الإرجاف يهدد الأمن الوطني
الثلاثاء - 07 مارس 2023
Tue - 07 Mar 2023
لا توجد صدف في تفتيت الشعوب وإسقاط الدول، بل يقود هذه الجريمة عقول سوداوية تنفذ خططا محكمة إبليسية، وتستخدم فيها أدوات معلنة ومخفية، ويعتمدون على برامج مدروسة ومنهجية، وأشخاص مؤدلجين أو مغيبين، صاروا جسرا لتحقيق التخريب واستهدافا لأجندات خارجية، كلها تسعى إلى تدمير الشعوب وإسقاط الدول، ومن تأمل وأمعن في النظر أدرك خطورة هؤلاء وضررهم؛ لأنهم يلجون إلى مخططهم من أشد أبواب الفتن ضراوة؛ إذ يقتحمون بجريمتهم الشنعاء اختراق البعد الاجتماعي لأبناء الوطن كلهم، حتى يصلوا إلى تغيير القيم والثوابت بل هدمها، فيضربون عمق البناء المجتمعي وهو الأسرة، فتتفكك وهي الأساس، وتصبح الشوارع، والمجالس طافحة بأراجيف تهدم الأمن وتقوض الاستقرار.
ولا تقف هذه الفئة الضالة عند حد توجيه العقل الجمعي وفق أهدافهم بل يخترقون الفئات النخبوية والمثقفين ثم رجال الأعمال والاقتصاديين؛ ليسيطروا على رأس المال الوطني في الدولة المستهدفة ليمتد تحكمهم ويمارسوا جريمتهم في بلد أخرى، ولا يألون جهدا للوصول إلى السلطة بأساليبهم الخادعة المغلفة بما ينطلي على المغفلين السذج، ويحرصون على توطيد علاقتهم بالمؤسسات التعليمية والإعلامية حتى يتمكنوا من ترويج أباطيلهم والأراجيف في ثياب إعلامية مزينة قشيبة، ويصل الأمر في بعض البلاد أن يتمكنوا من الجيوش ويتحكموا في الأمن وصولا إلى أدلجة صاحب القرار نفسه، والسيطرة على الحكم.
وأخطر ما يمكن أن يفتت الشعوب ويسقط الدول هو الإرجاف بنشر الأكاذيب وإشاعة الفتن، واستغلال المواقف لصالح أهداف خبيثة، وتكمن خطورته في أنه يعرض بأسلوب ظاهره القبول؛ فيتبناها من لا دراية عنده ولا علم، لدرجة أنك تجد رأسا ممن يشار إليه بالبنان وله صيت في النفوس والآذان يتصدر قائمة المرجفين، ومن أعظم أساليبهم الملتوية أنهم يجتزئون الكلمات من سياقاتها كمن يزعم تحريم الصلاة لورود (ويل للمصلين...)، وترى بعضهم يتصور أنه الأوحد بين أبناء جنسه الذي يملك الحقيقة المطلقة، وكل الناس يجب أن يتبعوه على مذهب من قال: (ما أريكم إلا ما أرى).
والإرجاف له مصادر ومحاضن ووسائل ووسائط وفئاته المستهدفة، وبخاصة الشخصيات المهيأة للانحراف، وهم أشد خطرا، وقد حذرنا الله من أمثالهم، فقال: (وفيكم سماعون لهم)؛ والسماعون أخطر من المرجفين أنفسهم؛ إذ لديهم استعداد لاتباع كل ناعق، كما أنهم لم يحصنوا أنفسهم بما يصونهم من الولوغ في الفتن، فيقعون في الشرك بقصد، أو بدون قصد، والقانون لا يحمي المغفلين.
والمرجفون مع اختلافهم وتنوعهم لكنهم جميعا يسيرون في اتجاه واحد هو الفناء والهلاك، يبدأ بالشحن الذاتي الذي يتطور إلى الشحن المجتمعي؛ فيصير كل فرد من أبناء المجتمعات وسيلة لهذا الإرجاف الممنهج في إفساد الحياة، وما بعد الحياة، وليس بمنكور أن إشاعة اليوم تهدد أجيال المستقبل والأراجيف ملاقيح الفتن، ويزداد الأمر خطورة في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة النشر الذي لا رقابة عليه.
