عصام هبة الله شريم 

إنه حقا يبني وطنا

الأربعاء - 19 أبريل 2023

Wed - 19 Apr 2023

من أكبر انجازات ولي العهد السعودي الأمير محمدبن سلمان هو إعادة صياغة الانتماء وخلق روح المواطنة لدى أبناء المملكة وبالذات من الجيل الجديد الذي كادت أدوات وموجهات الحداثة والتطورات تذهب به بعيدا عن ارتباطه بالوطن، مما كان يمثل مهددا للدولة.

لقد صنع ببراعة انتماء وطنيا سعوديا والتفاف شعبي ‏جعل فكرة الوطن والوطنية السعودية محور ارتكازه، وهذا التوجه قد يعتبر للمرة الأولى في تاريخ المملكة، حيث كان الارتباط بين الدولة والناس في السعودية مرتكزه الرئيسي الولاء لولاة الأمر من منطق الولاء للة، وفي اطار ماشاع من تعدد مفاهيم وافكار دينية وتباينات حديثة لدى علماء الدين يصبح ذلك ‏خطرا على أي دولة ونسيجها المجتمعي، نتيجة لعدم واحدية مفاهيم الدين للطاعة لولي الامر وقياس مدى وامكانية البقاء تحت تلك العباءة أو مغادرتها، وبالتالي فان الضمانة الوحيدة للحفاظ على الدولة السعودية الحديثة كما قدمها الأمير بن سلمان تتمثل في إعادة بعث وإحياء بل وتأسيس روح المواطنة ‏السعودية، من خلال الانتماء للسعودية كوطن وأرض وأمة، ومحاولة استعادة واستلهام الماضي والوقوف على مراحل التأسيس والتأصيل التاريخي لتلك المراحل، وغزارة نشر رايات المملكة واعلامها، وتبيان دور القادة المؤسسين لدى الجيل الحديث، وغرس مفاهيم حب الوطن لديهم، وكل ذلك بالتاكيد لم يكن ليؤتي ثماره دون نظرة استشرافية تقدم المستقبل المطمئن الأمن لهذا الجيل، وتعطي حالات الرفاه الاقتصادي والانجازات العملاقة موقعها على الأرض من خلال رؤية السعودية 2030، والتي لم تبقى مجرد شعارات إعلامية، بل انطلقت لتتحول إلى برنامج عملي واقعي لا يتحقق فقط بل يعيشونه في كل اتجاه يوميا.



صاحب كل هذه الخطوات خطوات جبارة أكثر تعمقا، تتمثل في الأدوار الاستراتيجية العملاقة التي بات لاينكرها إلا حاقد، والمتمثلة في الدور المحوري الذي تلعبه المملكة وسمو الأمير بن سلمان على الصعيد الدولي، ودوره في إعادة صياغة التحالفات، والسعي الحثيث لخلق منظومة علاقات دولية ذات طابع تعددي‏ات، كل تلك التوجهات والخطوات على الصعيدين الداخلي والدولي كانت ترتبط في الأصل بإعلاء روح المواطنة وغرس فكرة الوطن والانتماء الوطني، والتي أصبحت جلية وواضحة، من خلال تنامي شعبية الرجل محليا والتفاف شعبة من حولة، مما يعبد له الطريق ليس فقط للوصول للحكم بل بأن يصبح مؤسس للمملكة الجديدة.



فقد تبنى خطوات جريئة على صعيد الاصلاح المجتمعي كادت تكون من المجرمات لدى المتشددين، بل ويواجه حالات من الممانعة من قبل من كانوا ينصبون أنفسهم أوصياء على دين الشعب وتدينة، إلا أنه كان صلبا في المواجهة، وماكان معيبا أو حراما، بات من المسلمات النافعه، مثالا لاحصرا (قيادةالمراة) وتمكينها.

تقود المملكة حربا ضروسا في مناحي مختلفة ليس على صعيد الإصلاح الداخلي فقط بل تحديات خارجية كبرى، فقد بات حلفاء الأمس من دول الغرب هم أكبر خطرا على المملكة والمتآمرون عليها، ومن هذا المنطلق اتجهت المملكة نحو محاولات تصفير مشاكلها، لسد ابواب الذرائع والمؤامرات الغربية، و‏ذهب سمو الأمير في خطوة شجاعة إلى السلام مع إيران، حتى لو لم تصدق إيران، إلا أنه يسقط كل شعاراتها في استعداء أمريكا والغرب، وكرهها لاسرائيل، والباقي تتكفلة المواقف والأيام.

ذهب الرجل بعيد الى الشرق متجاوزا التحالفات التقليدية لسابقية، انفتح على الروس خفض انتاج النفط، صنع اقتصادا عالميا موازيا، ‏يؤسس لسوق سياحي في بلاده، كان ينفق مواطنوه الآلاف من الدولارات بعيدا للاستجمام والاستمتاع بالطبيعة والرفاهية خارج بلادهم، يمسك زمام المبادرة بملفات كبرى على الصعيد الاقليمي والدولي، كسر واسقط بن سلمان فكرة أن السعودية مجرد خزانة نقود لمن يحتاج من العرب أو الغرب وحولها لعلاقةاستثمارات ‏وندية وعطاءات، تقابلها مواقف والتزامات. لم يعد الأمر على عواهنه هناك، اليوم في السعودية تحديث وإعادة صياغة لكل شي ابتداء من مفاهيم الدين والتدين مرورا إلى الانتماء الوطني، وتأصيل حب الوطن، ثم نوع وحجم العلاقات الاقليمية والدولية مع الاخرين، وشبكة المصالح الدولية، وترسيخ اقتصاد قوي قادر ‏بعيدا عن الاقتصاد اليتيم القائم على مؤشرات برنت وتقلبات أمزجة الغرب في شراء الطاقة، ممن يعتبرونهم مخازن لهم في المنطقة العربية، صنع بن سلمان اقتصادا عالميا يتجه إلى كثير من التوازن، بل استخدم سلاح النفط للمرة الثانية في تاريخ الأمة والتي سبقه اليها احد اعمامه، انه حقا يبني وطنا.