فهد عبدالله

السمعة المؤسسية الجاذبة

الثلاثاء - 07 مارس 2023

Tue - 07 Mar 2023

لا يمكن للسمعة المؤسسية الجاذبة أن تكون كذلك، وليس هناك رضا بشكل عام لأبناء المؤسسة عن الأوضاع الداخلية السائدة، ولا يمكن لها أن تلفت الانتباه لأبناء ثقافات المؤسسات الأخرى وهي مرتبكة في تعاطيها الإداري تجاه طريقة الاستثمار والصناعة الاستراتيجية الواضحة، فضلا عن القيم التي تقوم على صيانتها تجاه جميع المتأثرين بالعمليات لديها وعلى رأسهم العميل الداخلي الموظف والعميل الخارجي المستهلك.

أثبتت السمعة المؤسسية الجاذبة أنها من أهم الروافد التي تضع للمؤسسة موقعا بارزا في سوق الأعمال وأثرا مباشرا وغير مباشر على مستوى الإنتاجية وغلة الأرباح؛ لذلك عندما يكون النضج في مستويات مرتفعة لصناعة القرار في أي مؤسسة سيكون هناك خط استراتيجي يتناول كل معطيات السمعة المؤسسية والصورة الخارجية (Public Image) وكيف يمكن تغذيتها بشكل صحيح وحمايتها من أي تلوثات قد تشدخ تلك الصورة أو تغير معالمها.

وكما هو معروف بأن السمعة المؤسسية هي أحد أهم ممتلكات الشركات غير الملموسة (Intangible Assets) ولها دور حاسم وحيوي في الحفاظ على المنظمات في أسواق العمل المتعددة، وهو مفهوم يظهر أثره المركب مع مرور الوقت (Long Run Item) وهذا الأثر يظهر على استدامة وقوة الاسم التجاري للمنظمة وهويتها التنظيمية.

السؤال هنا لماذا لازالت بعض المؤسسات والمنظمات اهتمامها لهذا الملف الحيوي ضعيفا ومتزعزع؟

طبيعة هذا الملف الحيوي الذي يرتكز على ثلاث سمات: وهي أن جميع العاملين يشتركون في صناعته، وكذلك أنه ملف تراكمي وبعيد المدى، فضلا عن أنه يتقاطع مع جميع الخطوط الاستراتيجية والتشغيلية للمنظمة جعلت أسباب عدم الاهتمام كثيرة ولا يمكن ردها لسبب واحد، وهذه طبيعة الملفات المركبة والمعقدة:

1 - الوعي المؤسسي والاستراتيجي.. لا يمكن أن يكون العمل في هذا الملف التراكمي مزهرا ومنتجا ومتقدما من فترة لأخرى وهو ليس موجودا بزخم في ذهن أصحاب القرار والإدارات العليا، فبكل بساطة عدم القناعة الراسخة بهذا الموضوع لدى الفئة التنفيذية سيجعل المؤسسة راكدة تدور في المكان وتفوت على الشركة والمؤسسة الكثير من المصالح وغلة الأرباح المباشرة وغير المباشرة.

2 - العمل غير المؤسسي في شكل الأعمال.. وأقصد به هنا بمجرد تغير القادة وأصحاب القرار يأخذ العمل شكلا مختلفا تجاه هذا الملف، بينما العمل الاحترافي والمؤسسي يحافظ على هيكليات البناء السابقة، وقد يضيف إليها تحسينات تسهم في التراكم الإيجابي، ولكن لا يلغي تلك التراكمات القديمة. الحقيقة أن هذا السبب عابر لكثير من الملفات الاستراتيجية ومرتبط ارتباطا وثيقا بالوعي المنظمي والاستراتيجي لذلك القائد الجديد.

3 - اختزال مفهوم السمعة المؤسسية فقط بالجهود الاتصالية للمنظمة، بينما مفهوم السمعة المؤسسية أكبر من ذلك بكثير، فهو يشمل تلك الجهود المرتبطة برؤية القيادة ورسالتها، وجودة المنتجات والخدمات، وتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة والعدالة، وكذلك بيئة العمل المحفزة القادرة على إسعاد الموظفين واحترامهم بالإضافة لتقديم برامج المسؤولية المجتمعية تقديرا وعرفانا للمجتمع.

4 - ثقافة الطوارئ التي قد تجوب المنظمة، وأقصد بها أن غالبية الأعمال تقع تحت وطأة العاجل والهام مما يجعل معظم التركيز الذهني والعملي على الأعمال قصيرة الأجل الحالية، وبذلك تخضع تلك الاهتمامات العليا والاستراتيجية للملفات بعيدة المدى مثل السمعة المؤسسية لاهتمام أقل وقد تصل لحد النسيان وعدم مزاحمتها للاهتمامات العليا.

5 - أيضا نمط التفكير المركز على الإنتاجية والربح، الذي يجعل من المنظمة تدور حول معادلة الإنتاج والربح فقط مما يجعل كثيرا من الملفات الأخرى تسقط من التوجهات والاهتمامات العليا وإن وجدت فيكون وجودها مثل ذر الرماد في العيون.

الكثير من المنظمات والشركات التي تنامى لديها مفهوم السمعة المؤسسية وأنه أحد أهم الأصول التي تمتلكها وضعت نصب أعينها أهدافا استراتيجية تجاه هذا المفهوم، فضلا عن أهداف ومؤشرات أداء لتعرف أين موقعها في صيانة هذا الجانب، بل أفردت في قوالبها الهيكلية وحدات إدارية أحد أهم أهدافها صناعة السمعة المؤسسية الإيجابية وصيانتها، لإيمانهم بأن لها تأثيرا مرئيا وغير مرئي على وجود المؤسسة فضلا عن استثماراتها، وحساسية وأهمية هذا الجانب لابد من إدراكه جيدا لدى القيادات التنفيذية حتى يكون هناك فعالية في تحقيق المستهدفات العليا ولا يصطدمون بمفاجآت الطريق أو كما عبر عنها وورن بافيت: تحتاج 20 عاما لتبني سمعة و5 دقائق لتحطيمها.

fahdabdullahz@