هيئة الاتصالات بين النقد والفخر
السبت - 11 مارس 2023
Sat - 11 Mar 2023
حين لمست عدم سلامة العقد الذي قدمته لي إحدى شركات الاتصالات ولم يتم حل المشكلة من خلال التواصل معهم لعدة مرات سخطت من الجهة المنظمة لهذه الشركات التي تضع الحبل على الغارب ولا يهمها المستهلك.
سرعان ما تغيرت نظرتي حين اتجهت لهيئة الاتصالات الذين وجهوني للإجراء النظامي المتمثل في تقديم شكوى على موقع مزود الخدمة وفي حال عدم حلها في غضون 5 أيام يتم تصعيدها إلى هيئة الاتصالات برقم الشكوى السابقة.
وبعد تقديم الشكوى على موقع مزود الخدمة، تواصل معي مندوب الشركة بلهجة مختلفة وتم فسخ العقد المشبوه وإعادة المبلغ في أقل من 24 ساعة.
علمت حينها بأن هناك مراقبا صارما ضد تلاعب بعض الشركات غير أنه ينقصنا الوعي بالإجراءات السليمة.
ولتأكيد هذا الأمر، نشاهد إعلان غرامات سنوية على بعض تلك الشركات بعشرات الملايين لمخالفات عديدة ومنها عدم الالتزام بتنفيذ عدد من توجيهات الهيئة في عدد من الشكاوى، وعدم الالتزام بضوابط الحد من الرسائل الاقتحامية المخالفة لنظام الاتصالات، وتأسيس شرائح اتصال مخالفة لنظام الاتصالات وغيرها.
ومع هذا، كنت أتساءل دوما منذ بداية الاطلاع على تفاصيل الرؤية والتحول المصاحب لها، عن مدى مواكبة بعض القطاعات لهذا التحول الهائل ومنها قطاع الاتصالات. حضرت جائحة كورونا وشاهدنا هذا القطاع يبرز كفارس من فرسان المرحلة حين مثل ركيزة جوهرية دعمت مواصلة التعليم والعمل عن بعد، وقلصت تأثير الجائحة على سير حياتنا.
انتهت الجائحة وبدأنا نشاهد المشاريع الضخمة تنهال من كل حدب وصوب، فعادت المخاوف مجددا من قدرة قطاع الاتصالات والبلديات والنقل وغيرها من مواكبة النمو الهائل في كل شبر من الوطن.
الأمر الذي دعاني للاطلاع على تقرير هيئة الاتصالات لهذا العام وحضور منتدى مؤشرات الاتصالات والتقنية 2023 الذي عقد الشهر الحالي في الرياض.
لا أخفيكم فقد تملكتني مشاعر الفخر والاعتزاز بما اطلعت عليه في المنتدى والتقرير الراصد لحقائق مذهلة من خلال معطيات دامغة مثبتة بالأرقام، والأرقام لا تكذب كما يقال.
وفي الأمثلة تتضح الرؤية، فقد تجاوزت سرعات الإنترنت لدينا 181 ميجابايت في الثانية وهو ضعف المتوسط العالمي لتضع المملكة ضمن الدول العشر الأول في سرعة الإنترنت المتنقل.
وتأكيدا على تطور منظومة الاتصالات في المملكة، يشير التقرير على تغطية خدمة الإنترنت عالي السرعة في 21 ألف قرية وهجرة في مختلف مناطق المملكة، بالإضافة إلى مضاعفة إيصال الألياف الضوئية للمنازل، ليصبح إجمالي المنازل المغطاة 3.7 ملايين منزل.
وفي قراءة لارتفاع نسبة انتشار استخدام الإنترنت في المملكة التي وصلت إلى 99% وكذلك نسبة اشتراكات الاتصالات المتنقلة نجدها وصلت لـ172% من السكان، مما يعني كفاءة البنية التحتية الرقمية لمساحة بلد تجاوزت 2 مليون كلم2 وهو ما جعل معدل استهلاك الفرد في المملكة لبيانات الإنترنت المتنقل 1200 ميجا بايت يوميا، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف المعدل اليومي العالمي!
ويتواصل الفخر والاعتزاز لما وصلته بلادنا من جودة الخدمات في هذا القطاع، حيث تواصل السير ضمن قائمة أعلى 10 دول في سرعات الإنترنت المتنقل برقم تجاوز 180 ميجابايت في الثانية. وضمن أعلى 5 دول العالم في تفعيل الإصدار السادس لبروتوكول الإنترنت (IPv6).
