المكتبات في واقع ثقافي متغير
الأحد - 12 مارس 2023
Sun - 12 Mar 2023
تعد المكتبات في المملكة العربية السعودية من أعرق عناصر الثقافة التي شكلت أجيالا من المثقفين وطلاب العلم والعلماء في مختلف المراحل التاريخية، وتعود آليات تشكيل المكتبات منذ بدايات التأسيس في العام 1727م حيث انطلقت في الدرعية الإرهاصات الأولى لتشكيل المكتبات، حيث توافرت في تلك المرحلة المكتبات الخاصة بالعلماء التي تتضمن محتويات نوعية من الكتب النادرة والمخطوطات في مختلف مجالات العلوم والآداب، خاصة العلوم الشرعية.
وقد كان مؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود من الداعمين للمكتبات ومكوناتها، حيث كان يهتم بتقديم المعرفة عبر اقتنائه الكتب والمخطوطات سواء من داخل الجزيرة العربية أو من العراق واليمن وغيرها.
واستمر هذا النهج مع الإمام فيصل بن تركي وحتى تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمهم الله جميعا - حيث ظهرت مختلف أنواع المكتبات وتشكلت بمفاهيم متنوعة تواكب ما عليه الحالة الثقافية في وقتها، ثم أخذت المكتبات الإطار الرسمي المؤسسي لتقديم عمل منتظم وفعال.
وقد استمر تطوير المكتبات خلال عهود أبنائه الملوك حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - الذي يشهد استثمار مختلف عناصر الثقافة والمعرفة وعلى رأسها المكتبات من أجل الحضور والتأثير في الثقافات العالمية، حيث ترتكز رؤية 2030 على عدة أهداف استراتيجية مثلى ونموذجية منها: الثقافة كنمط حياة، والثقافة من أجل النمو الثقافي، والثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية الدولية عبر هذه القوة الناعمة.
ومن هنا فإن قدر الثقافة أن تكون من ضمن طليعة الأسس التي تشكل الهوية، ولها بعدها الحيوي في تاريخ المجتمعات، وتشير مختلف الفلسفات العالمية الراهنة إلى أن عناصر الثقافة هي التي تبقي على السطوع الدائم للأمم من خلال العلم والمعرفة، والمكتبات بمحتوياتها هي البعد النافذ في هذه العناصر.
فالمكتبات لا تشكل الوعي المجتمعي فحسب، ولكنه تدخله إلى فضاء التحضر عبر منحه طاقات عميقة للتعامل مع العالم، فضلا على جعله يعتز بمقدراته الوطنية والتاريخية.
إنني أتصور أن مكتباتنا اليوم بحاجة ماسة إلى فهم حاجة الأفراد والمجتمع بمختلف مشاربه ومكوناته للانخراط في تقديم الخدمات والأفكار التي تسند هويتنا وقيمنا وتاريخنا وآدابنا وفنوننا وألواننا الشعبية وتراثنا الثقافي المميز.
علينا أن نفعّل كل إمكانياتنا لنتمكن من تعزيز الصورة الذهنية الثقافية والحضارية لبلادنا، وتحديد استراتيجيات ثقافية متجددة من شأنها أن تستلهم مختلف التطورات لإيجاد أفق مشترك يرتكز على استراتيجية تهدف إلى معايشة المكتبات للتحولات العصرية التقنية من جهة، وتحولات الذهنية القارئة للمجتمع نفسه بكل عناصره ومستوياته، من المواطنين والمقيمين معا.
فالمملكة العربية السعودية يعيش على أرضها أكثر من 60 جنسية من بلاد العالم المختلفة، وبعض هذه الجنسيات لها ثقافات نوعية من الممكن استثمارها في تفعيل وعي ثقافي مشترك، بحيث تشارك المكتبات في قراءة تفاصيل الواقع، والحياة اليومية للمجتمع، والعمل على تغيير نمط اللقاءات الثقافية المتكلف والذي أثبت أنه يعيش في كوكب آخر، وليس هذا زمانه، ولا هذا الجمهور هو جمهوره، وإنشاء مسارح ودور سينما بالمكتبات، وصوالين قريبة من الواقع المجتمعي وتفاصيله اليومية، دون إحداث مسافة بين ما هو نخبوي وما هو ثقافي عام، والعمل على إقامة معارض لعناصر الثقافة المختلفة: للموسيقى، للفن التشكيلي، للسينما، وللطرز المعمارية، وللتراث، للأزياء، بل لفنون الطهي، والتقاليد والحرف الشعبية اليدوية.
كما تتطلب الرؤية التطويرية العناية بثقافة الطفل بشكل أوسع يتناسب والذهنيات الطفولية الجديدة التي تشبعت بأدوات التقنية، فلم تعد قصص الأطفال الموجهة والمملة تؤثر بالطفل لابد من استخدام شاشات العرض الحديثة، ووسائل الجذب المحفزة لتنمية وعي الطفل بما يتناسب وحيويته التقنية وعصره الحديث الذي يعيشه.
