شاهر النهاري

منطقية المذهب المغامسي الجديد

الخميس - 13 أبريل 2023

Thu - 13 Apr 2023

لعل أكثر المسلمين تفاؤلا يعتبر المذاهب السنية أربعة، والشيعية ثلاثة.

وأن أكثر المسلمين تشاؤما يجد أن المذاهب والفرق الإسلامية أكثر من ذلك بكثير، وبما يتعدى الثلاث والسبعين فرقة، التي ذكرت في حديث أنس بن مالك الصحيح.

ومؤخرا أدهشنا الداعية الإسلامي صالح المغامسي بقوله: «رجائي أن يُنشئ الله على يديّ مذهبا إسلاميا فقهيا جديدا»!

وبالطبع فمحاجة ذلك عقائديا لا يستوي، كون المغامسي يمتلك حافظة مبهرة، وهو أقدر على توظيف المعلومات الفقهية بالصحيح والضعيف من التراث للذود عن رأيه وتمييع أي ثوابت، وتقديم آيات وأحاديث منتقاة يكمل بها صور حُلية ذلك، ويسد الفرج، ويبرز حاجة الأمة، والقول بأنه بشر مثله مثل كل من أنشؤوا المذاهب والفرق الإسلامية على مدى التاريخ، وليس فقط في بدايات الدعوة، ولكن حتى يومنا الحالي، وما البهائيون والقرآنيون والدواعش، وسواهم من الشاطحين، إلا سحرة فنون كلام، يستطيعون رش الرماد على الأعين، وإخراج العفاريت من قماقم التلاعب بالكلمات وتضخيم أضعف التفسيرات، وتوظيف الحروف، لبلوغ مأربهم، والبدء في تكوين فرق تتبعهم.

النقاش مع المغامسي، لا يجب أن يكون فقهيا، فيرد عليه مرتاحا بشاكلة ما يفعله على الشاشات، وهو يرد على أسئلة المشاهدين وكأنه يقرأ من صفحات بيديه!

وعليه فلابد من نقاش علمي، منطقي، بعيدا عن الحفظ.

أسئلة لابد أن تطرح عليه من عقول، ودون تجريح، أو ادعاء امتلاك الحقيقة الوحيدة، فهل تكوين المذاهب المتعددة أمر مستحب لأي عقيدة؟

وما الذي نقل الأدوات الإلهية النبوية لأيدي البشر؟

ألا يسمح حينها للعلماء والدارسين بدراسة شخص المغامسي، سيرته وتاريخه، من جميع الأوجه وصولا لما يظهره من زهد وصلاح سريرة، وما يمتلكه من فتات الدنيا، ومن أين له هذا، وعن تحولاته السابقة في الإفتاء لمعرفة حقيقة صلاح معدنه قبل الحديث عن مذهبه؟

وعلى فرض أنه قادر على صنع مذهب يخصه، فهل سيظل أتباعه مسلمين، أم أن الفرق الأخرى ستكفرهم؟

وكيف سيقنع أتباعه بأنه أفضل وأقوم من كونوا المذاهب والفرق سابقا، وأن يقنع الجميع بالتسلخ مما توارثوه من معلومات وتشريعات وعبادات نقشت في جيناتهم؟

المذهب، الذي يأتي بعد أربعة عشر قرنا من الفكرة الأساسية، ألا يمكن أن يعتبر ثورة عظيمة على الأساس؟ وكيف نفرق بينه وبين صنع ديانة جديدة، طالما أنه سينتقي القليل مما يستطيب، ويهمش الكثير مما يسبب الحرج؟

ما الذي يزيد به المغامسي عن غيره من الحفاظ والدارسين الحاليين للدين الإسلامي، وما هي معايير التنزيه والتبرئة والتقديس الحديثة لمنشئي المذاهب؟

ألا يفتح فعله المجال لكل من أراد أن يصنع مذهبا مختلفا، أم أنه سيمتلك السلطة الصارمة بقفل وتحريم الاجتهاد من بعده؟

إلى أي مدى سيأخذنا مذهبه من نواحي الحلال والحرام، وهل سيشطب حلالا كان في بدايات الدعوة، أو يستبيح حراما متفقا عليه؟

هل يسعى لخلق مذهب عالمي يحتوي أجمل ما في أديان أهل الأرض؟ أو يبنيه بالتوافق مع تعليمات وشروط ومتطلبات منظمات حقوق الإنسان؟

هذه بعض أسئلة منطقية وأخرى لا بد من طرحها، والإجابات يجب أن تكون بالمنطق والعقل، ودون سحب الأمور إلى المنطقة اللولبية، والتي أخرت العالم الإسلامي وشتتته بابتكار مذاهب وفرق تمعن في التحايل للتغلب على صلاحية الزمان والمكان.

shaheralnahari@