ولادة نظام عالمي جديد
الأربعاء - 19 أبريل 2023
Wed - 19 Apr 2023
إن ما يحصل في العالم من صراعات حادة لتحقيق المصالح السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية وعودة الحروب الباردة وحروب الوكالة وبروز التهديد بالحروب النووية وظهور التكتلات السياسية والاقتصادية والأحلاف العسكرية ذات الصفات الاستعمارية، هي أمور غير مسبوقة.. وقد سجل المراقبون نتيجة لذلك متغيرات جديدة لم تمنع وقوعها المحددات والضوابط الواردة في معاهدات ومواثيق الأمم المتحدة مثل قوانين سيادة الدول والشعوب وحقوق الإنسان (فلسطين والروهينجا وغيرها) ومنع انتشار الأسلحة النووية.
وعادت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والمصطلح على تسميتها بالدول الغربية التي تمثلها أمريكا الشمالية وأوروبا ومن تحالف معها، ونظيرتها في المعسكر الشرقي ويمثلها الصين وروسيا وكوريا الشمالية والدول الحليفة لها.. إلى ساحات الحروب الباردة المرتفعة الحادة والحروب السياسية والاقتصادية والعسكرية الكبرى مثل حرب أوكرانيا وروسيا وحروب التوسع في الشرق الأوسط التي أسقطت مفاهيم سيادة الدول والشعوب وللدلالة على ذلك نشير إلى الصراع بين أمريكا والصين بشأن زعامة العالم وقضية تايوان وبروز احتمال الصدام بين الدول الكبرى في بحر الصين والمحيط الهادي والجزر اليابانية والفلبينية وغيرها.
ولا شك أن صراع حرب أوكرانيا وروسيا قد أدى إلى سقوط مبدأ قدسية السيادة الوطنية وأدى كذلك إلى أن حلف الناتو تجاوز الخطوط الروسية الحمراء عندما صار له حدود طويلة مع روسيا بعد انضمام دول البلطيق وفلندا وطلب السويد الانضمام للحلف، ومرة أخرى بسبب حرب أوكرانيا فرضت عقوبات شديدة لأول مرة على دولة كبرى هي روسيا وصار واردا احتمال الصدام بين روسيا والغرب مما أدى إلى قيام الرئيس الفرنسي «ماكرون» بزيارة للصين وقد اصطحب معه رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لاين» بهدف إقناع الصين بالابتعاد عن روسيا وطلب منها إيجاد مبادرة حل سياسي للحرب الأوكرانية الروسية ترضى بها روسيا وأوكرانيا وحلفاؤهما، حيث إن هذه الحرب قد ألقت بظلالها على العالم وأحدثت تغيرات جذرية في العلاقات والتكتلات الدولية، ووضعت هيبة أمريكا وهيمنتها على النظام العالمي على المحك وأعطت الفرصة لكثير من الدول وأولها روسيا والصين والهند وكوريا الشمالية ودول من أمريكا اللاتينية وغيرها لرفض الهيمنة الغربية الإمبريالية على الدول الأخرى بسبب سياسات الغرب التي يدعي خصومهم بأنها غير عادلة وأنها تكيل بمكيالين في القضايا الدولية.
لقد كان من نتائج زيارة «ماكرون» للصين ما أوضحه ماكرون في مؤتمره الصحفي الذي طالب فيه أوروبا الاستقلالية والابتعاد عن التبعية لأمريكا وأن تتخلى أوروبا عن التعامل بالدولار كعملة رئيسية عالمية وهذا مؤشر مهم لتحول استراتيجي كبير أيدته دول كثيرة وأيدته كذلك المفوضية الأوروبية.
ومن المهم الإشارة إلى أنه في سياق المتغيرات الدولية والإقليمية يشير المحللون والمراقبون إلى الصلح الذي قادته الصين لعودة العلاقات بين السعودية وإيران على مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وما نتج عنها من بدء خطوات إنهاء الحرب الأهلية في اليمن وأن هذه الخطوة من السعودية تشير إلى رفض السياسات الغربية التي تدير صراعات الشرق الأوسط لتجذيرها وإطالتها ولا تريد حلها كما فعلت في اليمن وتفعل في فلسطين ولبنان وليبيا والسودان والعراق وغيرها.
