السودان على فوهة بركان

خلافات المكون العسكري تهدد بحرب أهلية وتعيد البلاد لنقطة الصفر قتلى وجرحى بين العسكريين والمدنيين.. وبيانات متضاربة وأجواء متوترة
خلافات المكون العسكري تهدد بحرب أهلية وتعيد البلاد لنقطة الصفر قتلى وجرحى بين العسكريين والمدنيين.. وبيانات متضاربة وأجواء متوترة

الأحد - 16 أبريل 2023

Sun - 16 Apr 2023

على نحو متسارع تلاحقت الأحداث في السودان خلال الأيام القليلة الماضية لتتكشف تفاصيل أزمة كبيرة داخل المكون العسكري يحذر مراقبون من أنها قد تفتح الباب أمام حرب أهلية لا تبقي ولا تذر في البلد الذي يعاني أساسا من دوامة لا تنتهي من الصراعات منذ سنوات.

ويرى مراقبون أن خطورة الأزمة هذه المرة تكمن في أنها، ليست كسابقاتها بين العسكريين والمدنيين، وإنما بين جناحي السلطة النافذة، وهما القوات المسلحة السودانية بقيادة عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وما تعرف بقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، نائب رئيس مجلس السيادة، اللذين كانا يمثلان كيانا واحدا أمام القوى المدنية في المرحلة التي أعقبت الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير.

وحولت حرب الشوارع التي جرت بين الطرفين طوال أمس، أصدقاء الأمس إلى أعداء اليوم، في أعقاب استخدام القوات الجوية وكافة الأسلحة الثقيلة، وتبادل البيانات والاتهامات، ووصول التوتر إلى ذروته، مما وضع السودان على فوهة بركان.

بداية الأزمة

اعتبر المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات أنه منذ تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي لتسوية الأزمة السياسية في البلاد مطلع الشهر الجاري، وبعد ذلك التأجيل مجددا في 6 أبريل بسبب الخلاف حول بند الإصلاحات الأمنية والعسكرية وبروز الخلاف حول دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، بدا أن الأوضاع في السودان تتجه نحو مزيد من التعقيد. وبلغ التوتر ذروته مع وصول تعزيزات عسكرية للدعم السريع قبل يومين إلى مدينة مروي في ولاية نهر النيل شمالي السودان والشروع في بناء مقرات ومبان جديدة حول مطار المدينة الاستراتيجية، وهو ما زاد شكوك الجيش بأن قوات الدعم السريع تتحرك منفردة وتخطط لعمل ما ودون التنسيق مع الجيش في خطوة تشكك في أهداف هذه التحركات، ليدفع الجيش السوداني هو الآخر بتعزيزات إلى مروي فجر الخميس الماضي في ظل شحن سياسي وشعبي من مختلف الاتجاهات، بحسب المركز الأفريقي للأبحاث.

وتقول بعض الروايات أن قوات الدعم السريع دفعت بنحو 100 آلية عسكرية إلى موقع قريب من القاعدة الجوية العسكرية هناك، ما استفز الجيش الذي وصف هذا التحرك بغير القانوني مما أشعل الأزمة.

خلافات عميقة

وعزا المركز كل هذه الخلافات إلى الشقاق السياسي والخلافات العميقة للقوى السياسية السودانية حول إدارة الفترة الانتقالية واستحقاقاتها، إضافة إلى الهوة الشاسعة بين الأطراف المختلفة التي تتخندق مع الجيش أو الدعم السريع، فضلا عن طموح دقلو في تشكيل مستقبل السودان ولعب دور رئيس فيه مع اتجاه معاكس للجيش يسعى لتحجيم دور الدعم السريع وإدماجه في الجيش وبالتالي التقليل من أي دور سياسي بارز مستقبلا.

واستشعارا لخطورة الموقف تعالت دعوات من وسطاء وأطراف سودانية إلى نزع فتيل التوتر، ونقلت بوابة «سودان تريبيون» الإخبارية عن وسطاء أن دقلو أبدى استعداده للجلوس مع البرهان «دون قيد أو شرط»، لحل الأزمة الناشبة بين أكبر قوتين عسكريتين بالبلاد، وأبدى التزامه بـ»عدم التصعيد». وكان مبعوثون وممثلون خاصون من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والنرويج والاتحاد الأوروبي أعربوا عن قلقهم العميق إزاء التقارير التي تتحدث عن تصاعد التوترات في السودان وخطر التصعيد بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

تطورات دموية

وعقد دقلو اجتماعا مشتركا عبر الهاتف مع كل من المبعوث الأمريكي لشؤون شرق أفريقيا والسودان وجنوب السودان، بيتر لورد، والمبعوث البريطاني الخاص للسودان وجنوب السودان، روبرت فيرويذر، والمبعوث النرويجي الخاص للسودان وجنوب السودان، جون أنطون، لبحث التطورات السياسية الراهنة الدموية التي يشهدها السودان، والجهود المبذولة لاستكمال العملية السياسية، وتشكيل حكومة انتقالية مدنية، وصولا إلى تحول ديمقراطي بقيام الانتخابات، حسبما ذكرت وكالة السودان للأنباء (سونا).

