تكلفة الطالب الاقتصادية في عهد الرسول عليه السلام

سنحت الفرصة لي بمقابلة بعض الزملاء الأعزاء، وشاءت الصدفة أن يكون من بينهم من هو مختص في اقتصاديات التعليم وشخصي المتواضع من ضمن هذه الفئة، وانطلق بنا الحديث حول هذا التخصص ومزاياه وتطبيقاته الميدانية، إلى أن وصل بنا الحديث لموضوع حساب تكلفة الطالب في مراحل التعليم المختلفة، وطال نقاشنا حول هذا الموضوع، فما كان من أحد الزملاء الذين ضاقوا ذرعا بهذا النقاش؛ إلا أن قال متهكما: لم يتبق إلا أن تحسبوا تكلفة الطالب في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فكم هي التكلفة يا فلاسفة الاقتصاد؟! فضحك الجميع؛ وانتهى النقاش عند هذا الحد.

والآن ولأنني أعلم أن هذا الزميل العزيز أحد المهتمين بالبحث العلمي؛ أجيبه على سؤاله التهكمي مستعينا بالله عز وجل.

اعلم أخي العزيز: أنه بعد انتهاء غزوة بدر الكبرى بانتصار المسلمين، وبدء عملية افتداء الأسرى المشركين من قريش، كان الخيار هو إما دفع فدية نقدية تراوحت قيمتها من 1000 درهم - 4000 درهم، أي بمتوسط قدره 2500 درهم؛ لافتداء الشخص الواحد؛ أو تعليم عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة لمن لم يملك قيمة الفدية النقدية وكان يحسن القراءة والكتابة. وبمجرد عملية حسابية بسيطة؛ نقسم 2500 درهم على الصبيان العشرة فتصبح التكلفة في أبسط صور معادلات حسابها هي 250 درهما لكل صبي من صبيان المسلمين –أي طالب– ولأن العشرة دراهم في ذلك الوقت تعادل دينارا من الذهب، تصبح التكلفة هي 25 دينار لكل طالب، والدينار عبارة عن 4.25 جرامات من الذهب عيار 22؛ وبالتالي العشرة دنانير ذهبية تساوي 42.5 جراما من الذهب، وبما أن سعر جرام الذهب عيار 22 أثناء إعداد هذا المقال هو 221.93 ريالا سعوديا للجرام الواحد؛ فإننا نقوم بضرب 4.25 في 221.93، فتصبح تكلفة تعليم الصبي الواحد من صبيان المسلمين ما يقارب 9432 ريالا سعوديا.

وببساطة: يمثل هذا المبلغ (9432) ريالا سعوديا؛ تكلفة الطالب في مقرر القراءة والكتابة فقط، والذي لا تتجاوز مدة تدريسه وفق معايير عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- شهرا واحدا.