وفي نافذة أخرى من التقرير، نجد أن 49% من سكان المملكة يقضون 7 ساعات فأكثر في اليوم على الإنترنت في فترة تتراوح بين الساعة 11 - 8 مساء، ويوم الذروة ذهب من نصيب يوم السبت، مستخدمين تطبيقات عديدة تصدرتها تطبيقات الواتس أب والسناب واليوتيوب بنسبة 65% و67% و91% على التوالي، وتطبيقات أخرى في مجال المطاعم والتوصيل والتسوق وتطبيقات اللياقة والرياضة والمؤشرات الحيوية لفئات عمرية مختلفة ولأنواع من الأجهزة المستخدمة والكثير من التفاصيل.
إن معرفة مثل هذه البيانات كأوقات الذروة عند المستخدمين وأكثر التطبيقات استخداما ونمط المستخدمين وسلوكهم في غاية الأهمية. فعلى المستوى الشخصي، يتعرف الشخص على أفضل وقت لنشر محتواه في المنصة المناسبة.
وعلى المستوى التجاري، فالبيانات الرقمية مؤشرات تدعم اقتصاد البلد لتزويد المستثمرين بهدف رسم خططهم الاستراتيجية في إدارة وتسويق وبناء المشاريع بصورة دقيقة.
لفت نظري الأنشطة التي يقوم بها مستخدمو الإنترنت، يتصدرها شراء السلع والبحث عن معلومات صحية بنسبة 30% و64% على التوالي وهو ما يعتبر مؤشرا جيدا في الجانبين. فشراء السلع أونلاين يوفر على الفرد اقتصاديا ويوفر عليه الوقت والضغط النفسي والصحي وكذلك يخفف من الزحام المروري ونسبة حوادث الطرق.
هذه المؤشرات والأرقام تعكس الجهود والتوجهات في تعزيز كفاءة البنية التحتية الرقمية، لدعم تطلعات ورؤى الاقتصاد الرقمي في المملكة.
وهي كذلك تعكس نمو الاقتصاد الرقمي وفقا لأحدث الإحصائيات، وتزويد الباحثين والمستثمرين والمهتمين بمعلومات وأرقام عن الإنترنت مما يسهم في تحفيز الاستثمارات الأجنبية لدخولها إلى البلد.
هذا لا يعني الكمال؛ فالمأمول أكبر والتحديات هائلة، فوجود كيانات رسمية وخاصة في وطن أشبه بورشة عمل لمشاريع كبرى بمقاييس مبهرة ومواصفات خلّاقة من مدن حديثة ومنشآت عملاقة في الطاقة والترفيه والإسكان والنقل وغيرها يتطلب بنية تحتية استثنائية في قطاعات مختلفة، الأمر الذي يشكل تحديات كبرى لنجاح هذه الكيانات في مواكبة التطلعات أو الإخفاق لا قدر الله.
FahadAlAhmary1@
سرعان ما تغيرت نظرتي حين اتجهت لهيئة الاتصالات الذين وجهوني للإجراء النظامي المتمثل في تقديم شكوى على موقع مزود الخدمة وفي حال عدم حلها في غضون 5 أيام يتم تصعيدها إلى هيئة الاتصالات برقم الشكوى السابقة.
وبعد تقديم الشكوى على موقع مزود الخدمة، تواصل معي مندوب الشركة بلهجة مختلفة وتم فسخ العقد المشبوه وإعادة المبلغ في أقل من 24 ساعة.
علمت حينها بأن هناك مراقبا صارما ضد تلاعب بعض الشركات غير أنه ينقصنا الوعي بالإجراءات السليمة.
ولتأكيد هذا الأمر، نشاهد إعلان غرامات سنوية على بعض تلك الشركات بعشرات الملايين لمخالفات عديدة ومنها عدم الالتزام بتنفيذ عدد من توجيهات الهيئة في عدد من الشكاوى، وعدم الالتزام بضوابط الحد من الرسائل الاقتحامية المخالفة لنظام الاتصالات، وتأسيس شرائح اتصال مخالفة لنظام الاتصالات وغيرها.
ومع هذا، كنت أتساءل دوما منذ بداية الاطلاع على تفاصيل الرؤية والتحول المصاحب لها، عن مدى مواكبة بعض القطاعات لهذا التحول الهائل ومنها قطاع الاتصالات. حضرت جائحة كورونا وشاهدنا هذا القطاع يبرز كفارس من فرسان المرحلة حين مثل ركيزة جوهرية دعمت مواصلة التعليم والعمل عن بعد، وقلصت تأثير الجائحة على سير حياتنا.
انتهت الجائحة وبدأنا نشاهد المشاريع الضخمة تنهال من كل حدب وصوب، فعادت المخاوف مجددا من قدرة قطاع الاتصالات والبلديات والنقل وغيرها من مواكبة النمو الهائل في كل شبر من الوطن.
الأمر الذي دعاني للاطلاع على تقرير هيئة الاتصالات لهذا العام وحضور منتدى مؤشرات الاتصالات والتقنية 2023 الذي عقد الشهر الحالي في الرياض.
