عبدالمعين عيد الأغا

«السكريون» وفرحة العيد

الثلاثاء - 18 أبريل 2023

Tue - 18 Apr 2023

نحتفل جميعا بعد ساعات محدودة بحلول عيد الفطر المبارك، بعد أن شهدنا روحانية شهر الخير وجمال أيامه وعظمة بركاته، ومع عودة الحياة إلى طبيعتها خلال أيام العيد قد يتعرض بعض مرضى السكري وتحديدا الأطفال المصابين بالمرض إلى عدم استقرار نسبة سكر الدم بسبب الخروج عن النمط الصحي واختلاف منظومة الجسم في تناول كل ما لذ وطاب من الأطعمة والحلويات والمشروبات السكرية أو الغازية وخصوصا في الولائم والعزائم التي تقام طوال أيام العيد، إضافة إلى تناول الأطعمة الدسمة والوجبات السريعة التي تكون عالية في محتواها من الدهون والسعرات الحرارية، وهنا تزداد المخاطر ويكون التحدي الحقيقي لأطفال السكري.

وللأسف بعض الأطفال ومع فرحة قدوم العيد وأيامه الجميلة وتناول وجباته الشهية وحلوياته اللذيذة قد يتجاهل إجراء التحليل المتكرر لقياس سكر الدم لضمان معدلاته المطلوبة (إذا كان من المرضى الذين يستخدمون الجهاز المنزلي) أما المرضى الذين يستخدمون الأجهزة الحديثة للقياس فإن الإشارات التحذيرية والتنبيهية تنطلق لهم فورا عند حدوث أي اختلال في نسبة سكر الدم، مما يجعلهم يتصرفون بسرعة في معالجة الموقف، فعدم التقيد بالخطة الصحية قد يدفع بعض أطفال السكري إلى مراجعة طوارئ المستشفيات أيام العيد (لا سمح الله).

ومن الأمور الملاحظة أيضا، أنه يفشل الكثير من الأطفال وخصوصا المصابين بالسكري النمط الثاني (غير المعتمد على الأنسولين) في المحافظة على وزنه أيام العيد المبارك بسبب تناول المزيد من الطعام، لذا يجب الاهتمام والحرص المضاعف أيام العيد وألا يكون جل وقت الطفل ومنتهى اهتمامه الإفراط في تناول الحلويات والسكريات والتي يزيد بها وزنه ويرهق بها معدته، إذ يجب أن يكون العيد وأيامه فرصة حقيقية للتأهب والعودة للدراسة بعد العيد بوزن متزن وسكر متحكم به وجسم سليم.

ولتفادي التعرض لأي مشكلات ناتجة عن اختلال نسبة سكر الدم خلال أيام العيد المبارك أنصح جميع أبنائي المصابين بالسكر وخصوصا المصابين بالنمط الأول بالمحافظة على مراقبة قراءات ومؤشرات تحليل السكر عدة مرات في اليوم، فهو أساس العلاج والوقاية، وذلك للاكتشاف المبكر للارتفاع أو حتى الانخفاض في مستوى سكر الدم، والحرص على أخذ الأنسولين وفق الخطة العلاجية الموضوعة، ومراعاة التغيير المفاجئ للنمط الغذائي في أيام العيد والانتقال إلى الأطعمة التي تعد غير متوازنة غذائيا والتي ترتكز في أغلبها على المواد النشوية والسكرية والدهون؛ ما يؤدي إلى إرباك الجهاز الهضمي، كما أن التغيير المفاجئ في توقيت الوجبات الغذائية ونوعياتها سيربك الجهاز الهضمي ويسبب متاعب صحية لكثير من مرضى السكري صغيرهم وكبيرهم، مثل حالات التلبك المعوي وآلام المعدة والأمعاء والانتفاخ والإسهال الحاد وغيرها، لذا يجب الحذر من هذا الجانب، كما أنصح بالمحافظة على انتظام مواعيد تناول الطعام، والتعود على القيام من على المائدة بمعدة غير ممتلئة وتناول الماء بدلا من العصائر المحتوية على نسبة عالية من السكريات، والحرص على ممارسة الرياضة المحددة للمحافظة على حيوية الجسم، والنوم المبكر والاستيقاظ مبكرا، فالنوم الصحي يساعد الطفل على استقرار حالته النفسية والصحية، وتجنب السهر بحجة العيد والحد من استخدام الجوال أو الأجهزة الأخرى لساعات طويلة وهو ما ينعكس أثره سلبا في الرغبة في تناول وجبات وأطعمة غير صحية.

ويجب على الوالدين والمحيطين بالطفل المصاب بالسكري الانتباه لعلامات الخطورة لدى أطفال السكري خلال أيام العيد التي تشير إلى ارتفاع أو انخفاض معدل السكر بالدم، مثل الشعور بالعطش الشديد، غثيان وقيء، آلام في البطن، قصر النفس والشعور بالإرهاق والتعب، إذ إن الأطفال المصابين بالسكري يحتاجون إلى عناية خاصة خلال أيام العيد تحديدا، حيث يتعين لهم اختيار أنواع الحلويات المناسبة التي لا تحتوي على السكريات، ويفضل الوصفات الصحية المنزلية المصنوعة من الفواكه الطازجة، على أن تكون الكمية قليلة للتحكم في الكمية التي يتناولها، كما يجب التأكد من حصول الطفل على دوائه في المواعيد الصحيحة، ومتابعة معدل السكر بالدم بصورة منتظمة طوال أيام العيد.

وأخيرا.. العودة إلى الحياة الطبيعية مع بدء العيد لا يعني لمصاب السكري كسر النظام الصحي بل مزيدا من العناية والاهتمام؛ فأهم عوامل استقرار سكر الدم هو الإدارة الجيدة للمرض وتجنب كل المؤثرات التي تجعل المصاب في حالة تعكر مزاج ونفسية متقلبة.