والمرجفون في أنظف صورهم -إن كان فيهم نظيف- يختزلون جزءا من المعلومة، ويظهرون نصف الحقيقة التي تعطي لهم مساحة من التلاعب الخبيث، وأما جزؤها الآخر فيقضونه بين التغيير والتدبير؛ ليغرروا بالناشئة والعقول ويثيروا الأحقاد على أولياء الأمور، ويتفنن المرجفون في تزيين الباطل وتزوير الحقائق ويضربون لها الأمثال ويلبسون على الناس بقراءة التاريخ والمواقف على ما يوافق أغراضهم؛ ليظهر إرجافهم كأنه الحقيقة الثابتة؛ فيشاع ويذاع ويتناقله أفراد المجتمع بلا تثبت، فإذا اقتنع به الناس ضاعت الثقة بين الحاكم والمحكوم، وانتشرت العداوات بين أبناء البلد الواحد؛ حتى يصيروا كالخصوم، ويصبح المجتمع على شفا جرف هار يوشك أن ينهار ويحترق؛ لذلك فالإرجاف من أعظم مهددات الأمن الوطني والسلام الاجتماعي وتقطيع اللحمة الوطنية في الدول.
لذا يجب أن تتحد فئات المجتمع وتفطن لخطورة الإرجاف فهو الموت الأسود والقاتل السريع والمدمر الحقيقي للمجتمعات، فيقوم العلماء والدعاة لا سيما الخطباء بدورهم بنشر الحق وتعرية الباطل، وتتولى كل مؤسسة دورها وتتحمل مسؤولياتها لحماية منسوبيها، وأبناء المجتمع من براثن الإرجاف، وعلى الإعلام الدور الأهم بترسيخ قيم الأمن، والسلام والكشف عن هؤلاء المرجفين، والحرص على المكاشفة أمام بعض المشكلات لتفويت الفرص أمام المرجفين بأنصاف الحقائق، وتدريب وتأهيل أبناء الوطن وتحصينهم ضد هذه الظاهرة، والعمل على استباق الأحداث، وتقديم المبادرات التحصينية والوقائية.
ولشد ما أذهلني إعجابا وفخرا وإجلالا ما دعا إليه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل، أمير منطقة القصيم من عقد الملتقى الثاني لمواجهة الإرجاف، وهذه كياسة وقراءة لخطورته على مكتسبات الوطن ووحدته وتماسكه، وحرصا منه على تحقيق الأمن الوطني وإدامة التنمية؛ فلفت الانتباه بوجوب محاربة الإرجاف والقضاء على مسبباته عبر سلوك منهج سليم، وطرق بحثية متميزة انطلاقا من توجهات قيادة البلاد، والعمل المكثف بعقد اللقاءات الفكرية، والمناقشات العلمية، واتخاذ التوصيات؛ لتحقيق المبتغى للوقوف بوجه المرجفين.
كذلك من أهم النقاط التي ذكرها سعادة اللواء: بسام عطية، أن محاربة الإرجاف تحتاج إلى بناء فكري ومبادرات واستراتيجيات في هذا الشأن وصولا إلى بناء ما سماه الذات الأمنية السعودية.
ومن جانب تخصصي في اللسانيات وتحليل الخطاب، أنه لا سلاح أنجع ولا أفلح في محاربة الإرجاف من كشف زيف المرجفين، عن طريق تحليل خطاباتهم، والكشف عن سمومهم ومقاصدهم ومكنونات صدورهم في كلامهم ومحاضراتهم في مواقعهم وتغريداتهم، وهذا شيء وقائي، وقد دعا قبل سنوات الخبير اللساني أستاذي الدكتور محمد ناصر الحقباني؛ لاتخاذ الخطوات الوقائية لأهمية وجود كوادر أمنية مدربة ومؤهلة على نحو كبير للتعامل مع الخطابات التي تكشف عن هوية أصحابها وتتبع المنحرفين عبر وسائل التواصل بما يساعد في معرفة أفكارهم وأهدافهم.
ومن جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية، أشار الدكتور زايد الحارثي، على أهمية الجوانب الوقائية من الإرجاف، والإرهاب والحرب النفسية، ودور التحصين الشرعي والفكري ومواجهة ثورة التقنية من خلال التواصل الاجتماعي.
ولم يعد خافيا أن العالم قد تطور وأصبح لدينا القدرة اليوم من خلال تتبع لغة هؤلاء عبر وسائل التواصل أن نكشف عن فكر كل مرجف ولو تمسح بمسوح المصلحين، وهم في الحقيقة مفسدون؛ لأن اللغة تعبر عن اللاشعور الفردي، إذ يظهر فيها تفاعلات الذات وصراعاتها الداخلية.
فاللا وعي هو منبع اللغة الأساسي، فثمة توحد بين منشئ الكلام وأسلوبه الذي يتحدث به، أو يكتب بحيث لا انفصال بينهما، ولا انفصام إلى الحد الذي يصبح فيه كاشفا عن مكنونات صاحبه، ومعبرا عن دخائله وخباياه، ففكرة اللاوعي حاضرة لدينا نحن المحللين اللسانيين لاسيما الذين يتمتعون بالحس الأمني في التعامل الذكي في مثل هذه القضايا الخطيرة.