لا أخفيكم فقد تملكتني مشاعر الفخر والاعتزاز بما اطلعت عليه في المنتدى والتقرير الراصد لحقائق مذهلة من خلال معطيات دامغة مثبتة بالأرقام، والأرقام لا تكذب كما يقال.
وفي الأمثلة تتضح الرؤية، فقد تجاوزت سرعات الإنترنت لدينا 181 ميجابايت في الثانية وهو ضعف المتوسط العالمي لتضع المملكة ضمن الدول العشر الأول في سرعة الإنترنت المتنقل.
وتأكيدا على تطور منظومة الاتصالات في المملكة، يشير التقرير على تغطية خدمة الإنترنت عالي السرعة في 21 ألف قرية وهجرة في مختلف مناطق المملكة، بالإضافة إلى مضاعفة إيصال الألياف الضوئية للمنازل، ليصبح إجمالي المنازل المغطاة 3.7 ملايين منزل.
وفي قراءة لارتفاع نسبة انتشار استخدام الإنترنت في المملكة التي وصلت إلى 99% وكذلك نسبة اشتراكات الاتصالات المتنقلة نجدها وصلت لـ172% من السكان، مما يعني كفاءة البنية التحتية الرقمية لمساحة بلد تجاوزت 2 مليون كلم2 وهو ما جعل معدل استهلاك الفرد في المملكة لبيانات الإنترنت المتنقل 1200 ميجا بايت يوميا، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف المعدل اليومي العالمي!
ويتواصل الفخر والاعتزاز لما وصلته بلادنا من جودة الخدمات في هذا القطاع، حيث تواصل السير ضمن قائمة أعلى 10 دول في سرعات الإنترنت المتنقل برقم تجاوز 180 ميجابايت في الثانية. وضمن أعلى 5 دول العالم في تفعيل الإصدار السادس لبروتوكول الإنترنت (IPv6).
وفي نافذة أخرى من التقرير، نجد أن 49% من سكان المملكة يقضون 7 ساعات فأكثر في اليوم على الإنترنت في فترة تتراوح بين الساعة 11 - 8 مساء، ويوم الذروة ذهب من نصيب يوم السبت، مستخدمين تطبيقات عديدة تصدرتها تطبيقات الواتس أب والسناب واليوتيوب بنسبة 65% و67% و91% على التوالي، وتطبيقات أخرى في مجال المطاعم والتوصيل والتسوق وتطبيقات اللياقة والرياضة والمؤشرات الحيوية لفئات عمرية مختلفة ولأنواع من الأجهزة المستخدمة والكثير من التفاصيل.
إن معرفة مثل هذه البيانات كأوقات الذروة عند المستخدمين وأكثر التطبيقات استخداما ونمط المستخدمين وسلوكهم في غاية الأهمية. فعلى المستوى الشخصي، يتعرف الشخص على أفضل وقت لنشر محتواه في المنصة المناسبة.
وعلى المستوى التجاري، فالبيانات الرقمية مؤشرات تدعم اقتصاد البلد لتزويد المستثمرين بهدف رسم خططهم الاستراتيجية في إدارة وتسويق وبناء المشاريع بصورة دقيقة.
لفت نظري الأنشطة التي يقوم بها مستخدمو الإنترنت، يتصدرها شراء السلع والبحث عن معلومات صحية بنسبة 30% و64% على التوالي وهو ما يعتبر مؤشرا جيدا في الجانبين. فشراء السلع أونلاين يوفر على الفرد اقتصاديا ويوفر عليه الوقت والضغط النفسي والصحي وكذلك يخفف من الزحام المروري ونسبة حوادث الطرق.
هذه المؤشرات والأرقام تعكس الجهود والتوجهات في تعزيز كفاءة البنية التحتية الرقمية، لدعم تطلعات ورؤى الاقتصاد الرقمي في المملكة.
وهي كذلك تعكس نمو الاقتصاد الرقمي وفقا لأحدث الإحصائيات، وتزويد الباحثين والمستثمرين والمهتمين بمعلومات وأرقام عن الإنترنت مما يسهم في تحفيز الاستثمارات الأجنبية لدخولها إلى البلد.
هذا لا يعني الكمال؛ فالمأمول أكبر والتحديات هائلة، فوجود كيانات رسمية وخاصة في وطن أشبه بورشة عمل لمشاريع كبرى بمقاييس مبهرة ومواصفات خلّاقة من مدن حديثة ومنشآت عملاقة في الطاقة والترفيه والإسكان والنقل وغيرها يتطلب بنية تحتية استثنائية في قطاعات مختلفة، الأمر الذي يشكل تحديات كبرى لنجاح هذه الكيانات في مواكبة التطلعات أو الإخفاق لا قدر الله.
FahadAlAhmary1@