ياسر عواد المغامسي

عاداتك سر نجاحك

الجمعة - 24 مارس 2023

Fri - 24 Mar 2023

في العادة ننظر إلى الشخص الناجح بأنه صاحب إرادة قوية، ويتصف بصفات ويقوم بأعمال نرى أنه من الصعب علينا القيام بها، ونظل نتمنى ونحلم بأن نملك هذه الإرادة القوية لنحقق النجاح في حياتنا، بينما الموضوع والواقع بخلاف ذلك، فالنجاح ليس فعلا كما يقول أرسطو، بل هو عادة، يمكننا اكتسابها، حيث يقول «نحن ما نكرر فعله»؛ لذا فالتفوق ليس فعلا بل عادة، ويقول علماء النفس: «إن الإنسان عبارة عن مجموعة من العادات التي تمثل شخصيته، فالإنسان الناجح إنما هو عبارة عن مجموعة من العادات التي اكتسبها بمرور الوقت وأصبحت جزءا من حياته، عادات في تنظيم الوقت وممارسة الرياضة والانضباط في المواعيد والعلاقات الاجتماعية».

ولو أردنا تعريف العادة بشكل مبسط لقلنا: العادة هي الفعل أو السلوك الذي يقوم به الإنسان بانتظام وبدون تفكير تقريبا، وهنا تكمن قوة العادات في خاصية مهمة، وهي أن العادة سواء كانت إيجابية أم سلبية يقوم بها الإنسان تلقائيا ودون تفكير، وبدون قوة إرادة تدفعك لها، فنحن نعاني من موضوع قوة الإرادة وديمومتها عند قيامنا ببعض الأعمال، ولكن مع العادات لا نحتاج إلى ذلك، فبمجرد اكتسابنا للعادة تصبح جزءا من حياتنا ولا نستطيع الانفكاك عنها، بل وتدخل في شخصية الإنسان.

يبقى السؤال: كيف نستطيع اكتساب العادات والمحافظة عليها؟

من الصعب الحديث عن طرق ومهارات اكتساب العادات في أسطر بسيطة، فالموضوع يحتاج إلى تفصيل أكبر وشرح لتلك المهارات بالأمثلة عليها، ولكني سوف أركز على أبرز النقاط في الموضوع: مهارات اكتساب العادة، والمدة المطلوبة لتكوين العادة، وسأعرضها مجملة دون تفصيل: (ويمكنك الرجوع لها مفصلة موضحة بالأمثلة في الكتب التي سأذكرها):

  • حدد هدفك من هذه العادة (ماذا ستستفيد من اكتساب هذه العادة)؟

  • ابدأ بشيء بسيط ثم تدرج فيه (فمثلا إذا أردت اكتساب عادة القراءة، ابدأ بالقراءة لمدة ربع ساعة ثم ضاعف المدة).

  • توقع العقبات وحاول التغلب عليها، وأرسل رسائل إيجابية لعقلك بأثر ما تقوم به وفائدته عليك.

  • عليك أن تكافئ نفسك على المثابرة واكتساب العادة.

  • قم باكتساب عادة واحدة فقط في كل مرة.


وأما بالنسبة لمدة تكوين واكتساب العادة فيرجع ذلك للعادة التي تريد اكتسابها ومدى قابلية النفس عليها، ولا صحة لتحديد مدة معينة لتكوين العادة، فالشخصيات تختلف من شخص إلى آخر، وأذكر أن أحد الدكاترة في مرحلة الماجستير كان يدرسنا مادة في علم النفس، فقال لنا: إن الإنسان الانطوائي يكتسب العادة بصعوبة ويفقدها بصعوبة، والإنسان الاجتماعي يكتسب العادة بسهولة ويتركها بسهولة، وحقيقة لا أدري عن صحة هذه المعلومة ولكن عندما طبقتها على نفسي وجدتها كما قال.

ويمكنك أخي القارئ الكريم الرجوع إلى أشهر كتاب يتحدث عن موضوع العادات، ألا وهو كتاب (قوة العادات) لتشارلز دويج، وإن لم تكن من هواة القراءة فيمكنك متابعة تلخيص الكتاب على اليوتيوب للاطلاع بشكل أكبر على الموضوع.

وبما أننا ندندن في هذا الموضوع، فهناك أيضا كتاب للكاتبة «كارولين آي» بعنوان (حركة صغيرة وتغيير كبير) يحمل نفس الفكرة، ويتحدث عن مشكلة نعاني منها جميعا، وهي: وضع الأهداف مع بداية كل عام، والحماس لتحقيقها ثم بعد مدة من الزمن يختفي هذا الحماس وتبقى الأهداف كما هي مجرد أحلام، وتحدثت عن فكرة نظام القرار المصغر، بمعنى تحويل الأهداف الشخصية الكبيرة إلى قرارات مصغرة (عادات) يمكن التحكم بها وقياس مدى نجاحك فيها؛ فمثلا بدلا من أن تجعل هدفك (اكتساب اللياقة البدنية وإنقاص الوزن) يمكنك تحويلها لقرارات وعادات مصغرة تحقق لك نفس الهدف، قرارات مثل: المشي يوميا لمدة ربع ساعة، استخدام الدرج بدلا من المصعد، عدم تناول الحلويات مع القهوة، كل هذه القرارات المصغرة يمكن قياسها والتحكم فيها.

ومن جميل ما قرأت في هذا الموضوع، ما كتبه أحدهم في أنه قرر أن يكتسب عادة قراءة القرآن الكريم يوميا، فبدأ بقراءة صفحة واحدة بعد صلاة الفجر واستمر على ذلك مدة معينة، ومع مرور الوقت أصبحت الصفحة ثلاث صفحات، وأصبح يكرر هذه العادة مرتين يوميا، قبل النوم وبعد صلاة الفجر، وفي الإجازات تتكرر هذه العادة ثلاث مرات يوميا، ويذكر أنه صار يختم القرآن ثلاث مرات في العام الواحد، فانظر كيف تحولت هذه العادة البسيطة إلى هذا الأجر والهدف العظيم.

وبما أننا نعيش في نفحات هذا الشهر المبارك، شهر رمضان، والنفس مقبلة على الخير، فأعتقد أنه موسم مناسب لاكتساب وتكوين العادات الإيجابية والتي من شأنها أن تغير الكثير والكثير في حياتنا.

ولا تنس: إن الإنسان مجموعة من العادات، وعاداتك هي سر نجاحك.

yasmh93@