دحام مبارك الغالب

عقدة النقص

السبت - 11 مارس 2023

Sat - 11 Mar 2023

عندما يعاني شخص من عقدة نقص فإنه يشعر بالتهديد والتوتر لمجرد وجوده بين أقرانه، وفي بعض الأحيان قد يحاول التعويض عن مشاعره بالنقص من خلال التصرف بطريقة مفرطة في التنافسية أو التصرف بعدوانية تجاه الآخرين.

وعقدة النقص هي تدن مزمن في تقدير الذات أو صورة ذاتية سلبية جدا بسبب درجة متخيلة من القصور عن النفس، وهو شعور قوي بعدم الكفاءة وانعدام الأمن، ناجم عن نقص جسدي، أو نفسي حقيقي أو افتراضي متخيل.

وعلى الرغم من أن عقدة النقص ليست حالة رسمية معترفا بها ضمن اضطرابات الصحة العقلية والنفسية، إلا أنها تأتي مصاحبة لأعراض خطيرة أبسطها انعدام الشغف والحافز، وعدم التمتع بالمهارات الاجتماعية، وأعمقها وأخطرها القلق والتوتر والاكتئاب والحزن والميول الانتحارية مرورا بانعدام القيمة واحتقار الذات وضعف الأداء في العمل أو الدراسة أو العلاقات.

تحدث عقدة النقص على الأرجح نتيجة اجتماع عوامل متعددة، وقد تتطور بمرور الوقت بسبب عدم الوعي بالحالة والمعاناة من التراكمات النفسية، فبسبب الأحداث السلبية التي قد يصادفها بعض الأطفال مبكرا، فقد يكبر الأطفال الذين يعانون من الوحدة وعدم الاختلاط مع أقرانهم، خصوصا بين بالغين يلبون كل حاجاتهم، فيشعر الطفل بالضعف وعدم القدرة على رعاية نفسه من دون إشراف، ويمكن أن يتفاقم هذا الإحساس فيكبر الشخص وهو يعاني شعورا دائما بالنقص وعدم الثقة بقدراته أو قيمته.

كذلك نشأة الصغار في بيئة من القسوة والتجاهل، فيجعلهم ذلك يتساءلون عن قيمتهم وأهميتهم، فيكبر هؤلاء وهم يشعرون بالخجل والانطواء وعدم الاقتناع بوجود أي قيمة لهم عند من حولهم.

كما يمكن بسبب ملامح الوجه أو الزيادة في الوزن أو أي من السمات الجسدية الأخرى أن يتولد لدى الشخص دافع قهري للقلق المزمن، مما يمكن أن يؤدي إلى عقدة نقص حادة، كما يمكن لحالات أخرى، مثل الإعاقة في الكلام (التلعثم والتأتأة)، أو التشوهات والعاهات الجسدية المختلفة، أو حتى مشكلات الجلد، أن تعزز الشعور بعدم الكفاءة والنقص، وهناك أسباب مجتمعية تتعلق بالفقر أو العيش في المجتمعات الصعبة، أبرزها الحرمان من أساسيات الحياة والفرص المختلفة.

وأن يكون الشخص مضطرا باستمرار إلى طلب المساعدة ممن حوله، يمكن أن يؤثر ذلك سلبا على تقديره لقيمته الذاتية.

وقد تظهر عقدة النقص في مرحلة البلوغ بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة نفسها، مثل عدم القدرة على العثور على عمل، أو الفقر الاجتماعي، أو عدم العثور على شريك حياة.

ووصلنا الآن إلى السؤال المنتظر: كيف تتخلص من عقدة النقص؟

يجب على كل من يشعر بعقدة النقص لديه أن يحاول أن يبني ثقته بنفسه ولا يستسلم، كما يجب عليه في بداية الأمر تقبل نفسه، حتى لو كان لديه عيوب عديدة سواء في شكل وجهه أو شعره أو ابتسامته، ومن ثم إن كان هناك مجال للتغيير كإصلاح الأسنان أو إجراء أي تعديلات طبية فعليه أن يبادر لفعلها، ويمكن أن تكون عقدة النقص التي يشعر بها الإنسان ناجمة عن الأشخاص المحيطين به حتى لو كانوا أشخاصا مقربين، فالعديد من الناس يطلقون الكلمات والأوصاف دون أن يفكروا بالتأثير السلبي على متلقي هذه الكلمات، ولهذا لا بد للشخص الذي يريد التخلص من عقدة النقص لديه إهمال هؤلاء الناس والابتعاد عنهم واستبدالهم بأشخاص داعمين وإيجابيين يزيدون من ثقة الشخص بنفسه، كما ينصح دوما بعدم مقارنة الشخص لنفسه مع الآخرين والتركيز على تطوير نفسه ومقارنة نفسه في الوقت الحالي مع ما كان عليه في وقت سابق، كما أن التركيز على الصفات الإيجابية والعمل المستمر لتنميتها وتطويرها، سيقلل ذلك الشعور بالنقص، وأخيرا من الضروري القراءة عن عقد النقص وطرق التعامل معها، ولا عيب في طلب المساعدة المهنية لتحسين الصورة الذاتية السلبية، ويمكن أن يساعدك متخصص العلاج النفسي في فهم سبب مشاعر الدونية، وتعزيز آليات تصحيح المفاهيم الخاطئة، وفقا للحالة.

@Daham9920