العلوم الإنسانية ما بين التحقير والتهميش
الأربعاء - 29 مارس 2023
Wed - 29 Mar 2023
أطلقت جامعة الملك عبدالعزيز أعمال ملتقى «باحثون 5» في نسخته الخامسة في مجال الابتكار والعلوم الإنسانية في ظل رؤية المملكة 2030، وقد قدم الملتقى العديد من الأبحاث العلمية والملصقات المعنية بكافة العلوم الإنسانية، حيث قدم الباحثون دراساتهم المختلفة في شتى المجالات ما بين الدراسات التحليلية والتطبيقية التي تهدف إلى تحقيق الرؤية السعودية.
بعد انتهاء جلسات الملتقى تبادرت بذهني الفكرة الرائجة لإغلاق التخصصات النظرية والتركيز على ما يخدم سوق العمل! ففي الآونة الأخيرة اشتد النزاع والجدل بين مؤيدين ومعارضين حول إلغاء بعض الأقسام النظرية الإنسانية والاجتماعية نظرا لضعف أهميتها كما يزعمون وتكدس الخريجين من هذه الكليات، وزيادة الطلب للأيدي العاملة تقنيا وصناعيا وهندسيا وطبيا. فقد سادت أيديولوجيات أهمية تخصصات العلوم الطبيعية ونجاح مخرجاتها وتمحورت جميع الأنظار نحوها، وزرع بعقول طلابنا أن التخصصات النظرية (للفاشلين وأصحاب المستقبل المجهول والرواتب المنخفضة)، حتى وإنه أصبحت تطلق النكات حول تخصصات اللغة العربية والشريعة والتاريخ والعلوم الجيوغرافية والاجتماعية زاعمين أن نهاية خريجيها (البيت أو وظائف لا تليق بهم)! وجميع هذه الأفكار أدت إلى دفن رغبات الطلبة وطموحاتهم وسعيهم نحو (تخصصات الترند) المتواكبة مع (سوق العمل) لنيل مستقبل مشرق!
(والله والله والله) إنه لمن المحزن أن نرى هذا التهميش للعلوم الإنسانية بأكملها حتى إننا على وشك الاستغناء عنها قطعا! والبحث عن أسهل مخرج بإغلاق الكليات، متجاهلين عمق المشكلة الذي يكمن في طريقة فهمنا (نحن السعوديين) للعلوم الإنسانية والاجتماعية وتوظيفنا لها بشكل محدود، حيث يقتصر إدراكنا السطحي والبدائي لها على أنها علوم فلسفية تجريدية نظرية بحته تقتصر مجالاتها الوظيفية على التدريس والتدريب، بيد أنها تبحر بالإنسان في عمق الإنسان والطبيعة والثقافة والحضارة والبيئة والمجتمع والموروث الديني واللغات، وتكشف لنا تاريخا بأكمله مما يقودنا إلى تصحيح المسار وصناعة الواقع والمستقبل وفتح آفاق معرفية وعلمية.
ليس هناك ما يسمى بتخصصات غير مطلوبة أو تخصصات لا تواكب سوق العمل! وجميع هذه الأفكار والمعتقدات يجب أن تمحى من عقولنا، جميع التخصصات بدون استثناء لها قيمة علمية معرفية، والقيمة العلمية لا تكفي للحصول على وظيفة دون مهارات! والعلوم النظرية مكملة للعلوم العلمية ومتكافئة معها في دفع عجلة التنمية والابتكار والازدهار.
كثير من الطلاب (السعوديين) الدارسين لهذه التخصصات تقتصر معرفتهم الضئيلة على أن هذه التخصصات محصورة لمجال التدريس ونقل المعلومات والنظريات من جيل لآخر، فنجدهم يائسين إن لم يجدوا لهم مكانا بالسلك التعليمي والأكاديمي، مما يثبط عزيمتهم ويبعدهم عن تنمية مهاراتهم بمجال تخصصهم بالرغم من تفوقهم العلمي. فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ تخصص اللغة العربية (بجميع الجامعات العربية الدولية) يمتد إلى شواغر وظيفية كمحللين للأخبار ومحررين للصحف ومصححين لغويين وأمناء السر وكتاب الضبط في كافة القطاعات، ومستشارين لغويين في المراكز البحثية، بالإضافة إلى العمل في المكتبات ودور النشر وشركات الكتب، والعمل في مجالات اللغويات الحاسوبية واللغويات الجنائية والنفسية والاجتماعية، والعمل في المجال الدبلوماسي والتجارة العالمية والترجمة.
فبدلا من قرار إغلاق التخصصات النظرية كان يمكن اللجوء لتغيير الخطط الدراسية لها ودمجها ببرامج تدريبية ومواد معنية بتطوير مهارات الطلبة حسب مسارهم الدراسي، وتنمية مهارات البحث العلمي لديهم لتحقيق التوازن الذي يحتاجه سوق العمل، وتحديد مسارات دقيقة لكل تخصص.
لا يمكن تحقيق الاستدامة دون تحقيق التوازن المنشود ما بين الاهتمام بالعلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية وذلك لتحقيق التكامل وتحريك عجلة الازدهار الاقتصادي والتقدم الحضاري. فلم نر جامعات عالمية أغلقت تخصصات نظرية بحجة تكدس الخريجين ومواكبة سوق العمل!
