إيجاز ما نقص من خدمات ذي المجاز!
السبت - 11 مارس 2023
Sat - 11 Mar 2023
مخطط الراشدية (ذو المجاز) التابع تنظيميا لبلدية الشرائع الفرعية وأمانة العاصمة المقدسة مخطط بحاجة لكثير من الخدمات العامة، أهمها سفلتة الطرق ورصف الشوارع، فهذا المخطط من المخططات المكية النامية سريعا، وبدأ يكتظ بالسكان بشكل ملحوظ، خاصة بعد عمليات التطوير التي تشهدها منطقة الحرم والمخططات العشوائية في مكة، ولكنه ما يزال يفتقد للخدمات الأساسية، فلا ماء، ولا صرف صحي، ولا شوارع مسفلتة أو مرصوفة، ولا حتى إرشادات أو إشارات مرورية!
أحد الزملاء منّ الله عليه وأكرمه بشراء قطعتي أرض في هذا المخطط، فاتصل به بعضنا يسأله عن الموقع، فقال: تسمعون بسوق ذي المجاز! قالوا: لا، فقال لهم واصفا إياه: سوق من أسواق العرب في الجاهلية، كانت تأتيه وفود الحجيج وتمكث به بضعة أيام قبل الذهاب إلى بيت الله، وقد خرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس للإسلام، وكان عمه أبو لهب يتبعه ويدعو الناس لعدم تصديقه، وكان طوال طريقه يرمي رسول الله بالحصى حتى دميت قدماه الشريفتان، وفيه أقامت الخنساء عزاء أخويها معاوية وصخر، وكذا أقامت هند بنت عتبة عزاء أبيها وعمها وأخيها قتلى بدر، وفيه قتل أبو أزيهر الدوسي وانتصرت له دوس من أبي سفيان وقومه وقتلت منهم تسعة، وفي ذلك يقول الشاعر: تركنا تسعة للطير منهم بمكة للسباع مطرَّحينا، فلما إن قضينا الدَّين قالوا: نريد الصلح، قلنا: قد رضينا.
ولا يبعد هذا المخطط عن مشعري عرفة ومنى إلا دقائق معدودات مشيا بالأقدام أو ركوبا في السيارات، لذلك هو بحاجة لعناية خاصة من أمانة العاصمة المقدسة، ومن وزارة السياحة المعنية برعاية التراث الوطني وحماية الآثار العامة، وقد قامت الوزارة مشكورة بتسوير منطقة السوق القديمة، ولكن المكان ظل مهجورا مدة طويلة، وغائبا عن الحضور في الفعاليات والمهرجانات الوطنية برغم عبق التاريخ وأصالة المنشأ، وكان حري بوزارتي السياحة والثقافة وبكل الجهات المعنية بالتراث بجانب اهتماماتهما وأعمالهما العظيمة إحياء هذا المكان وإعادة رمزيته التاريخية!
المكان جميل بموقعه الاستراتيجي فضلا عن مكانته ورمزيته التاريخية، حيث تحوطه الجبال من كل الجهات، فمن جهتي الشرق والجنوب يحتضنه جبل (كبكب) المشهور، وهذا جبل غارق في التاريخ، وهو جبل هذيل المعروف، تغنى به شعراء الجاهلية والإسلام، وجاء في أشعارهم وأخبارهم كما عند الأعشى وامرؤ القيس وأوس بن حجر وغيرهم، وفي فصل الشتاء وأيام الأمطار ترى الضباب يعانق هذا الجبل الأشم تماما كما لو كنت في جبال دوس الشامخة أو سودة عسير!
ثم قال لزملائنا من ذوي الجيوب الممتلئة ذهبا: في أرضي الأولى نصبت الخنساء خيمتها، وكانت الشمس تطلع عليها من قمم الجبال وتذكرها أخاها صخرا فتتوقد قريحتها الشعرية، وفي الثانية نصبت هند بنت عتبة خيمتها، وبينهما ثأر الأزد لأبي أزيهر، وعلى ثراها وطأت أشرف قدمين على صاحبهما أفضل الصلاة والسلام، ولا أبيع هذين المكانين بقليل، ومن يريد الشراء فعليه إغرائي بالأموال الطائلة والطائلة جدا، ثم قال: لا تتأخروا فربما أوافق وأبيع قبل نزول أسعار العقار!
وأنا أقول: لا تصدقوه! فلا أظنه يبيع كل هذا التاريخ بدراهم مبذولة بقدر ما هو - وأضم صوتي لصوته - يدعو أمانة العاصمة المقدسة للاهتمام بهذا الحي وسفلتة شوارعه ورصفها، ومد شبكات المياه والصرف الصحي أسوة بغيره من الأحياء السكنية، كما أنه يدعو وزارتي السياحة والثقافة لإحياء سوق ذي المجاز، وإنشاء المتاحف والمكتبات العامة والصوالين الأدبية، ويدعو هيئة الترفيه والهيئة الملكية لمدينة مكة والمشاعر المقدسة لإقامة الحدائق العامة، والفعاليات والأنشطة الأدبية، والمهرجانات الوطنية، ويدعو وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد لإنشاء المساجد الكبيرة والمساهمة بتسهيل عمارتها مع فاعلي الخير كما هي عادتها.
