خالد عمر حشوان

اصطحاب الأطفال إلى المساجد

الثلاثاء - 18 أبريل 2023

Tue - 18 Apr 2023

سئل الإمام ابن باز عن اصطحاب الأطفال إلى المساجد وهل هو حرام أو مكروه أو جائز؟ فكانت إجابته بأنه أمر مستحب بل ويشرع اصطحاب الأطفال بعد بلوغ السابعة من العمر؛ لأنهم بذلك يكونون مؤهلين للصلاة ويبلغون مبلغ الأدب والتمييز ويعلمون كيفية أدائها والتعود عليها مع المسلمين، أما الأطفال من هم دون السابعة فالأولى عدم الذهاب بهم إلى المساجد؛ لأنهم قد يقومون بمضايقة جماعة المسلمين والتشويش عليهم وإزعاجهم هذا بالإضافة إلى أنه لا تشرع لهم الصلاة، وكما قال المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع».

من المؤسف أننا نجد البعض من الناس يتساهلون في إحضار أطفال دون سن السابعة وخاصة في شهر رمضان المبارك ممن يزعجون المصلين ويضايقونهم باللعب واللهو والأصوات والبكاء والاحتكاك بالمصلين وكثرة الحركة والعبث في ملابس المصلين ومقتنياتهم والمرور أمام المصلين والتلاعب بعبوات المياه مما يؤثر على الخشوع والذكر والطمأنينة التي جُعِلَت المساجد من أجلها والتي من المفترض تعظيمها وتقديسها والمحافظة على الهدوء فيها.

نحن هنا لا نشجع إجبار الأطفال على الخروج من المساجد لما له من تأثير سلبي في نفوسهم وقد يصل لحد كره الصلاة وعدم الحضور للمساجد مستقبلا، لذلك لابد من تهيئة الأطفال من المنازل قبل حضورهم للمساجد وتعريفهم بعظمة المساجد وقدسيتها وما يجب عليهم فعله منذ دخولها وحتى الخروج منها؛ لأن المساجد هي بيوت الله في الأرض وأحب البقاع إليه وأمر أن ترفع ويذكر فيها اسمه وأضافها الله إلى نفسه وأمر أن تُطهّر وتصان لتمكين عمّارها من العبادة والصلاة والذكر وقراءة القرآن فيها.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله «يصان المسجد عما يؤذيه، ويؤذي المصلين فيه، حتى رفع الصبيان أصواتهم فيه، وكذلك توسيخهم لحصره ونحو ذلك، لا سيما إن كان وقت الصلاة فإن ذلك من عظيم المنكرات».

تهيئة الأطفال للمساجد هي خطوات لابد للآباء والأمهات الاهتمام بها، مثل:

- تهيئتهم نفسيا للمساجد واستشعار عظمتها في نفوسهم وأنها أماكن عبادة لا لعب ولهو وإزعاج أو تسلية.

- حثهم على الاستعداد للذهاب للمساجد بنظافة البدن وارتداء الملابس النظيفة واللائقة بالمساجد.

- قبل الدخول تدريبهم على وضع الأحذية في الأماكن المخصصة لها خارج المساجد وعدم مزاحمة الكبار ومدافعتهم.

- تعليم الأطفال دخول المساجد بهدوء وسكينة وبالقدم اليمنى مع ذكر دعاء الدخول «اللهم افتح لي أبواب رحمتك».

- الحرص على أداء ركعتي تحية المسجد عند الدخول وقبل الجلوس كما علمنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.

- تدريب الأطفال على حسن التعامل بالاستئذان عند الجلوس بين اثنين وآداب سماع الوعظ والإرشاد في المساجد.

- الانشغال بقراءة القرآن أو الحفظ أو الدعاء أو الذكر بين الأذان والإقامة بصوت خافت لعدم إزعاج المصلين.

- عدم المرور من أمام المصلين وخاصة لمن يصلي وحدة؛ لأنه لا يجور، وقد حذر منه المصطفى عليه الصلاة والسلام.

- تعليم الأطفال النظام في المساجد من خلال الصفوف المتراصة والحفاظ على الترتيب مع الجماعة وقلة الحركة.

- حث الأطفال على حسن الاستماع والإنصات لقراءة الإمام أو خطبة الجمعة أو العيدين ومحاولة فهمها جيدا.

- حرص الآباء على جلوس الأطفال بجوارهم في المسجد لمراقبة تصرفاتهم وتوجيههم والتفريق بينهم في الصلاة.

- تعليم الأطفال الأذكار بعد الانتهاء من الصلاة وعدم العجلة في الخروج وتخطي المصلين والاحتكاك بهم ومضايقتهم.

- القدوة الحسنة من الآباء في التصرفات داخل المساجد من أهم الطرق التي يتعلم منها الأطفال آداب المساجد.

رسالتي هي خاصة لكل الآباء والأمهات الذين يتركون أطفالهم إما للذهاب للمساجد وحدهم أو تركهم في المساجد دون مراقبة لكي يرتاحوا من ضجيجهم وإزعاجهم، فأنتم تؤلمون وتؤذون مصلين في المساجد حضروا لعبادة الملك القدوس والتقرب إليه وتزعجونهم وتقطعون خشوعهم، وقد يتسبب ذلك في تشتيت ذهن الإمام وهو يقرأ (وهو ما أكده لي أحد الأمة في يوم من الأيام)، هذا بالإضافة إلى دعوة قد يدعي بها مصلي على هؤلاء الأطفال المزعجين وتلقى القبول من الله في تلك اللحظة وتصيبهم؛ حيث لا ينفع الندم، لذلك لابد لهؤلاء الآباء والأمهات مراعاة حقوق بيوت الله ورعايتها وحفظها من الإزعاج والضجيج والمحافظة على نظافتها وأمر أبنائهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر فيها واحترام المصلين؛ لأن الأبناء أمانة كي لا يقعوا في خيانة الأمانة كما قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتمْ تعلمون)، وأنتم أيضا مسؤولون عنهم أمام الله كما قال المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته».

HashwanO@