ومن الأفكار الذكية التي أدهشتني وهي ذات قيمة يجب أن يهتم لها ما تحدث عنها سعادة الدكتور نايف الوقاع في حديثه عن أساليب جديدة للغرب في نشر الإرجاف، فالغرب والدول العظمى يريدون أن يتخلصوا من الأسلحة النووية والدبابات والطائرات؛ فاخترعوا جيلا جديدا من الحروب سموه الطور الرابع من الحروب وعماد حرب الجيل الرابع هو الإرجاف للسيطرة على الحروب. والولايات المتحدة أول دولة أنشأت مكتبا سمته مكتب التضليل والخداع الإعلامي، والصين انتهت من الجيش الالكتروني، وفرنسا عندما أنشأت الجيش الالكتروني لم تضع في اللجنة التأسيسية ولا عسكريا واحدا، بل وضعت خمسة من العلماء والمفكرين والأدباء والكتاب، وهذا دليل على أن أهداف الجيش هو الإرجاف.
ومما يؤكد حرص القيادة والمسؤولين في وطننا على اتخاذ كل السبل الحديثة لمواجهة المنحرفين والمرجفين ما أكده سعادة مدير الأمن العام الفريق محمد البسامي، أنه يتم العمل على تحقيق مفهوم المدن الآمنة، مشيرا إلى تحليل ما يكتب في شبكات مواقع التواصل الاجتماعي وربطها مع منصات القيادة، بهدف الكشف عن المحرفين والحفاظ على الأمن.
لذلك فإننا بحاجة لقوة العقل، وعبقرية الفكر، وتغيير أسلحة الدفاع التي نواجه بها المعتدين والمرجفين والفكر يواجه بالفكر، ونحن في المملكة العربية السعودية تزداد خطورة الموقف بما حبانا الله من حرمين شريفين، فنحن قبلة المسلمين؛ ومن قيادة ذات أمانة وديانة وفهم وكياسة وحزم وحكمة، وبما من الله علينا من تمسك بالعقيدة والشريعة، وبما أرفدنا من نعم ورخاء واستقرار وأمان، ويتخطف الناس من حولنا، كل ذلك جعلنا مستهدفين من الخارج؛ لذا يصبح الدفاع عن هذا البلد، وحماية مكتسباته، وصيانة جناب الرموز ابتداء من قيادتنا ثم علمائنا والساهرين على أمننا ضرورة توجب علينا جميعا أن نكون أريبين ألمعيين نرى من بدايات الأمور عواقب ونستشرف المستقبل مؤتسين بقيادتنا الحكيمة ذوي البصر والبصيرة. والله يحفظنا وبلادنا وولاة أمورنا.
ولا تقف هذه الفئة الضالة عند حد توجيه العقل الجمعي وفق أهدافهم بل يخترقون الفئات النخبوية والمثقفين ثم رجال الأعمال والاقتصاديين؛ ليسيطروا على رأس المال الوطني في الدولة المستهدفة ليمتد تحكمهم ويمارسوا جريمتهم في بلد أخرى، ولا يألون جهدا للوصول إلى السلطة بأساليبهم الخادعة المغلفة بما ينطلي على المغفلين السذج، ويحرصون على توطيد علاقتهم بالمؤسسات التعليمية والإعلامية حتى يتمكنوا من ترويج أباطيلهم والأراجيف في ثياب إعلامية مزينة قشيبة، ويصل الأمر في بعض البلاد أن يتمكنوا من الجيوش ويتحكموا في الأمن وصولا إلى أدلجة صاحب القرار نفسه، والسيطرة على الحكم.
وأخطر ما يمكن أن يفتت الشعوب ويسقط الدول هو الإرجاف بنشر الأكاذيب وإشاعة الفتن، واستغلال المواقف لصالح أهداف خبيثة، وتكمن خطورته في أنه يعرض بأسلوب ظاهره القبول؛ فيتبناها من لا دراية عنده ولا علم، لدرجة أنك تجد رأسا ممن يشار إليه بالبنان وله صيت في النفوس والآذان يتصدر قائمة المرجفين، ومن أعظم أساليبهم الملتوية أنهم يجتزئون الكلمات من سياقاتها كمن يزعم تحريم الصلاة لورود (ويل للمصلين...)، وترى بعضهم يتصور أنه الأوحد بين أبناء جنسه الذي يملك الحقيقة المطلقة، وكل الناس يجب أن يتبعوه على مذهب من قال: (ما أريكم إلا ما أرى).