كل الشكر لجامعة الملك عبدالعزيز ممثلة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية لاحتضانها للنتاج العلمي لطلابها ودعم جهودهم البحثية على مدار خمسة أعوام متتالية، فهذا ما نفخر به كطلبة للعلم منتمين لهذا الصرح العظيم.
بعد انتهاء جلسات الملتقى تبادرت بذهني الفكرة الرائجة لإغلاق التخصصات النظرية والتركيز على ما يخدم سوق العمل! ففي الآونة الأخيرة اشتد النزاع والجدل بين مؤيدين ومعارضين حول إلغاء بعض الأقسام النظرية الإنسانية والاجتماعية نظرا لضعف أهميتها كما يزعمون وتكدس الخريجين من هذه الكليات، وزيادة الطلب للأيدي العاملة تقنيا وصناعيا وهندسيا وطبيا. فقد سادت أيديولوجيات أهمية تخصصات العلوم الطبيعية ونجاح مخرجاتها وتمحورت جميع الأنظار نحوها، وزرع بعقول طلابنا أن التخصصات النظرية (للفاشلين وأصحاب المستقبل المجهول والرواتب المنخفضة)، حتى وإنه أصبحت تطلق النكات حول تخصصات اللغة العربية والشريعة والتاريخ والعلوم الجيوغرافية والاجتماعية زاعمين أن نهاية خريجيها (البيت أو وظائف لا تليق بهم)! وجميع هذه الأفكار أدت إلى دفن رغبات الطلبة وطموحاتهم وسعيهم نحو (تخصصات الترند) المتواكبة مع (سوق العمل) لنيل مستقبل مشرق!
(والله والله والله) إنه لمن المحزن أن نرى هذا التهميش للعلوم الإنسانية بأكملها حتى إننا على وشك الاستغناء عنها قطعا! والبحث عن أسهل مخرج بإغلاق الكليات، متجاهلين عمق المشكلة الذي يكمن في طريقة فهمنا (نحن السعوديين) للعلوم الإنسانية والاجتماعية وتوظيفنا لها بشكل محدود، حيث يقتصر إدراكنا السطحي والبدائي لها على أنها علوم فلسفية تجريدية نظرية بحته تقتصر مجالاتها الوظيفية على التدريس والتدريب، بيد أنها تبحر بالإنسان في عمق الإنسان والطبيعة والثقافة والحضارة والبيئة والمجتمع والموروث الديني واللغات، وتكشف لنا تاريخا بأكمله مما يقودنا إلى تصحيح المسار وصناعة الواقع والمستقبل وفتح آفاق معرفية وعلمية.
ليس هناك ما يسمى بتخصصات غير مطلوبة أو تخصصات لا تواكب سوق العمل! وجميع هذه الأفكار والمعتقدات يجب أن تمحى من عقولنا، جميع التخصصات بدون استثناء لها قيمة علمية معرفية، والقيمة العلمية لا تكفي للحصول على وظيفة دون مهارات! والعلوم النظرية مكملة للعلوم العلمية ومتكافئة معها في دفع عجلة التنمية والابتكار والازدهار.
كثير من الطلاب (السعوديين) الدارسين لهذه التخصصات تقتصر معرفتهم الضئيلة على أن هذه التخصصات محصورة لمجال التدريس ونقل المعلومات والنظريات من جيل لآخر، فنجدهم يائسين إن لم يجدوا لهم مكانا بالسلك التعليمي والأكاديمي، مما يثبط عزيمتهم ويبعدهم عن تنمية مهاراتهم بمجال تخصصهم بالرغم من تفوقهم العلمي. فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ تخصص اللغة العربية (بجميع الجامعات العربية الدولية) يمتد إلى شواغر وظيفية كمحللين للأخبار ومحررين للصحف ومصححين لغويين وأمناء السر وكتاب الضبط في كافة القطاعات، ومستشارين لغويين في المراكز البحثية، بالإضافة إلى العمل في المكتبات ودور النشر وشركات الكتب، والعمل في مجالات اللغويات الحاسوبية واللغويات الجنائية والنفسية والاجتماعية، والعمل في المجال الدبلوماسي والتجارة العالمية والترجمة.
فبدلا من قرار إغلاق التخصصات النظرية كان يمكن اللجوء لتغيير الخطط الدراسية لها ودمجها ببرامج تدريبية ومواد معنية بتطوير مهارات الطلبة حسب مسارهم الدراسي، وتنمية مهارات البحث العلمي لديهم لتحقيق التوازن الذي يحتاجه سوق العمل، وتحديد مسارات دقيقة لكل تخصص.
لا يمكن تحقيق الاستدامة دون تحقيق التوازن المنشود ما بين الاهتمام بالعلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية وذلك لتحقيق التكامل وتحريك عجلة الازدهار الاقتصادي والتقدم الحضاري. فلم نر جامعات عالمية أغلقت تخصصات نظرية بحجة تكدس الخريجين ومواكبة سوق العمل!
كل الشكر لجامعة الملك عبدالعزيز ممثلة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية لاحتضانها للنتاج العلمي لطلابها ودعم جهودهم البحثية على مدار خمسة أعوام متتالية، فهذا ما نفخر به كطلبة للعلم منتمين لهذا الصرح العظيم.