ورده عوده

لحظة إدراك: (الرضا الذاتي أولا)

الأربعاء - 12 أبريل 2023

Wed - 12 Apr 2023

لماذا لا نرضى؟

في هذه الحياة عندما نشبع حاجاتنا الأولية تظهر نشوة الحاجات الاجتماعية، فهكذا يثار بنا عدم الرضا بفجوة الذي ينقصنا.

المزيد أو دعوني أسميها (شراهة المزيد) كالنار التي لا تتوقف من التهام حطبها.

شخصان..أحدهما لديه بيت فاخر وسيارة حديثة لكنه لا ينام ليله من شدة ألم ظهره، والآخر لديه شقة مستأجرة وسيارة؛ لكنها بعد كل فترة تحتاج للتصليح وفي ليله ينام بعمق.

يختلفان في حياتهما والغريب أن جميعهما يتفقان بأنهما غير راضيين عن حياتهما، وربما يتمنيان حياة بعضهما!.

كلاهما لا يشعران بالرضا؛ لأنهما دائما يريان جهة الكأس الفارغة؛ فالحياة تلعب دورها هنا مع الأيام لتريهما الجهة الأخرى من الكأس عندما يتبدل الحال إلى أسوأ فيتمنى كل منهما العودة إلى سابق عهده حيثما كان بنعمة يحسد عليها ولم يدرك.

هنا نختار كلمة (لحظة إدراك) الشهيرة ونصف فيها حالهما لذلك نعود أنفسنا أن نرضى بما لدينا ونقنع بما لنا وبما الله رزقنا ووهبنا وقدر لنا ولا يعني أن نسخط أو نتأفف ونندب حظنا وندخل بدوامة الاكتئاب بل يجب علينا التفاؤل ثم السعي للأفضل.

وهناك فرق بين الصبر والرضا؛ فالصبر واجب على كل مكروه، والرضا أعلى درجة، وهي مستحبة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية "الرضا بالمصائب كالفقر والمرض والذل مستحب في أحد قولي العلماء وليس بواجب، وقد قيل: إنه واجب، والصحيح أن الواجب هو الصبر".

وأما الراضي: فلا يجد ذلك الضيق والألم؛ لأنه يعلم أن الله تعالى لن يختار له إلا ما هو خير، فهو يتقلب فيما يختاره الله بنفس راضية مطمئنة.

هناك درجة أعلى من الرضا وهي درجة الشكر، بأن يشكر الإنسان الله تعالى على ما أصابه من بلاء وشدة، فيرى أن ما أصابه كان نعمة من الله ولذلك يقوم بشكرها، ويشمل شعور الإنسان بالرضا الاجتماعي والرضا النفسي والرضا الوظيفي وجميعهم لا يصلون لبلوغ الرضا إلا بعد الشعور بالثناء والشكر سواء من عائلته أو من رئيس عمله أو حتى الرضا من الذات نفسها.

وذلك يختلف من عمر لآخر، ومن وجهة نظري كلما زاد العمر زاد معه التذمر من كل ما حوله؛ لماذا هذا الطعام بارد؟ ما به هذا الجار مزعج؟ وهذا الكرسي غير مريح؟ وحتى من التكييف الذي لا يبرد!

الرضا يجب أن يبدأ من نفسك من ذاتك من أعماقك، أن نغذيها بالقراءة والمطالعة كونها أصبحت الآن بين يديك وأنت ببيتك وأنت تستلقي على أريكتك وأنت تقلب هاتفك اللوحي بين برامجك قف هنا وحمل كتابا الكترونيا يوسع أفقك وتفكيرك وينمي لديك القناعة والرضا الذاتي أولا.