والإرجاف له مصادر ومحاضن ووسائل ووسائط وفئاته المستهدفة، وبخاصة الشخصيات المهيأة للانحراف، وهم أشد خطرا، وقد حذرنا الله من أمثالهم، فقال: (وفيكم سماعون لهم)؛ والسماعون أخطر من المرجفين أنفسهم؛ إذ لديهم استعداد لاتباع كل ناعق، كما أنهم لم يحصنوا أنفسهم بما يصونهم من الولوغ في الفتن، فيقعون في الشرك بقصد، أو بدون قصد، والقانون لا يحمي المغفلين.
والمرجفون مع اختلافهم وتنوعهم لكنهم جميعا يسيرون في اتجاه واحد هو الفناء والهلاك، يبدأ بالشحن الذاتي الذي يتطور إلى الشحن المجتمعي؛ فيصير كل فرد من أبناء المجتمعات وسيلة لهذا الإرجاف الممنهج في إفساد الحياة، وما بعد الحياة، وليس بمنكور أن إشاعة اليوم تهدد أجيال المستقبل والأراجيف ملاقيح الفتن، ويزداد الأمر خطورة في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة النشر الذي لا رقابة عليه.
والمرجفون في أنظف صورهم -إن كان فيهم نظيف- يختزلون جزءا من المعلومة، ويظهرون نصف الحقيقة التي تعطي لهم مساحة من التلاعب الخبيث، وأما جزؤها الآخر فيقضونه بين التغيير والتدبير؛ ليغرروا بالناشئة والعقول ويثيروا الأحقاد على أولياء الأمور، ويتفنن المرجفون في تزيين الباطل وتزوير الحقائق ويضربون لها الأمثال ويلبسون على الناس بقراءة التاريخ والمواقف على ما يوافق أغراضهم؛ ليظهر إرجافهم كأنه الحقيقة الثابتة؛ فيشاع ويذاع ويتناقله أفراد المجتمع بلا تثبت، فإذا اقتنع به الناس ضاعت الثقة بين الحاكم والمحكوم، وانتشرت العداوات بين أبناء البلد الواحد؛ حتى يصيروا كالخصوم، ويصبح المجتمع على شفا جرف هار يوشك أن ينهار ويحترق؛ لذلك فالإرجاف من أعظم مهددات الأمن الوطني والسلام الاجتماعي وتقطيع اللحمة الوطنية في الدول.
لذا يجب أن تتحد فئات المجتمع وتفطن لخطورة الإرجاف فهو الموت الأسود والقاتل السريع والمدمر الحقيقي للمجتمعات، فيقوم العلماء والدعاة لا سيما الخطباء بدورهم بنشر الحق وتعرية الباطل، وتتولى كل مؤسسة دورها وتتحمل مسؤولياتها لحماية منسوبيها، وأبناء المجتمع من براثن الإرجاف، وعلى الإعلام الدور الأهم بترسيخ قيم الأمن، والسلام والكشف عن هؤلاء المرجفين، والحرص على المكاشفة أمام بعض المشكلات لتفويت الفرص أمام المرجفين بأنصاف الحقائق، وتدريب وتأهيل أبناء الوطن وتحصينهم ضد هذه الظاهرة، والعمل على استباق الأحداث، وتقديم المبادرات التحصينية والوقائية.
ولشد ما أذهلني إعجابا وفخرا وإجلالا ما دعا إليه صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل، أمير منطقة القصيم من عقد الملتقى الثاني لمواجهة الإرجاف، وهذه كياسة وقراءة لخطورته على مكتسبات الوطن ووحدته وتماسكه، وحرصا منه على تحقيق الأمن الوطني وإدامة التنمية؛ فلفت الانتباه بوجوب محاربة الإرجاف والقضاء على مسبباته عبر سلوك منهج سليم، وطرق بحثية متميزة انطلاقا من توجهات قيادة البلاد، والعمل المكثف بعقد اللقاءات الفكرية، والمناقشات العلمية، واتخاذ التوصيات؛ لتحقيق المبتغى للوقوف بوجه المرجفين.
كذلك من أهم النقاط التي ذكرها سعادة اللواء: بسام عطية، أن محاربة الإرجاف تحتاج إلى بناء فكري ومبادرات واستراتيجيات في هذا الشأن وصولا إلى بناء ما سماه الذات الأمنية السعودية.
