علي المطوع

سوريا والإجماع الداخلي الأهم

الأحد - 16 أبريل 2023

Sun - 16 Apr 2023

في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد في جدة مؤخرا، لم يصل المجتمعون إلى حالة الإجماع التي تخولهم إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، بعد أن تم تعليق عضويتها على خلفية الأحداث الداخلية التي كانت تعصف بها.

خمس دول على أقل تقدير ترفض هذه العودة بحجة أن الأسباب التي دعت الأعضاء لتعليق عضويتها ما زالت قائمة، وأعضاء آخرون يريدون التعاطي مع سوريا بواقع اليوم والتغيرات التي آلت إليها أوضاع المنطقة.

على الطرف الشمالي، هناك غزل بين تركيا وسوريا لإعادة العلاقات بين الطرفين، في خطوة تؤكد براجماتية السياسة التركية القائمة على التعامل مع الواقع المستجد بواقعية تضمن انسيابية الأمور بين البلدين، والوصول إلى صيغ من الأعمال المشتركة لإعادة ترسيخ وضع يضمن استقرارهما.

تركيا لديها لاجئون سوريون يتجاوز عددهم الثلاثة ملايين، ولديها حضور في الشمال السوري سمته المناطق الآمنة، في حين أن الحكومة السورية تعتبر ذلك احتلالا، وأن زواله هو الشرط الذي كانت وما زالت تجعله أساسا لأي عملية تقارب مع الجارة الشمالية.

على الجانب الدولي الأهم، الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها الغربيين، لديهم موقف سيئ مع الحكومة السورية، هذا الموقف المتعنت ربما يكون المظلة التي تستظل به بعض الدول المتحفظة على عودتها إلى المنظومة العربية، وهنا تكمن العقدة التي لابد لها من حلحلة تفضي إلى حل.

المنطقة العربية ومنذ اتفاق العلا الشهير وهي تسير باتجاه تصفير المشاكل البينية بين دول المنطقة، هذا النهج نجح في إعادة قطر إلى عمقها الخليجي، وبعدها كانت تركيا محطة أخرى لتصفير المشاكل والتي تجسرت بينها وبين بعض دول المنطقة علاقات بينية جيدة وجديدة، طوت صفحات من الخلافات عكرت صفو العلاقات البينية بين تلك الدول وبينها، ثم جاء الاتفاق مع إيران كمحصلة مهمة لهذا التوجه، والذي يؤكد أن العلا واتفاقها، كانا المفتاح السحري الذي فتح آفاقا جديدة من المصالحات في المنطقة العربية.

من وجهة النظر المصلحية، فإن عودة سوريا للجامعة العربية أمر محتوم، بغض النظر عن مواقف الدول المعترضة على هذه العودة، فالدول القيادية في المنطقة تعمل على إنجازه، كونها ترى في عودتها تهدئة للأوضاع في المنطقة، واستمرارا لنهج السياسات التصالحية، الذي تسير عليه هذه الدول مع بعضها البعض، فسوريا الدولة، مهمة لاستقرار المنطقة وتهدئة أوضاعها، إضافة إلى أن دول الخليج تحديدا وخاصة السعودية مقبلة على مشاريع تنموية استثنائية عاجلة، وهذا يتطلب أن يكون الشرق الأوسط في قمة استقراره نظرا للعوامل المشتركة التي تجمع دوله وشعوبه، وفي ظل قدرة وتميز بعض دول المنطقة كالسعودية وقيادتها على استشراف المستقبل القادم في المنطقة وجعله أكثر إشراقا إن هي تكاملت تلك الدول ثم تجاسرت على حل خلافاتها البينية، بما يضمن حصول شراكات اقتصادية فاعلة، تجعل المنطقة العربية الكيان الاقتصادي القادم والأهم، الذي يمكنه تغيير خارطة العالم، وصناعة مناطق نفوذ جديدة، تقوم على الأبعاد الاقتصادية أولا والتي تضمن لشعوب المنطقة ريادة قادمة، وحضور مختلف، وتصنع للعالم منطقة استراتيجية جديدة تسهم في زيادة رفاهة وضمان استقراره.

بقت المصالحة السياسية للأطياف السورية أمرا مهما للعودة، فبدون تلك المصالحة لا يمكن لسوريا أن تكون دولة مستقرة ولا مستقلة، وهذا يتطلب جهدا عربيا كبيرا، لإقرار تلك المصالحة، والعمل على عودة اللاجئين، ودعم هذا البلد بمتطلبات النهوض من جديد، وهذا الأمر يتطلب إجماعا سوريا داخليا؛ ليكون الأساس لأي تسوية سياسية قادمة، تعيد الأمل للسوريين وتعود بسوريا الدولة إلى محيطها العربي من جديد.

alaseery2@