نمر السحيمي

الدعوة بجامعاتنا والتعارض مع النظام الأساسي للحكم

الأربعاء - 12 أبريل 2023

Wed - 12 Apr 2023

اختراق تعليمنا من عناصر جماعة الإخوان المسلمين حقيقة واقعة أكدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعدد من وزراء التعليم بالمملكة، ولا شك أن إلقاء الضوء على هذا الاختراق والبحث فيه هو عمل وطني بالغ الأهمية؛ كون هذا الاختراق من أظهر العقبات المؤثرة سلبا على مشاريع التنمية التي تم التخطيط لها في بلادنا، تلك المشاريع التي ستقوم على سواعد كوادرنا الوطنية المستهدفة من هذا الاختراق، بزعزعة ولائها للوطن والقيادة.

ومن يعرف أصول الفكر الإخواني يعلم أن هذا الفكر بني على (التلبس بعباءة التدين)، وكذبة (إعادة الخلافة) التي انتهت في الواقع منذ نهاية عهد الخلافة الراشدة، لتعود على منهاج النبوة على يد نبي الله عيسى عليه السلام.

وما يدعيه الإخوان أن الخلافة ستعود قبل زمن عيسى عليه السلام ما هو إلا دعاية كاذبة تدعم هدفهم المتمثل بالوصول لكراسي الحكم والتحكم بالسلطة وقهر الشعوب.

والحقيقة المرة هي أنه بالرغم من ضخامة الجهود الحكومية الرامية لتخليص تعليمنا من عناصر جماعة الإخوان إلا أن هذه العناصر لا زالت موجودة ويصعب الوصول إليها وكشفها. بسبب تخفيها تحت عباءة الدين والتزامها ببروتوكولات ما يسمونها بمرحلة المداهنة التي يؤمنون أنهم يعيشونها في المملكة الآن.

وبالرغم من هذه الصعوبة في كشفهم إلا أن ذلك لا يستعصي على الباحث في تاريــخ جماعة الإخوان وأدبياتها. فمن خلال الأبحاث والدراسات العلمية في هذا الشأن فإن عناصر جماعة الإخوان المخترقة بمنظومة تعليمنا تحرص على التحكم بمسارين:

  • الأول: مسار تاريخ الدعوة الإسلامية، وهو مسار استطاع الإخوان احتكاره والتحكم به عن طريق عدة خطوات منها:




  1. تبني تخصص جديد سموه (علم الدعوة).


ورسم منهج هذا العلم وتكوينه من خلال الاعتماد على كتب ورسائل منظري جماعة الإخوان فقط، وجعلوا لهذا العلم إطارا نظريا يعتمد على فكر الجماعة وإطارا تطبيقيا يعتمد على العمل الحركي في الواقع ثم ينحرف إلى الغلو والتطرف والإرهاب بناء على تدرجات المناهج المرسومة والوسائل والأساليب البعيدة عن نهج الدعوة النبوية التي ورثها السلف الصالح دون التنظير والتعقيد الذي اخترعه الإخوان وهو تنظير وتعقيد يقصدون به بناء جيل محكوم بفكر التبعية لينقاد هذا الجيل كالقطيع في يد قيادة جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية والوصول إلى كراسي الحكم في الدول التي يستهدفونها.

وللأسف لا زال ما يسمى بـ(علم الدعوة الإخواني) موجودا في جامعاتنا.

  1. تأسيس ما يسمى بالمعاهد العليا للدعوة الإسلامية في عدد من الجامعات بين عامي 1397-1402هـ، والتي انتشرت فيها العديد من كتب قادة جماعة الإخوان، حيث نشرت صحيفة سعودية التأكيد على أن المملكة وضمن جهودها بالقضاء على فكر هذه الجماعة «سحبت (80) مرجعا من الكتب التي تنشر الفكر الإخواني من الجامعات، بينها كتب لحسن البنا وسيد قطب ويوسف القرضاوي وأبي الأعلى المودودي وعبدالقادر عودة ومصطفى السباعي»، ولا زالت هذه المعاهد تعمل في بعض الجامعات بنفس المسمى، وبعضها تم تحويله إلى قسم أو شعبة في الكليات الشرعية.