ومن المتغيرات في إقليم الشرق الأوسط بدء العرب محاولات عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد سنين طويلة بسبب عدم رغبة أمريكا وأوروبا في حل قضية الشعب السوري واستخدام ذريعة الإرهاب للسعي لتقسيم سوريا إلى عدة دويلات من أجل أمن اسرائيل. ومن المتغيرات في إقليم الشرق الأوسط نتائج أحداث «رمضان 2023» في المسجد الأقصى وفشل محاولات حكومة إسرائيل الحالية تنفيذ سياسة تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود وما قام ويقوم به المستوطنون الإسرائيليون في المسجد الذي يسمونه جبل هيكل سليمان من ضرب للمصلين وتدمير وإحراق البيوت والممتلكات الفلسطينية في عدة مدن وبلدات وقرى فلسطينية دون أي اعتبار لأي اتفاقيات إقليمية أو معاهدات أو قرارات دولية.. هذا أوجد متغير هام جدا وهو توحيد المواقف العربية ضد ممارسات إسرائيل وتوحد ساحات المقاومة الفلسطينية في داخل كل فلسطين المحتلة وغزة وسوريا ولبنان وإطلاق الفلسطينيين عشرات الصواريخ من الشمال والجنوب على إسرائيل دون ردود فعل تذكر من إسرائيل، يقابله متغير انقسامات شديدة داخل إسرائيل لأول مرة منذ إنشائها بسبب سياسات رئيس وزراء إسرائيل «بنيامين نتنياهو» ووزرائه الإرهابيين الذين تؤيدهم وتحميهم الدول الغربية مما أدى إلى بروز أصوات محلية إسرائيلية وإقليمية ودولية تدين اعتداءات المستوطنين ورفض أمريكا والغرب على استحياء ودول مجلس الأمن والمجتمع الدولي تغيير الحقائق التاريخية للمسجد الأقصى وإدانة تصريحات وزيري الأمن والمالية في إسرائيل التي تؤيد إبادة الفلسطينيين وإخراجهم من إسرائيل وتهويد المسجد الأقصى.
إن من أهم المتغيرات الدولية تخلي الهند وماليزيا ودول أخرى عن الدولار في التعاملات الاقتصادية والتجارية بسبب سياسات أمريكا السيئة، إضافة إلى بداية تململ وتمرد أفريقيا على النفوذ الغربي في القارة السوداء وطرد فرنسا من دول أفريقية كانت حليفة وتابعة لها وما تقوم به كوريا الشمالية من تهديد في شرق آسيا وفنزويلا ودول أخرى في أمريكا اللاتينية من معاداة للسياسات الأمريكية.
كل ذلك يقودنا إلى حقيقة كبرى وهي أن العالم مقبل على مخاض فيه الفناء أو البقاء، إما أن تؤدي آلامه إلى ولادة نظام عالمي عادل وجديد أو تؤدي لانفجار حروب سقفها الأعلى استخدام أسلحة نووية لا تبقي ولا تذر، ويُشبّه المحللون آلام ونتائج الصراعات الحالية في العالم بآلام المخاض لدى المرأة الحامل عند ولادتها.. ويقولون بأنه قد تولد المرأة بطفل ميت أو هي تموت (فناء) وقد يكون الطفل سليما وأمه كذلك (بقاء).
إن مخاض الصراعات العالمية الحالية قد تكون نتائجها حدوث متغيرات كبرى تؤدي لولادة نظام عالمي قد يكون سليما أو مشوها أو متوازنا وقد تكون نتيجة تلك الصراعات دمار وخراب بسبب نتائج حروبها السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية من أجل فرض السيادة الأحادية على العالم، وقد تقضي تلك الحروب في حالة استخدام السقف النووي على الحضارة العالمية وزوالها وهي التي بناها الإنسان منذ نشأته على مدى عصور.
Hussain_Moalwi@
وعادت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والمصطلح على تسميتها بالدول الغربية التي تمثلها أمريكا الشمالية وأوروبا ومن تحالف معها، ونظيرتها في المعسكر الشرقي ويمثلها الصين وروسيا وكوريا الشمالية والدول الحليفة لها.. إلى ساحات الحروب الباردة المرتفعة الحادة والحروب السياسية والاقتصادية والعسكرية الكبرى مثل حرب أوكرانيا وروسيا وحروب التوسع في الشرق الأوسط التي أسقطت مفاهيم سيادة الدول والشعوب وللدلالة على ذلك نشير إلى الصراع بين أمريكا والصين بشأن زعامة العالم وقضية تايوان وبروز احتمال الصدام بين الدول الكبرى في بحر الصين والمحيط الهادي والجزر اليابانية والفلبينية وغيرها.
ولا شك أن صراع حرب أوكرانيا وروسيا قد أدى إلى سقوط مبدأ قدسية السيادة الوطنية وأدى كذلك إلى أن حلف الناتو تجاوز الخطوط الروسية الحمراء عندما صار له حدود طويلة مع روسيا بعد انضمام دول البلطيق وفلندا وطلب السويد الانضمام للحلف، ومرة أخرى بسبب حرب أوكرانيا فرضت عقوبات شديدة لأول مرة على دولة كبرى هي روسيا وصار واردا احتمال الصدام بين روسيا والغرب مما أدى إلى قيام الرئيس الفرنسي «ماكرون» بزيارة للصين وقد اصطحب معه رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لاين» بهدف إقناع الصين بالابتعاد عن روسيا وطلب منها إيجاد مبادرة حل سياسي للحرب الأوكرانية الروسية ترضى بها روسيا وأوكرانيا وحلفاؤهما، حيث إن هذه الحرب قد ألقت بظلالها على العالم وأحدثت تغيرات جذرية في العلاقات والتكتلات الدولية، ووضعت هيبة أمريكا وهيمنتها على النظام العالمي على المحك وأعطت الفرصة لكثير من الدول وأولها روسيا والصين والهند وكوريا الشمالية ودول من أمريكا اللاتينية وغيرها لرفض الهيمنة الغربية الإمبريالية على الدول الأخرى بسبب سياسات الغرب التي يدعي خصومهم بأنها غير عادلة وأنها تكيل بمكيالين في القضايا الدولية.
