سارة مطر

طعام هتلر والنسوة العشر

الاحد - 09 أبريل 2023

Sun - 09 Apr 2023

في رواية «ذائقة طعام هتلر» لروزيلا بوستورينو، وهي رواية بطلتها روزا ساور الألمانية، التي رفضت النازية ولم تحبها كأبيها، وفقدت أمها في إحدى الغارات، ووجدت نفسها مجبرة على أن تكون إحدى ذائقات طعام هتلر العشر، بعدما تركت برلين لتعيش مع أهل زوجها في منزلهم الريفي بحثا عن الأمان لتجد نفسها في مأزق أكبر، زوجها الذي ذهب للحرب وفقد كأغلب الألمان في ذلك الوقت، فهل سيعود؟

الرواية عبارة عن حكايات متباينة متداخلة للنساء العشر وحياتهن وما تعانيه كل واحدة منهن، فلم يكن كافيا ما تفعله الحرب من الخوف ونقص الطعام والأمان والتعرض للموت في الغارات، حتى يقدم لهن الموت في وجبات إجبارية لحماية ديكتاتور ألمانيا النازية الذي أصبح يخشى على نفسه عندما بدأت الأمور تفلت من يده، وأصبح من حوله يخشون من محاولات اغتياله والتخلص منه.

فهل يمكنك أن تتخيل مشاعر هؤلاء النسوة؟ رعبهن وخوفهن وأفكارهن؟ سواء كن مؤيدات لهتلر وحكمه أم لا؟

حتى بعد انتهاء الحرب وانتحار هتلر، كيف كانت تداعيات ذلك عليهن؟ هل شعرن بالخزي أم الفخر أم الخوف أن يتم عقابهن؟

لقد وقفت طويلا أمام عبارة صغيرة قالتها روزا حينما جاءت الشرطة لتأخذها لأداء مهمة عملها ألا وهي تذوق الطعام، كانت خائفة ومرعوبة وتملكتها ثمة أحاسيس متغيرة، كيف لها أن تضحي بنفسها من أجل خدمة هتلر وبقائه حيا؟

ولماذا عليها أن تنهي حياتها بأكلها الطعام لو كان حقا مسموما، كانت تخجل جدا من طريقة موتها، وقالت «موت جرذ لا موت بطل، النساء لا يمتن ميتة الأبطال».

لقد هزتني مثل هذه الكلمات، هل البطولة فقط محصورة على الرجال من دون النساء، الأبطال من الرجال كثر ولا يمكن لنا نسيانهم مثل تشي جيفارا، فهو لا يزال مخلدا تاريخيا، حتى الشباب الذين لم يلتقوا به في الوقت الحالي، يحتفون بجيفارا وكأنه لا يزال على قيد الحياة، غاندي أيضا كان من أهم الأبطال عالميا ولقي مصرعه في 30 يناير من عام 1948م حينما أطلق أحد الهندوس المتعصبين ثلاث رصاصات قاتلة سقط على إثرها المهاتما غاندي صريعا، هناك أسماء كثيرة لا تعد لأبطال تمسكوا بمواقفهم وانتهت حياتهم كفرسان مخلدين، بينما النساء فهن يعدن على أصابع اليد الواحدة، ولنتذكر جميلة بوحيرد المقاومة الجزائرية، وتعتبر من المناضلات اللواتي أسهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية لكنها لم تقتل، كما لا يمكن أن ننسى عروس الجنوب سناء محيدلي التي قامت بتفجير نفسها ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، وكانت تبلغ من العمر سبعة عشر عاما فقط، وهل هناك أبشع من مقتل أنديرا غاندي، حيث كان يقف اثنان من الحراس اللذين تبين فيما بعد أنهما من السيخ، وما أن وصلت أنديرا قربا منهما حتى أطلق أحدهما النار من مسدسه فأصابها بثلاث طلقات في بطنها، ثم قام الثاني بإطلاق النار من بندقيته الأوتوماتيكية، فأفرغ 30 طلقة، وأصيبت بسبع رصاصات في البطن وثلاث في صدرها، وواحدة في قلبها، لا أظن أن هناك بشاعة أكثر من بشاعة ما تفكر به روزا بطلة الرواية، أن تكون واحدة من النساء العشر الذين وقع عليهن الاختيار لتجربة أكل طعام هتلر حتى يتأكدوا بأنه ليس ساما، كي يعيش أطول من عمره في مقابل ذلك ينهي حياة الملايين بسبب جنون عظمته.