دحام مبارك الغالب

الشخصية المزاجية

الأربعاء - 19 أبريل 2023

Wed - 19 Apr 2023

في البداية من الواجب التفريق بين مزاج الشخص والمزاجية، إذ إن المزاج هو الحالة النفسية أو الشعور السائد الذي يعيشه الشخص في الأوقات المختلفة، والمزاجية هو أن يتغير مزاج الإنسان خلال اليوم من حالة إلى أخرى، إذن فالمزاجية أمر طبيعي عند كل الأشخاص تقريبا.

ولكن يجب الانتباه إلى أن المزاجية الشديدة أو المتغيرة بصورة سريعة قد تعد عارضا مرضيا وينصح حينها بمراجعة الطبيب، أما المزاجية المعتدلة فلا تسبب إزعاجا سواء للشخص نفسه أو من حوله بل يعتبرها بعض الناس صفة جذابة في الشخصية.

وفي مقالي هذا سأتناول بالتفسير الشخصية المزاجية في المطلق وسنحكم سويا هل هي مزعجة عندما تكون حادة أم جذابة كما يعتبرها البعض عندما تكون معتدلة، وسأبدأ بالصفات التي تجمع معظم الأشخاص المزاجيين:

أول هذه الصفات وأبرزها تغير المشاعر، حيث تتبدل مشاعر الشخص المزاجي بين المعنويات المنخفضة والتي يعبر عنها من خلال مشاعر التعاسة والعناد والكآبة والعبوس وإظهار الاستياء أو عدم الرضا، وبين المعنويات المرتفعة والتي تدل عليها السعادة والبهجة وغيرها، وعادة ما يقوم الشخص المزاجي بالتصرف حسب مشاعره فإن كان سعيدا وهادئا يتعامل بلطف مع الآخرين، أما إن كانت مزاجه معكرا ومشاعره سلبية قد يقوم بالتصرف بطريقة لا تتناسب مع الموقف أو مسيئة وبالتالي يصعب على الآخرين التعامل معه، كما أن الشخص المزاجي حساس أكثر من الآخرين لما يجري حوله، حيث تتطور مشاعره بشكل قوي نتيجة أحداث أو أشياء صغيرة تحدث حوله ويؤدي ذلك إلى انفعاله وتغيير مشاعره دون سبب ظاهر للناس، فعلى سبيل المثال يمكن لموقف بسيط في بداية اليوم التأثير على مزاجه لفترة طويلة.

وقد يلجأ الشخص المزاجي إلى لوم من حوله إذا شعر بشيء ما سلبي، ومن المهم الانتباه إلى أنه قد يستخدم هذا الأسلوب لصرف الانتباه عن سبب الغضب والاستياء أو تغير مشاعره المفاجئ، وقد تتطور تصرفاته إلى نوع من أنواع النرجسية والتحكم بالآخرين، لذا ينصح بعدم تقبل اللوم الناتج عن الشخص المزاجي، أو محاولة إرضائه فقط دون صرف انتباهه لأفعاله وكيفية تعامله مع مشاعره.

يتبقى لنا أن نعرف كيف نتعامل مع الشخص المزاجي:

من المعروف أن الرد على مزاجية أو استياء شخص بالانفعال والصراخ والغضب لن يزيد الموقف إلا توترا وحدة، لذا يفضل عدم التذمر أمام الأشخاص المزاجيين أو مضايقتهم من خلال التركيز على مزاجهم المتعكر، ففي أغلب الأحيان عندما يهدأ ويفكر بمنطقية قد يعود للاعتذار أو التعبير عن الموقف بموضوعية أكبر، بالإضافة لإظهار التعاطف والاستماع له ومحاولة فهم ما يمر به تحديدا، ومن ثم لفت نظره إلى الطرق التي تساعد على التخفيف من حالته.

مع الأخذ في الاعتبار أن هناك العديد من الأشخاص المزاجيين يستغلون مزاجيتهم في جعل الآخرين يحققون لهم رغباتهم، فتجنب تقديم الخدمات غير اللازمة لهم، وانصحهم إن كانوا قريبين منك بممارسة أنشطة وهوايات يحبونها، لأنها تؤدي دائما إلى تغيير المزاج بل وتساعد على تحسينه.

ويجب التوقف عن الشعور بالذنب، أو تحمل المسؤولية تجاه مزاجية شخص مصاب بها، وعدم الشعور بالضغط أو خيبة الأمل نتيجة صعوبة تعديل مزاجه وأفعاله، وقتها سيسهل التعامل معه بشكل صحيح دون الإضرار بالمعنويات والصحة النفسية.

وأخيرا يجب الانتباه إلى أن بعض المزاجية قد تتطور لتصبح حادة ومتكررة لدرجة تحتاج إلى استشارة المتخصصين حولها، وذلك عندما تظهر على الشخص تقلبات مزاج مفرطة، أو شعور بالحزن الشديد والبكاء أو الغضب، فحينها لا يكفي تقديم الدعم الشخصي له فقط بل يحتاج إلى مساعدة جهة خارجية، أو التحدث مع الأهل والأشخاص المقربين منه لتوفير بيئة داعمة ومتفهمة يشعر فيها الشخص بالأمان والراحة.