لقد كان من نتائج زيارة «ماكرون» للصين ما أوضحه ماكرون في مؤتمره الصحفي الذي طالب فيه أوروبا الاستقلالية والابتعاد عن التبعية لأمريكا وأن تتخلى أوروبا عن التعامل بالدولار كعملة رئيسية عالمية وهذا مؤشر مهم لتحول استراتيجي كبير أيدته دول كثيرة وأيدته كذلك المفوضية الأوروبية.
ومن المهم الإشارة إلى أنه في سياق المتغيرات الدولية والإقليمية يشير المحللون والمراقبون إلى الصلح الذي قادته الصين لعودة العلاقات بين السعودية وإيران على مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وما نتج عنها من بدء خطوات إنهاء الحرب الأهلية في اليمن وأن هذه الخطوة من السعودية تشير إلى رفض السياسات الغربية التي تدير صراعات الشرق الأوسط لتجذيرها وإطالتها ولا تريد حلها كما فعلت في اليمن وتفعل في فلسطين ولبنان وليبيا والسودان والعراق وغيرها.
ومن المتغيرات في إقليم الشرق الأوسط بدء العرب محاولات عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد سنين طويلة بسبب عدم رغبة أمريكا وأوروبا في حل قضية الشعب السوري واستخدام ذريعة الإرهاب للسعي لتقسيم سوريا إلى عدة دويلات من أجل أمن اسرائيل. ومن المتغيرات في إقليم الشرق الأوسط نتائج أحداث «رمضان 2023» في المسجد الأقصى وفشل محاولات حكومة إسرائيل الحالية تنفيذ سياسة تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود وما قام ويقوم به المستوطنون الإسرائيليون في المسجد الذي يسمونه جبل هيكل سليمان من ضرب للمصلين وتدمير وإحراق البيوت والممتلكات الفلسطينية في عدة مدن وبلدات وقرى فلسطينية دون أي اعتبار لأي اتفاقيات إقليمية أو معاهدات أو قرارات دولية.. هذا أوجد متغير هام جدا وهو توحيد المواقف العربية ضد ممارسات إسرائيل وتوحد ساحات المقاومة الفلسطينية في داخل كل فلسطين المحتلة وغزة وسوريا ولبنان وإطلاق الفلسطينيين عشرات الصواريخ من الشمال والجنوب على إسرائيل دون ردود فعل تذكر من إسرائيل، يقابله متغير انقسامات شديدة داخل إسرائيل لأول مرة منذ إنشائها بسبب سياسات رئيس وزراء إسرائيل «بنيامين نتنياهو» ووزرائه الإرهابيين الذين تؤيدهم وتحميهم الدول الغربية مما أدى إلى بروز أصوات محلية إسرائيلية وإقليمية ودولية تدين اعتداءات المستوطنين ورفض أمريكا والغرب على استحياء ودول مجلس الأمن والمجتمع الدولي تغيير الحقائق التاريخية للمسجد الأقصى وإدانة تصريحات وزيري الأمن والمالية في إسرائيل التي تؤيد إبادة الفلسطينيين وإخراجهم من إسرائيل وتهويد المسجد الأقصى.
إن من أهم المتغيرات الدولية تخلي الهند وماليزيا ودول أخرى عن الدولار في التعاملات الاقتصادية والتجارية بسبب سياسات أمريكا السيئة، إضافة إلى بداية تململ وتمرد أفريقيا على النفوذ الغربي في القارة السوداء وطرد فرنسا من دول أفريقية كانت حليفة وتابعة لها وما تقوم به كوريا الشمالية من تهديد في شرق آسيا وفنزويلا ودول أخرى في أمريكا اللاتينية من معاداة للسياسات الأمريكية.
كل ذلك يقودنا إلى حقيقة كبرى وهي أن العالم مقبل على مخاض فيه الفناء أو البقاء، إما أن تؤدي آلامه إلى ولادة نظام عالمي عادل وجديد أو تؤدي لانفجار حروب سقفها الأعلى استخدام أسلحة نووية لا تبقي ولا تذر، ويُشبّه المحللون آلام ونتائج الصراعات الحالية في العالم بآلام المخاض لدى المرأة الحامل عند ولادتها.. ويقولون بأنه قد تولد المرأة بطفل ميت أو هي تموت (فناء) وقد يكون الطفل سليما وأمه كذلك (بقاء).
إن مخاض الصراعات العالمية الحالية قد تكون نتائجها حدوث متغيرات كبرى تؤدي لولادة نظام عالمي قد يكون سليما أو مشوها أو متوازنا وقد تكون نتيجة تلك الصراعات دمار وخراب بسبب نتائج حروبها السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية من أجل فرض السيادة الأحادية على العالم، وقد تقضي تلك الحروب في حالة استخدام السقف النووي على الحضارة العالمية وزوالها وهي التي بناها الإنسان منذ نشأته على مدى عصور.
Hussain_Moalwi@