ونحن هنا لا نقلل من نشاط البلدية والأمانة والوزارات والهيئات المعنية بتطوير هذا المكان أبدا، ولكننا عيون لها عليه وعلى غيره، وأرجو بعد هذا الإيضاح أن تشهد كل الأحياء في مخطط ذي المجاز تطويرا يوازي مكانته التاريخية وحاجة سكانه للخدمات الأساسية، ولو أن زميلنا هذا يبيع لي أرضا هناك جعلتها مسجدا لأهل الحي أو صالونا أدبيا لشعراء وأدباء مكة.
drbmaz@
أحد الزملاء منّ الله عليه وأكرمه بشراء قطعتي أرض في هذا المخطط، فاتصل به بعضنا يسأله عن الموقع، فقال: تسمعون بسوق ذي المجاز! قالوا: لا، فقال لهم واصفا إياه: سوق من أسواق العرب في الجاهلية، كانت تأتيه وفود الحجيج وتمكث به بضعة أيام قبل الذهاب إلى بيت الله، وقد خرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس للإسلام، وكان عمه أبو لهب يتبعه ويدعو الناس لعدم تصديقه، وكان طوال طريقه يرمي رسول الله بالحصى حتى دميت قدماه الشريفتان، وفيه أقامت الخنساء عزاء أخويها معاوية وصخر، وكذا أقامت هند بنت عتبة عزاء أبيها وعمها وأخيها قتلى بدر، وفيه قتل أبو أزيهر الدوسي وانتصرت له دوس من أبي سفيان وقومه وقتلت منهم تسعة، وفي ذلك يقول الشاعر: تركنا تسعة للطير منهم بمكة للسباع مطرَّحينا، فلما إن قضينا الدَّين قالوا: نريد الصلح، قلنا: قد رضينا.
ولا يبعد هذا المخطط عن مشعري عرفة ومنى إلا دقائق معدودات مشيا بالأقدام أو ركوبا في السيارات، لذلك هو بحاجة لعناية خاصة من أمانة العاصمة المقدسة، ومن وزارة السياحة المعنية برعاية التراث الوطني وحماية الآثار العامة، وقد قامت الوزارة مشكورة بتسوير منطقة السوق القديمة، ولكن المكان ظل مهجورا مدة طويلة، وغائبا عن الحضور في الفعاليات والمهرجانات الوطنية برغم عبق التاريخ وأصالة المنشأ، وكان حري بوزارتي السياحة والثقافة وبكل الجهات المعنية بالتراث بجانب اهتماماتهما وأعمالهما العظيمة إحياء هذا المكان وإعادة رمزيته التاريخية!
المكان جميل بموقعه الاستراتيجي فضلا عن مكانته ورمزيته التاريخية، حيث تحوطه الجبال من كل الجهات، فمن جهتي الشرق والجنوب يحتضنه جبل (كبكب) المشهور، وهذا جبل غارق في التاريخ، وهو جبل هذيل المعروف، تغنى به شعراء الجاهلية والإسلام، وجاء في أشعارهم وأخبارهم كما عند الأعشى وامرؤ القيس وأوس بن حجر وغيرهم، وفي فصل الشتاء وأيام الأمطار ترى الضباب يعانق هذا الجبل الأشم تماما كما لو كنت في جبال دوس الشامخة أو سودة عسير!
ثم قال لزملائنا من ذوي الجيوب الممتلئة ذهبا: في أرضي الأولى نصبت الخنساء خيمتها، وكانت الشمس تطلع عليها من قمم الجبال وتذكرها أخاها صخرا فتتوقد قريحتها الشعرية، وفي الثانية نصبت هند بنت عتبة خيمتها، وبينهما ثأر الأزد لأبي أزيهر، وعلى ثراها وطأت أشرف قدمين على صاحبهما أفضل الصلاة والسلام، ولا أبيع هذين المكانين بقليل، ومن يريد الشراء فعليه إغرائي بالأموال الطائلة والطائلة جدا، ثم قال: لا تتأخروا فربما أوافق وأبيع قبل نزول أسعار العقار!
وأنا أقول: لا تصدقوه! فلا أظنه يبيع كل هذا التاريخ بدراهم مبذولة بقدر ما هو - وأضم صوتي لصوته - يدعو أمانة العاصمة المقدسة للاهتمام بهذا الحي وسفلتة شوارعه ورصفها، ومد شبكات المياه والصرف الصحي أسوة بغيره من الأحياء السكنية، كما أنه يدعو وزارتي السياحة والثقافة لإحياء سوق ذي المجاز، وإنشاء المتاحف والمكتبات العامة والصوالين الأدبية، ويدعو هيئة الترفيه والهيئة الملكية لمدينة مكة والمشاعر المقدسة لإقامة الحدائق العامة، والفعاليات والأنشطة الأدبية، والمهرجانات الوطنية، ويدعو وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد لإنشاء المساجد الكبيرة والمساهمة بتسهيل عمارتها مع فاعلي الخير كما هي عادتها.
ونحن هنا لا نقلل من نشاط البلدية والأمانة والوزارات والهيئات المعنية بتطوير هذا المكان أبدا، ولكننا عيون لها عليه وعلى غيره، وأرجو بعد هذا الإيضاح أن تشهد كل الأحياء في مخطط ذي المجاز تطويرا يوازي مكانته التاريخية وحاجة سكانه للخدمات الأساسية، ولو أن زميلنا هذا يبيع لي أرضا هناك جعلتها مسجدا لأهل الحي أو صالونا أدبيا لشعراء وأدباء مكة.
drbmaz@