عبير الأيام
الأربعاء - 12 أبريل 2023
Wed - 12 Apr 2023
كان لحياتنا عبق عبيري فواح، الأيام تمر بجمالها، علاقتنا بالوقت حميمية، ننجز في ساعات ونمرح في ساعات أخرى، نقطع الوقت ويقطعنا، ونوزع الأفراح من حِين إلى حِين، إلى أن غيّب الحَيْن (عبيرنا)، واختارنا الله واختبرنا في صحة ركن من أركان بيتنا، شقيقتي، وفلذة كبد أمي البارّة.
"ألا قاتل الله المنايا ورميها
من القوم حبات القلوب على عمد"
لقد أخذ هذا المقال وقتا طويلا وشاقا؛ فبعد كل كلمة يحشرج صدري، ويمتلئ لهيبا، ويفوح منه فاح يكتم أنفاسي، وأشفق على نفسي وأغلق المقال، ويمر يومي كله حسرة على ما فقدت؛ لأن الجرح ما زال نازفا وغضا، لم يبرأ وليس له.
لا يوجد شعور أقهر من (فوات الأوان)، يؤسفني أن أكتب عن عبير الذكرى، يؤسفني أتجمل للأيام وعبير غائبة، يؤسفني أنني أحاول أسلى بدونها، يلازمني شعور الأسف والآه والقهر، وهو شعور تجدده المناسبات، فكل مناسبة تنكأ الجرح وتذكرنا بحجم فقدنا ومرارته.
لقد مرت عبير ببلاء في صحتها عظيم، لا يقوى على تحمله إلا من ملأ الله قلبه رضا ومحبة، نهش المرض جسدها نهشا، وكان أشرس من أن يعالج، ومرت علينا وعليها أيام، كل ساعة فيها دهر من المأساة، وكان لسانها رطب بالحمد.
لقد تمسكت بعروة الله الوثقى مشت إلى ربّها خطوة، فمشى إليها خطوات، وأنزل عليها من بركات رضاه، وتبدت العظمة في شابة صغيرة، أبهرتنا وأبهرت الأطباء، لقد قرأت قصصا عن الصابرين، واعتقدت أن نصفها يخالجه الخيال، إلى أن رأيت عبير، وعلمت حقيقة من يختارهم الله بابتلاء، ومن مواقف صبرها: دخل عليها جمع من الأطباء، وكانت ملامح وجوههم تنطق يأسا، فسألت سؤالا، (يا دكتور هل المرض في مراحله الأخيرة؟)، رد عليها ردا أصابه عي اللغة، وقال (نعم، مع الأسف)، رفعت نفسها، ومدّت ظهرها، واستقامت بعزة وشموخ، وقالت (الحمدلله)، لم يكن الموقف سهلا إلا على من ملأ الله قلبه بحسن رضاه، ما أعظمك!.
لقد كانت عبير خيّرة من أخيار هذا الزمان، إذ حرصت على مبدأ التطوع في حياتها، وأعظم تطوع قدمته، مشاركتها في مواسم الحج لخدمة حجاج بيت الله الحرام، تطوع لا تقتضي عليه إلا أجر الدعاء، وأنس العطاء، وخصلة الإيثار.
"سأسقيك ماء العين ما سعدت به
وإن كانت السقيا من الدمع لا تجدي"
وا رحمتاه ويا للأسف.
"ألا قاتل الله المنايا ورميها
من القوم حبات القلوب على عمد"
لقد أخذ هذا المقال وقتا طويلا وشاقا؛ فبعد كل كلمة يحشرج صدري، ويمتلئ لهيبا، ويفوح منه فاح يكتم أنفاسي، وأشفق على نفسي وأغلق المقال، ويمر يومي كله حسرة على ما فقدت؛ لأن الجرح ما زال نازفا وغضا، لم يبرأ وليس له.
لا يوجد شعور أقهر من (فوات الأوان)، يؤسفني أن أكتب عن عبير الذكرى، يؤسفني أتجمل للأيام وعبير غائبة، يؤسفني أنني أحاول أسلى بدونها، يلازمني شعور الأسف والآه والقهر، وهو شعور تجدده المناسبات، فكل مناسبة تنكأ الجرح وتذكرنا بحجم فقدنا ومرارته.
لقد مرت عبير ببلاء في صحتها عظيم، لا يقوى على تحمله إلا من ملأ الله قلبه رضا ومحبة، نهش المرض جسدها نهشا، وكان أشرس من أن يعالج، ومرت علينا وعليها أيام، كل ساعة فيها دهر من المأساة، وكان لسانها رطب بالحمد.
لقد تمسكت بعروة الله الوثقى مشت إلى ربّها خطوة، فمشى إليها خطوات، وأنزل عليها من بركات رضاه، وتبدت العظمة في شابة صغيرة، أبهرتنا وأبهرت الأطباء، لقد قرأت قصصا عن الصابرين، واعتقدت أن نصفها يخالجه الخيال، إلى أن رأيت عبير، وعلمت حقيقة من يختارهم الله بابتلاء، ومن مواقف صبرها: دخل عليها جمع من الأطباء، وكانت ملامح وجوههم تنطق يأسا، فسألت سؤالا، (يا دكتور هل المرض في مراحله الأخيرة؟)، رد عليها ردا أصابه عي اللغة، وقال (نعم، مع الأسف)، رفعت نفسها، ومدّت ظهرها، واستقامت بعزة وشموخ، وقالت (الحمدلله)، لم يكن الموقف سهلا إلا على من ملأ الله قلبه بحسن رضاه، ما أعظمك!.
لقد كانت عبير خيّرة من أخيار هذا الزمان، إذ حرصت على مبدأ التطوع في حياتها، وأعظم تطوع قدمته، مشاركتها في مواسم الحج لخدمة حجاج بيت الله الحرام، تطوع لا تقتضي عليه إلا أجر الدعاء، وأنس العطاء، وخصلة الإيثار.
"سأسقيك ماء العين ما سعدت به
وإن كانت السقيا من الدمع لا تجدي"
وا رحمتاه ويا للأسف.