فضيلة الخطأ!
الاثنين - 20 مارس 2023
Mon - 20 Mar 2023
«بينما نمسك عدة خيوط في أيدينا، يكون لدينا احتمالان: إما أن يرشدنا أحدها للحقيقة، وإما سنهدر الوقت وراء الفرضية غير الصحيحة، ولكننا عاجلا أو آجلا لا بد أن نهتدي للصواب» السير آرثر كونان دويل (كاتب وطبيب أسكتلندي شهير مؤلف قصص شارلوك هولمز).
ثمة فضيلة للخطأ لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، ولا بالمنطق، ولا حتى بحسابات الوقت والأرباح والخسائر، إنها عملية اختصارات عظيمة للمسيرة البشرية أو مسيرة الإنسان نفسه، وهي متابعة العمل والمحاولة ولو كانت في الطريق الخطأ، وإن كان ذلك يضيع الوقت والجهد - كما قد يزعم البعض - لكنه ينقذ البشرية من أن يكون الطريق الخطأ مستقر العمل والقناعة بأنه هو الصواب، والنتيجة أن تتأخر البشرية قبل أن تتبين الخطأ، ولعل هذه فضيلة من فضائل الخطأ، وهي لا تبتعد كثيرا عن فضيلة الشدائد والألم والمحن التي نمر فيها، فالشعر العربي يثبت ثناءه على الشدائد:
«جزى الله الشدائد كل خير
وإن كانت تغصصني بريقي
وما شكري لها حمدا
ولكن عرفت بها عدوي من صديقي»
(تنسب للإمام الشافعي)، ولعلنا نسقطها على الخطأ ونقول: جزى الله أخطاءنا كل خير. ثم.. هل من فضائل أخرى للخطأ؟!
لعل أول فضائل الخطأ يعني أن تكراره عدة مرات يعني احتمالية الوصول للتجربة الناجحة، فإن كان الوصول للصواب والتجربة الناجحة يمثل واحدا من كل مائة محاولة خاطئة على سبيل المثال، فإننا بحاجة إلى الأخطاء التسعة والتسعين كلها كاملة من أجل الوصول للصواب برقم واحد من تلك المحاولات.
ألا يجعلنا هذا ممتنين بشكل كبير جدا للخطأ؟ ألا يبدو أفضل للطفل الذي يتعلم المشي بعد عشرات المرات وهي وسيلته الوحيدة للمشي، بدلا من الشعور بالإحباط -الذي يصاحب الكبار- فيتوقف أصلا عن المحاولة؟!
ومن فضائل الخطأ التمييز بين الأذكياء والأقل ذكاء ومن بعدها، فالخطأ وتكرره بطريقة مكررة يجعل ثمة فضيلة للصواب تفوقه من أولئك الذين تقل أخطاؤهم كثيرا، حتى إذا وقعوا في الخطأ ظنوا أنه من سلاسل الصواب والذكاء فكانوا أكثر تعصبا حتى لأخطائهم!
ومن فضيلة الخطأ وبرغم أن حسن النية قد يوجد، ويوجد سوء النية معه، إلا أن الخطأ يجعلك تتنبه للنوايا؛ فالخطأ واحد والنوايا المختلفة متعددة.
إن في الخطأ وافتراضه أساسا يجعلنا أكثر مرونة ووعيا واستبصارا، ويخالفه أولئك الذين يصيبون كثيرا فيجعلهم يزهون كثيرا بالصواب، وعندما يقعون في الخطأ فإنهم يكونون أقل مرونة في التصحيح بل أقل وعيا في استبصار خطئهم، ولذلك ترى الأذكياء يصرون على أخطاء غبية للغاية تجاوزها الأقل منهم ذكاء.
إن الخطأ ينتمي للذين يعملون كثيرا؛ فإن كثر خطؤك صرت أقوى بكثير، فكما قلنا: كثرة سقوط الطفل تعطيه قوة ومناعة من تلك السقطات المتتالية.
ويكفي أن الخطأ أيضا ينتمي لفئة التعلم، فالذين يخطئون يتعلمون كثيرا من أخطائهم، ألم تجد الرجل الذي يسير في طريقه يكتشف طرقا - بالصدفة وبفضل الخطأ - أكثر جمالا وبرغم العناء الذي حصل له إلا أنه حصل على خبرة وتعلم أكثر من غيره وفتح له أفقا أوسع.
يجدر بنا أن نقدر الخطأ كثيرا، وأن تكون ممارسة الخطأ هي ممارسة تعليمية وخبرات عملية، بل ويكون جزءا غير مدان من ثقافتنا وثقافة الوعي لدينا، فالذي يخطئ وهو يعمل خير من أولئك الذين يقعون بالصواب بسرعة كبيرة فهم للحظ أصدقاء أكثر من العمل والتعلم والوعي والمرونة وأن يكون إنسانا طبيعيا!