إن هذه الطرق لتطوير وتحديث عمل المكتبات، مع الحفاظ على الصورة الثقافية الواقعية التي يعيشها المجتمع السعودي هي التي ستؤدي لإيصال الصوت الثقافي السعودي للعالم.
SalehAlshammari@
وقد كان مؤسس الدولة السعودية الأولى الإمام محمد بن سعود من الداعمين للمكتبات ومكوناتها، حيث كان يهتم بتقديم المعرفة عبر اقتنائه الكتب والمخطوطات سواء من داخل الجزيرة العربية أو من العراق واليمن وغيرها.
واستمر هذا النهج مع الإمام فيصل بن تركي وحتى تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمهم الله جميعا - حيث ظهرت مختلف أنواع المكتبات وتشكلت بمفاهيم متنوعة تواكب ما عليه الحالة الثقافية في وقتها، ثم أخذت المكتبات الإطار الرسمي المؤسسي لتقديم عمل منتظم وفعال.
وقد استمر تطوير المكتبات خلال عهود أبنائه الملوك حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - الذي يشهد استثمار مختلف عناصر الثقافة والمعرفة وعلى رأسها المكتبات من أجل الحضور والتأثير في الثقافات العالمية، حيث ترتكز رؤية 2030 على عدة أهداف استراتيجية مثلى ونموذجية منها: الثقافة كنمط حياة، والثقافة من أجل النمو الثقافي، والثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية الدولية عبر هذه القوة الناعمة.
ومن هنا فإن قدر الثقافة أن تكون من ضمن طليعة الأسس التي تشكل الهوية، ولها بعدها الحيوي في تاريخ المجتمعات، وتشير مختلف الفلسفات العالمية الراهنة إلى أن عناصر الثقافة هي التي تبقي على السطوع الدائم للأمم من خلال العلم والمعرفة، والمكتبات بمحتوياتها هي البعد النافذ في هذه العناصر.
فالمكتبات لا تشكل الوعي المجتمعي فحسب، ولكنه تدخله إلى فضاء التحضر عبر منحه طاقات عميقة للتعامل مع العالم، فضلا على جعله يعتز بمقدراته الوطنية والتاريخية.
إنني أتصور أن مكتباتنا اليوم بحاجة ماسة إلى فهم حاجة الأفراد والمجتمع بمختلف مشاربه ومكوناته للانخراط في تقديم الخدمات والأفكار التي تسند هويتنا وقيمنا وتاريخنا وآدابنا وفنوننا وألواننا الشعبية وتراثنا الثقافي المميز.
علينا أن نفعّل كل إمكانياتنا لنتمكن من تعزيز الصورة الذهنية الثقافية والحضارية لبلادنا، وتحديد استراتيجيات ثقافية متجددة من شأنها أن تستلهم مختلف التطورات لإيجاد أفق مشترك يرتكز على استراتيجية تهدف إلى معايشة المكتبات للتحولات العصرية التقنية من جهة، وتحولات الذهنية القارئة للمجتمع نفسه بكل عناصره ومستوياته، من المواطنين والمقيمين معا.
فالمملكة العربية السعودية يعيش على أرضها أكثر من 60 جنسية من بلاد العالم المختلفة، وبعض هذه الجنسيات لها ثقافات نوعية من الممكن استثمارها في تفعيل وعي ثقافي مشترك، بحيث تشارك المكتبات في قراءة تفاصيل الواقع، والحياة اليومية للمجتمع، والعمل على تغيير نمط اللقاءات الثقافية المتكلف والذي أثبت أنه يعيش في كوكب آخر، وليس هذا زمانه، ولا هذا الجمهور هو جمهوره، وإنشاء مسارح ودور سينما بالمكتبات، وصوالين قريبة من الواقع المجتمعي وتفاصيله اليومية، دون إحداث مسافة بين ما هو نخبوي وما هو ثقافي عام، والعمل على إقامة معارض لعناصر الثقافة المختلفة: للموسيقى، للفن التشكيلي، للسينما، وللطرز المعمارية، وللتراث، للأزياء، بل لفنون الطهي، والتقاليد والحرف الشعبية اليدوية.
كما تتطلب الرؤية التطويرية العناية بثقافة الطفل بشكل أوسع يتناسب والذهنيات الطفولية الجديدة التي تشبعت بأدوات التقنية، فلم تعد قصص الأطفال الموجهة والمملة تؤثر بالطفل لابد من استخدام شاشات العرض الحديثة، ووسائل الجذب المحفزة لتنمية وعي الطفل بما يتناسب وحيويته التقنية وعصره الحديث الذي يعيشه.
إن هذه الطرق لتطوير وتحديث عمل المكتبات، مع الحفاظ على الصورة الثقافية الواقعية التي يعيشها المجتمع السعودي هي التي ستؤدي لإيصال الصوت الثقافي السعودي للعالم.
SalehAlshammari@