عبدالله سعود العريفي

احترم نفسك

الاثنين - 27 مارس 2023

Mon - 27 Mar 2023

عندما يحدث خلاف أو يحصل شقاق أو عدم اتفاق في وجهات النظر وتبني موقف أو سلوك في شأن ما، وعندما ترتفع درجة الصوت حدة ويصير خشنا غليظا تبعا لتردده، وعندما تتطاول الألسن وتُبح الحناجر؛ فأول كلمة ترتفع من تفاقم الخلاف واشتداد النزاع حينما يتكلم أحدهم وينطق بلسانه قائلا «احترم نفسك» وعندئذ يشتد غضب الطرف الآخر وتشتعل الصدور ويحتدم الصراع ويبلغ أقصى الشدة من هذه الكلمة وبسببها؛ فيأتي الرد على تلك الكلمة من طرف لسان الطرف الآخر والموقف محتدم والغيظ مشتعل قائلا «أنا محترم نفسي أنت احترم نفسك».

ويتبادر إلى الذهن تساؤل عن السر في هذا اللفظ بالتحديد، وفي هذه الجملة بالذات وفي تلك العبارة على وجه الخصوص؟ وهل فيها معاملة سيئة أو إهانة بالغة تمس الشعور أو تسيء إلى شخص في كرامته أم هي مجرد تذكير وتنبيه وإنذار؟ ولماذا عندما يخطئ شخص ما على آخر يتلقى تلك العبارة «احترم نفسك» أليس من الأولى والأقرب ومن الأجدر والمتوجب أن يقال له «احترمني»؟

وعند التأمل لمعرفة السر وإدراكه بعبارة يسيرة مباشرة وخالية من التعقيد نجدها تعني: الشخص الذي يحترم نفسه ويحسن التعامل مع الآخرين ويتجنب القيام بما يسيئ إلى سمعته بديهيا وتلقائيا وبشكل عفوي من دون إلزام أو إكراه؛ فإنه يحترم الآخرين ويتعامل معهم بكل تقدير وعناية والتزام؛ فاحترام النفس وتقييم الفرد لنفسه وشعوره بالاحترام والقيمة والكفاءة هو سبب احترام الآخرين.

ولو توقفنا عند هذه الجملة «احترم نفسك» لوجدنا أنها تتضمن الكثير من الإنذار وتشتمل على كم وافر من التخويف وتحتوي على العديد من معاني الوعيد للشخص بأن يحترم نفسه ولا يعرضها للإهانة والأذى وفي الوقت نفسه فإن لها بعدا عميقا ومقصدا متأصلا واتجاها بعيدا يجب التوقف عنده؛ فالاحترام والذي هو شعور واقتناع داخلي من قبل الآخرين هو سمة أصيلة وصفة نبيلة وميزة كريمة ومبدأ من المبادئ التي تحقق التوافق وتؤكد التآلف وتثبت التفاهم وترسخ الانسجام وتؤدي إلى التعاون، ولو كان هناك اختلاف أو عدم اتفاق في أمر ما وساد الاحترام وامتد التقدير بين جميع الأطراف؛ فإن هذا ضمين بأن يعم الارتياح ويسود التقدير.

ويتجسد احترام النفس في حسن التصرف وعدم زج النفس في مشاكل لا حصر لها ولا حل لها ولا تليق بقدرها، ويظهر في مدى الإحساس بالمسؤولية بكل صدق وأمانة وفي الإحساس بالغير؛ فيتعرف على مشاكلهم عن قرب ويكون شاعرا بالآخرين كنوع من التعاون والمساعدة لهم ويبدي استعداده الدائم بمساعدة الأقل مقدرة منه عند الحاجة، وينعكس في صفاء القلب التام وسلامته وخلوه من كل الشوائب، كما يبرز في الوضوح في التعامل مع الآخرين واحترام خصوصياتهم، ويتمثل في تقديم الشكر والثناء والتعبير عن الامتنان وعرفان الجميل.

الاحترام هو أحد السلوكيات والعادات الراقية وهو من القيم الأخلاقية والمبادئ والمعايير التي توجه الفرد وتضبط سلوكه في الحياة، وهو أسلوب يتمنى أن يتحلى به كل إنسان وصفة يرغب أن يتصف بها كل شخص وأن يعرف بها وأن يشار إليه بها ويقال له «هذا إنسان محترم».