وشدد دقلو للمبعوثين الدوليين على التزام الأطراف السودانية التام بما تم التوقيع عليه في الاتفاق، وضرورة خروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، مؤكدا حرصه على تعزيز الاستقرار، والعمل على دعم مسيرة التحول الديمقراطي بالبلاد»، بينما عبر المبعوثون الدوليون عن دعمهم ومساندتهم للاتفاق الموقع في 5 ديسمبر الماضي للخروج من الأزمة بوصفه الأساس لتشكيل حكومة مدنية.

تصريحات متضاربة

وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الخلافات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تصاعدت في الأشهر الأخيرة، مشيرة إلى الدور الذي لعبته قوات دقلو، وهي قوات شبه عسكرية يقدر قوامها بعشرات الآلاف من المقاتلين، وتشكلت أساسا من ميليشيات الجنجويد التي لعبت دورا بارزا لصالح القوات الحكومية في الصراع الذي دام عقودا في إقليم دارفور.

وقالت الصحيفة «إنه على الرغم من تلاقي مصالح الجانبين من قبل، ووجودهما في نفس الخانة من المعادلة، تجلى الشقاق بينهما خلال الأشهر القليلة الماضية، مع تصريحات علنية متضاربة ووجود عسكري مكثف في الخرطوم وزيارات أجنبية متوازية من قبل الجيش وقوات الدعم السريع».

وتقول قوات الدعم السريع «إن وجودها في شمال السودان وأي مكان آخر يستهدف تحقيق الأمن والاستقرار ومكافحة تهريب البشر والهجرة غير الشرعية»، وأشارت الصحيفة إلى أن أساس الخلاف يعود إلى الكيفية التي يجب أن يتم بها دمج قوات الدعم السريع في الجيش وأي سلطة ستشرف على العملية، منوهة إلى أن عملية الدمج شرط أساسي للاتفاق الانتقالي غير الموقع.

ناقوس الخطر

وفيما دق مراقبون ناقوس الخطر من أن التوترات بين الجانبين عند أعلى مستوى على الإطلاق حاليا، أفاد شهود عيان بأن الاشتباكات المسلحة بين الجيش والدعم السريع أدت إلى مقتل عسكريين ومواطنين جرى إسعافهم إلى مستشفيات الخرطوم المختلفة، دون تقديم رقم دقيق.

ووسط استمرار الاشتباكات العسكرية، وإعلان قوات الدعم السريع السيطرة على القاعدة الجوية في منطقة مروي شمال البلاد، اعتبرت المخابرات العامة السودانية أن تلك القوات متمردة.

القوات المسلحة السودانية

  • قوات شبه عسكرية تشكلت عام 2013 من ميليشيات الجنجويد

  • قاتلت نيابة عن الحكومة السودانية خلال الحرب في دارفور

  • تدار من قبل جهاز المخابرات والأمن الوطني والأخير تابع للجيش السوداني

  • توسعت صلاحياتها ولعبت دورا كبيرا بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير


القوات المسلحة السودانية


  • تكون الجيش السوداني عام 1925 وشارك في الحرب العالمية الثانية.

  • خاض المعارك لما يزيد عن 50 عاما في الحرب الأهلية جنوب البلاد من 1955 وحتى 2005.

  • تتراوح قوته بين 100-150 ألف جندي مدعوم بقوات الدفاع الشعبي وتقدر بحوالي 150 ألف مجند.

  • يعتبر من أقوى وأكبر الجيوش في القرن الأفريقي.

  • يمتلك أكثر من 1500 من المدفعية الثقيلة وسرب من طائرات ميج-29 وقاذفات إيه 5 والسخوي 25 وميج-21.

  • لديه أكثر من 100 طائرة هيليكوبتر معظمها من نوع mi-24 وmi-35 وz-9 الصينية وطائرات سوخوي-35 الروسية.