  • الثاني: مسار تاريخ المملكة، وهو المسار الذي يجب أن يثبت التزام وتمسك المملكة وقيادتها بنشر الدعوة كواجب نص عليه النظام الأساسي للحكم في مادته (23)، وهو واجب تقوم به المملكة كجهة اعتبارية على نهج السلف الصالح، وقد اتخذ المخترقون عدة طرق لتهميش إظهار هذه الحقيقة من تاريخ المملكة الذي لا يتوافق مع ما جاء في علم الدعوة الإخواني، ومن هذه الطرق:




  1. عدم تضمين مقررات علم الدعوة نصوصا من كتب علماء المملكة، والاعتماد فقط على تضمين تلك المقررات نصوصا مقتبسة من كتب قيادات الإخوان، لدعم نهج الدعوة الذي أسسوا له علما يخالف نهج السلف الصالح الذي تلتزمه المملكة في تنفيذ واجبها تجاه نشر الدعوة إلى الإسلام الوسطي والتعريف به.

  2. إقصاء الكفاءات الوطنية المتخصصة في تاريخ الدعوة بالمملكة، وكشفت حقيقة الإخوان؛ لعدم تمكين هذه الكوادر الوطنية من تعليم المفاهيم والمضامين الصحيحة في هذا الباب، وعدم تمكينها من تدريس الدعوة إلى الإسلام على المنهج الوسطي القويم الذي التزمته المملكة كواجب في المادة المشار إليها من النظام الأساسي للحكم؛ ويثبت ذلك ما تم الكشف عنه في دراسة علمية (غير منشورة) أشارت إلى أن «عناصر جماعة الإخوان كانت هي التي تختار نواة الهيئة التعليمية حين تأسيس (المعاهد العليا للدعوة الإسلامية) ومنها المعهد الذي أسس عام 1398هـ».

  3. التعارض مع المادة (23) من النظام الأساسي للحكم التي تنص على أن (تحمي الدولة عقيدة الإسلام، وتطبق شريعته، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله)؛ حيث يتعارض تدريس علم الدعوة المستند على كتب الإخوان مع هذه المادة التي تعني أن يرسم لتعليم الدعوة في الجامعات منهجا ومقررات تستند كليا على نصوص واقتباسات علمية من كتب السلف الصالح وفي مقدمتهم علماء المملكة.


ما أريد الوصول إليه هو أن هذا الاختراق لهذا المجال الهام لا يمكن أن ينكر أحد آثاره السلبية على المواطنين؛ سواء من ناحية الضرر الفكري بالانحراف والانتماء إلى هذا الفكر، أو من ناحية اضطهاد المواطنين بإقصائهم إذا ثبت لتلك العناصر أي ما يدل على الوطنية والولاء للقيادة في نفوس أو أعمال وإنجازات الكوادر الوطنية.

وبعد؛ فإن التأكيد على اجتثاث فكر الإخوان وآثارهم؛ خاصة في المؤسسات العلمية، والقضاء كليا وبشكل سريع على عناصر هذه الجماعة المحظورة في بلادنا هي مهمة ليست صعبة إذا تم تتبع تدرجات بنائهم التأسيسي والعودة إلى أصول وجودهم من خلال الاطلاع والبحث في سجلات وملفات وأرشفة المؤسسات العلمية التي أسهمت في تأسيسها هذه العناصر أو كانت ميدانا لعملها وتجمعها، مع التأكيد على أن المشاريع والبرامج المعدة لتحقيق رؤية المملكة 2030م هي مشاريع وبرامج مصممة على عدم التوافق مع أي أفكار ضالة، وذات بيئة مهنية تعمل بجودة عالية؛ لكن ذلك لا يعني إهمال جهود إصلاح التعليم، والقضاء على العناصر الإخوانية المخترقة حفاظا على المواطنين، وحرصا على مشاركة الجميع في تنمية الوطن والاستفادة القصوى من الإمكانات الكبيرة والفرص العديدة التي ستوفرها الرؤية المباركة.

alsuhaimi_ksa@