Halemalbaarrak@
ثمة فضيلة للخطأ لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، ولا بالمنطق، ولا حتى بحسابات الوقت والأرباح والخسائر، إنها عملية اختصارات عظيمة للمسيرة البشرية أو مسيرة الإنسان نفسه، وهي متابعة العمل والمحاولة ولو كانت في الطريق الخطأ، وإن كان ذلك يضيع الوقت والجهد - كما قد يزعم البعض - لكنه ينقذ البشرية من أن يكون الطريق الخطأ مستقر العمل والقناعة بأنه هو الصواب، والنتيجة أن تتأخر البشرية قبل أن تتبين الخطأ، ولعل هذه فضيلة من فضائل الخطأ، وهي لا تبتعد كثيرا عن فضيلة الشدائد والألم والمحن التي نمر فيها، فالشعر العربي يثبت ثناءه على الشدائد:
«جزى الله الشدائد كل خير
وإن كانت تغصصني بريقي
وما شكري لها حمدا
ولكن عرفت بها عدوي من صديقي»
(تنسب للإمام الشافعي)، ولعلنا نسقطها على الخطأ ونقول: جزى الله أخطاءنا كل خير. ثم.. هل من فضائل أخرى للخطأ؟!
لعل أول فضائل الخطأ يعني أن تكراره عدة مرات يعني احتمالية الوصول للتجربة الناجحة، فإن كان الوصول للصواب والتجربة الناجحة يمثل واحدا من كل مائة محاولة خاطئة على سبيل المثال، فإننا بحاجة إلى الأخطاء التسعة والتسعين كلها كاملة من أجل الوصول للصواب برقم واحد من تلك المحاولات.
ألا يجعلنا هذا ممتنين بشكل كبير جدا للخطأ؟ ألا يبدو أفضل للطفل الذي يتعلم المشي بعد عشرات المرات وهي وسيلته الوحيدة للمشي، بدلا من الشعور بالإحباط -الذي يصاحب الكبار- فيتوقف أصلا عن المحاولة؟!
ومن فضائل الخطأ التمييز بين الأذكياء والأقل ذكاء ومن بعدها، فالخطأ وتكرره بطريقة مكررة يجعل ثمة فضيلة للصواب تفوقه من أولئك الذين تقل أخطاؤهم كثيرا، حتى إذا وقعوا في الخطأ ظنوا أنه من سلاسل الصواب والذكاء فكانوا أكثر تعصبا حتى لأخطائهم!
ومن فضيلة الخطأ وبرغم أن حسن النية قد يوجد، ويوجد سوء النية معه، إلا أن الخطأ يجعلك تتنبه للنوايا؛ فالخطأ واحد والنوايا المختلفة متعددة.
إن في الخطأ وافتراضه أساسا يجعلنا أكثر مرونة ووعيا واستبصارا، ويخالفه أولئك الذين يصيبون كثيرا فيجعلهم يزهون كثيرا بالصواب، وعندما يقعون في الخطأ فإنهم يكونون أقل مرونة في التصحيح بل أقل وعيا في استبصار خطئهم، ولذلك ترى الأذكياء يصرون على أخطاء غبية للغاية تجاوزها الأقل منهم ذكاء.
إن الخطأ ينتمي للذين يعملون كثيرا؛ فإن كثر خطؤك صرت أقوى بكثير، فكما قلنا: كثرة سقوط الطفل تعطيه قوة ومناعة من تلك السقطات المتتالية.
ويكفي أن الخطأ أيضا ينتمي لفئة التعلم، فالذين يخطئون يتعلمون كثيرا من أخطائهم، ألم تجد الرجل الذي يسير في طريقه يكتشف طرقا - بالصدفة وبفضل الخطأ - أكثر جمالا وبرغم العناء الذي حصل له إلا أنه حصل على خبرة وتعلم أكثر من غيره وفتح له أفقا أوسع.
يجدر بنا أن نقدر الخطأ كثيرا، وأن تكون ممارسة الخطأ هي ممارسة تعليمية وخبرات عملية، بل ويكون جزءا غير مدان من ثقافتنا وثقافة الوعي لدينا، فالذي يخطئ وهو يعمل خير من أولئك الذين يقعون بالصواب بسرعة كبيرة فهم للحظ أصدقاء أكثر من العمل والتعلم والوعي والمرونة وأن يكون إنسانا طبيعيا!
Halemalbaarrak@