عبدالله العولقي

عام على الحرب الروسية الأوكرانية

الاثنين - 06 مارس 2023

Mon - 06 Mar 2023

مرّ عام على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ولا شك أن تداعياتها قد فرضت واقعها كأهم أحداث القرن الحالي حتى الآن، ربما لأن نتائجها قد تحدد ملامح مستقبل القوى العالمية الكبرى.

قبل أسابيع، زار الرئيس الأمريكي جو بايدن العاصمة الأوكرانية كييف بصورة مفاجئة، الأمر الذي عده البعض تطورا جديدا في مجريات الحرب، فالشتاء القارس الذي ضرب أوروبا بداية العام وأرهقها كثيرا يستعد لإغلاق أبوابه السنوية، وهو الورقة الثمينة التي كان يراهن عليها قيصر الكرملين ويعتبرها الأداة القوية في إخضاع أوروبا أمام شروطه وواقعه الجديد، لكن أزهار الربيع القادمة قد تحيي الأمل مجددا أمام الأوكرانيين في توحيد الجبهة الأوروبية بصورة أكثر تماسكا أمام الطموح الروسي.

ثمة أسئلة تعيد إنتاج ذاتها بعد عام على الحرب الروسية الأوكرانية، فهل كانت حسابات الكرملين خاطئة تجاه مآلات الحرب ونتائجها؟ وهل ظن الروس أن الأمر مشابها لما حدث في عام 2015م عندما ضمت موسكو جزيرة القرم إلى اتحادها الروسي بالقوة؟ وهل أصبحت أوكرانيا مجرد جغرافيا لتصفية الحسابات السياسية بين الكبار (موسكو وواشنطن)؟

خيارات السيناريوهات القادمة لا تزال مفتوحة، فربما تنتهي الحرب على صورتها الحالية وعندها يكون كل طرف منتصرا وخاسرا في نفس الوقت، فاقتضام الروس لـ 17% من جغرافيا أوكرانيا سيعد انتصارا لها، كما أنها خاسرة من الزاوية الأخرى؛ لأنها فشلت في إسقاط العاصمة كييف وجلب حكومة أوكرانية موالية لها وليس للغرب، والعكس صحيح بالنسبة للجانب الأوكراني!! أما السيناريو الثاني فسيكون إبقاء الحرب على طبيعتها التقليدية الحالية، بمعنى تبادل قذائف المدافع بدون تحقيق أي انتصارات عسكرية وتقدم تجاه الجانب الآخر، ويقول خبراء التحليل إن هذا السيناريو سيفضي إلى تسوية سياسية تنهي الحرب بواسطة طرف ثالث.

أما السيناريو الثالث فهو استمرار الحرب على طبيعة الأمد البعيد وإلى أعوام مقبلة، وهذا السيناريو سيعتبره الغرب حربا استنزافية لمقدرات روسيا، فالاقتصاد الروسي يقدر حجمه بـ 2.5% من الاقتصاد الغربي، واستمرار الحرب لسنوات قادمة يعني إرهاق موسكو وإضعافها عسكريا واقتصاديا وسياسيا في مواجهتها الحالية أمام الغرب.

أيضا هناك وجه آخر للحرب، فلم تكن فوهات المدافع هي المشهد السائد للأزمة، فالحرب الإعلامية كانت حاضرة بقوة، فقد اعتمد الجانبان على الإعلام بدرجة كبيرة من أجل الانتصار، فعجت وسائل الإعلام من قبل الطرفين بالأخبار الكاذبة والفيديوهات المفبركة والصور المعدلة بالبرامج المتخصصة بالإضافات إلى بث الشائعات من أجل هز الثقة لدى الطرف الآخر، وقد ساند الغرب أوكرانيا كثيرا في هذا الجانب، كما أن الأزمة أكدت أهمية الإعلام في الأزمات الطارئة وأنه صناعة استثمارية بالدرجة الأولى، ولهذا تفوقت مؤسسات الإعلام الأمريكية بدرجة كبيرة على الإعلام الروسي، كما تمكن الغرب من تسويق العقوبات الاقتصادية التي تم فرضها على موسكو وشرعنة عصا الدولار في الأخبار العالمية أمام أي متمرد على شروط وإرادة الولايات المتحدة.

وفي الختام، الأزمة الروسية الأوكرانية مقلقة لباقي دول العالم، والتضخم الاقتصادي يضرب شرق العالم وغربه، والأوضاع لا تحتمل المزيد من ارتفاع الأسعار، وطرفا الحرب هما أهم مراكز الأمن الغذائي العالمي ومن أكبر البلدان المنتجة للسلع الأولية، وهنا تكمن إرادة بقية الدول في إنهاء الحرب وطي صفحة النزاع الروسي الأوكراني.

albakry1814@