سارة مطر

تهميش الموظفين وأجور المرأة

السبت - 15 أبريل 2023

Sat - 15 Apr 2023

كان الطبيب يقف مرتبكا أمام أسرة المريض، «إنه لن يعيش طويلا؛ لذا عليكم التوقيع على ورقة عدم الإنعاش في حال توقف قلبه أو نفسه»، ويعني بذلك الدكتور أن الفريق الطبي لن يقوموا بما يسمى بـ code blue، ويعد «الرمز الأزرق» رمزا لحالة الطوارئ في المستشفى والإشارة إلى أن المريض يحتاج إلى إنعاش أو إنه بحاجة إلى عناية طبية فورية.

يتوقع الطبيب رفض الأسرة وهو ما يحدث كثيرا، وفي أغلب الأحيان تنتهي حياة المريض على الأخص إذا كانت حالته صعبة للغاية، بالرغم من إصرار أفراد أسرة المريض وعلمهم بأن رفض الرمز الأزرق يمكنه أن يؤلم المريض، حتى أن بعضهم تتكسر أضلاعه أثناء عملية الإنعاش، هذا ما يقوله طبيب العناية المركزة على الدوام، ويكرره أكثر من مرة مع أسر المرضى المصابين بحالة حرجة للغاية.

Code blue ليس موجودا فقط في المستشفيات وغرف العناية المركزة، إنه موجود في مكاتبنا ووظائفنا، حينما يهمش الموظف حتى يترك وظيفته، حينما لا يريد المدير أو رئيس القسم إنعاش الموظف حتى يترك عمله بشكل نهائي، لأي سبب كان يراه المسؤول، لا أحد يخبرني أن ذلك لا يحدث، قضية التهميش للموظفين بدأت تتسع أكثر مما ينبغي، حتى يشعر الموظف بأنه وحيد وغريب في القسم الذي يعمل فيه، وتتعدد الأسباب حتى يبدأ الموظف بالتوقف مثل نهاية الضوء الأحمر، وأستذكر الآن في المسلسلات العربية، حين يغضب رئيس القسم من أحد من موظفيه، فيقوم بعزله ووضعه في الأرشيف.

حيث يعيش وحيدا طوال ساعات عمله مع الأوراق البالية، ويرتب الأوراق والملفات الجديدة، وحتى يصبح الأمر أكثر مرارة وقسوة، يتعامل الموظف المعاقب بازدراء للحياة، حيث يعيش وحيدا بلا زملاء في الغرفة، البعض كان ذكيا فيحاول أن يستغل الوقت الضائع في الأرشيف ليمارس هواياته، فإذا كان يحب الكتابة تجده ينكب طوال ساعات العمل في إنجاز كتابة الشعر أو الرواية، والبعض بالاستمتاع بالقهوة وسماع برامج الإذاعة، فيما يموت البعض من جدران غرف الأرشيف.

أن تركن موظفا يعني ذلك أنك تلغيه من حياته العملية، من مشروعه الخاص بأن يكون كائنا متميزا، أن يكون بلا ذراعين غير قابل للإصلاح، ويعود ذلك لرؤية رئيس القسم أو الإدارة ومفاهيمه عن النظام الإداري، فالبعض لا يفهم كيف يمكن له أن يصنع جسرا بينه وبين موظفيه، وأهمية المنهج العملي، وإنما يلجأ بتبجيل قواعد التكنولوجيا بشدة ويعمد على توثيق الأضرار الثقافية.

ومن غرف الأرشيف إلى قضية فجوة المساواة في العمل بين الرجال والنساء في الأجور، حتى أظهرت دراسة جديدة تابعة لجامعة هارفارد تقول إن النساء أكثر عرضة بنسبة 40 في المئة من الرجال، وأطلقت عليه بثقافة التمييز السام الذي يسود بيئة العمل.

ولدينا في فنانات هوليود أكثر من مثال، حينما أقمن حملات واسعة بسبب عدم المساواة في الأجور بينهن وبين زملائهن.

وبسبب جائحة كورونا توسعت هذه الفجوة على مدى السنوات الماضية، حيث كانت النساء أكثر عرضة من الرجال بنسبة 35 بالمئة للتميز في أماكن العمل!

حقوق الموظف المهمش ومساواة أجور المرأة قضية كبيرة يجب معالجتها، والتخلص من هذه المشاكل سيصب في مصلحة الاقتصاد العالمي.