ومن جانب تخصصي في اللسانيات وتحليل الخطاب، أنه لا سلاح أنجع ولا أفلح في محاربة الإرجاف من كشف زيف المرجفين، عن طريق تحليل خطاباتهم، والكشف عن سمومهم ومقاصدهم ومكنونات صدورهم في كلامهم ومحاضراتهم في مواقعهم وتغريداتهم، وهذا شيء وقائي، وقد دعا قبل سنوات الخبير اللساني أستاذي الدكتور محمد ناصر الحقباني؛ لاتخاذ الخطوات الوقائية لأهمية وجود كوادر أمنية مدربة ومؤهلة على نحو كبير للتعامل مع الخطابات التي تكشف عن هوية أصحابها وتتبع المنحرفين عبر وسائل التواصل بما يساعد في معرفة أفكارهم وأهدافهم.
ومن جامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية، أشار الدكتور زايد الحارثي، على أهمية الجوانب الوقائية من الإرجاف، والإرهاب والحرب النفسية، ودور التحصين الشرعي والفكري ومواجهة ثورة التقنية من خلال التواصل الاجتماعي.
ولم يعد خافيا أن العالم قد تطور وأصبح لدينا القدرة اليوم من خلال تتبع لغة هؤلاء عبر وسائل التواصل أن نكشف عن فكر كل مرجف ولو تمسح بمسوح المصلحين، وهم في الحقيقة مفسدون؛ لأن اللغة تعبر عن اللاشعور الفردي، إذ يظهر فيها تفاعلات الذات وصراعاتها الداخلية.
فاللا وعي هو منبع اللغة الأساسي، فثمة توحد بين منشئ الكلام وأسلوبه الذي يتحدث به، أو يكتب بحيث لا انفصال بينهما، ولا انفصام إلى الحد الذي يصبح فيه كاشفا عن مكنونات صاحبه، ومعبرا عن دخائله وخباياه، ففكرة اللاوعي حاضرة لدينا نحن المحللين اللسانيين لاسيما الذين يتمتعون بالحس الأمني في التعامل الذكي في مثل هذه القضايا الخطيرة.
ومن الأفكار الذكية التي أدهشتني وهي ذات قيمة يجب أن يهتم لها ما تحدث عنها سعادة الدكتور نايف الوقاع في حديثه عن أساليب جديدة للغرب في نشر الإرجاف، فالغرب والدول العظمى يريدون أن يتخلصوا من الأسلحة النووية والدبابات والطائرات؛ فاخترعوا جيلا جديدا من الحروب سموه الطور الرابع من الحروب وعماد حرب الجيل الرابع هو الإرجاف للسيطرة على الحروب. والولايات المتحدة أول دولة أنشأت مكتبا سمته مكتب التضليل والخداع الإعلامي، والصين انتهت من الجيش الالكتروني، وفرنسا عندما أنشأت الجيش الالكتروني لم تضع في اللجنة التأسيسية ولا عسكريا واحدا، بل وضعت خمسة من العلماء والمفكرين والأدباء والكتاب، وهذا دليل على أن أهداف الجيش هو الإرجاف.
ومما يؤكد حرص القيادة والمسؤولين في وطننا على اتخاذ كل السبل الحديثة لمواجهة المنحرفين والمرجفين ما أكده سعادة مدير الأمن العام الفريق محمد البسامي، أنه يتم العمل على تحقيق مفهوم المدن الآمنة، مشيرا إلى تحليل ما يكتب في شبكات مواقع التواصل الاجتماعي وربطها مع منصات القيادة، بهدف الكشف عن المحرفين والحفاظ على الأمن.
لذلك فإننا بحاجة لقوة العقل، وعبقرية الفكر، وتغيير أسلحة الدفاع التي نواجه بها المعتدين والمرجفين والفكر يواجه بالفكر، ونحن في المملكة العربية السعودية تزداد خطورة الموقف بما حبانا الله من حرمين شريفين، فنحن قبلة المسلمين؛ ومن قيادة ذات أمانة وديانة وفهم وكياسة وحزم وحكمة، وبما من الله علينا من تمسك بالعقيدة والشريعة، وبما أرفدنا من نعم ورخاء واستقرار وأمان، ويتخطف الناس من حولنا، كل ذلك جعلنا مستهدفين من الخارج؛ لذا يصبح الدفاع عن هذا البلد، وحماية مكتسباته، وصيانة جناب الرموز ابتداء من قيادتنا ثم علمائنا والساهرين على أمننا ضرورة توجب علينا جميعا أن نكون أريبين ألمعيين نرى من بدايات الأمور عواقب ونستشرف المستقبل مؤتسين بقيادتنا الحكيمة ذوي البصر والبصيرة. والله يحفظنا وبلادنا وولاة أمورنا.