حنان درويش عابد

الصداقة والاحترام.. صديق العمر لا ينسى

الاثنين - 03 أبريل 2023

Mon - 03 Apr 2023

عرفت الإنسانية قيمة الصداقة منذ العهد الأول للإنسان، ومنذ خرج الإنسان الأول من دائرة الإخوّة في عصر أبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام، فتطورت العلاقات بين البشر لتتكون الصداقة بين أبناء وبنات العم والخال، ثم لتخرج إلى فضاءات أوسع وتصبح قيمة إنسانية بين الأغراب الذين لا يرتبطون برباط الدم.

ولأن الصداقة حاجة إنسانية وليست ترفا، فهي كانت دائما وستظل قيمة تشبه كل القيم الاجتماعية الأخرى كقيمة القرابة والزواج والجيرة، فالأصدقاء في كثير من الأحيان قد يتحولون إلى إخوة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولهذا أمرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - بحسن اختيار الصاحب والصديق. ولهذا فالصداقة مسيرة عمر وخطوات نخطوها عادة منذ الصغر أو منذ ما قبل بلوغ الأربعين وهي من أجل هذا تتطلب نوعا خاصا من الرعاية، وتلك الرعاية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التأسيس لعلاقة صداقة مبنية على أسس سليمة وصالحة للاستمرار، فكم من صداقة كانت وبالا على أصحابها، وكم من صداقة كانت بابا عظيما لكل أنواع الخير للمجتمع.

وعندما نبلغ مرحلة النضوج في فهمنا لقيمة الصداقة ومعناها، فإننا ولا شك ندرك بأن أعظم أساس يمكن بناء الصداقة عليه هو ومن دون شك الاحترام. والاحترام، تلك القيمة الواجبة واللازمة في كل العلاقات الإنسانية سواء في علاقات الأقارب أو العلاقات الزوجية، ليس استثناء في علاقات الصداقة، بل هي لازمة التحقق وواجبة التطبيق، وإلا فإن كثيرا من روابط الصداقة سينتهي بها المطاف إلى أن تصبح تاريخا منسيا وإلى الأبد.

من هنا علينا أن ندرك أن جمال الصداقة يأتي في الأصل من كونها علاقة لا تقوم على رابط الدم، وهذا ما يعطيها قيمة اللامنفعة في أصل معناها، وهي تمثيل خالص للمحبة المبنية على تآلف الأرواح لا على تماثل الجينات، ولهذا فإن هذه العلاقة الجميلة تتطلب منا أن نؤصل فيها ممارسة وتطبيقا لكل أدوات الاحترام والتقدير وحسن المعاملة، وهذا ليس بالشيء الصعب على أفراد قرروا أنهم يريدون أن يبنوا في المجتمع لبنة إضافية بعيدة عن روابط الدم، لتكون لبنة جديدة نرفع من خلالها القدرة على امتلاك مساحة أوسع من الراحة النفسية، ونكمل بتلك اللبنة البناء الاجتماعي الذي نطمح من خلاله إلى امتلاك أعلى قدر من الأمان العاطفي والنفسي، وهذا بكل تأكيد لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إعلاء قيمة الاحترام لتكون الصداقة فوق الأهواء والرغبات ونوازع النفس، مفعلين لكل الممكنات التي تساعد على إحاطة هذا المعنى الجميل بكل معاني الاحترام على الدوام، وهكذا فقط سننجح في الحصول على صديق العمر، وسننجح في امتلاك هذه القيمة التي بكل تأكيد ستدفعنا نحو الأفضل في الحياة.

@hananabid10