمضان كفرصة، ثم أعقبه بعيدين كفرصتين إضافيتين، فهل سنغتنم الفرصة، ونشكر الله على حبه لنا؟

hananabidl0@