عبدالله قاسم العنزي

أهلية الروبوت الإشكال القانوني القادم

الاحد - 05 مارس 2023

Sun - 05 Mar 2023

إن التقدم في مجال الذكاء الصناعي جعل من المملكة العربية السعودية أهم الدول المستثمرة والمطورة فيه سيما الروبوتات الذكية، وحرصت المملكة على تطور التكنولوجيا والذكاء الصناعي بإنشاء هيئة للبيانات والذكاء الاصطناعي؛ فقد صدر الأمر الملكي رقم أ / 471 وتاريخ 29 / 12 / 1440 هـ بإنشاء هيئة سعودية مستقلة للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، ترتبط برئيس مجلس الوزراء تهدف إلى مواكبة التقدم السريع في مجال الثورة التكنولوجية، وتطبيقا لرؤية المملكة 2030 فمن مستهدفات هذه الهيئة تطوير الذكاء الصناعي واستخدام الروبوتات في كافة المجالات الصناعية والطبية والتعليمية والرياضية والعسكرية، وتعرف الروبوتات الذكية بأنها مزيج من تقنيات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي المدمجة في روبوتات تقوم بمهام متقدمة وبأداء عال مقارنة بالروبوتات التقليدية غير الذكية.

وقد حققت المملكة باستخدام الذكاء الصناعي قفزة لا بأس بها؛ فقد وظفت وزارة التعليم في السعودية أول روبوت ذكي ومنحته صفة موظف آلي وأطلقت عليه اسم «تقني»، ويهدف إطلاق الروبوت الذكي إلى مساعدة زوار معارض المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني في التعرف على أنشطتها وإيصال الرسائل لهم وخدمتهم بطريقة مستقلة وذكية، كما استخدمت وزارة الصحة روبوت صيدلي يهدف إلى تقليل الجهد والتكلفة في عملية صرف الأدوية في الصيدليات العاملة، ويقوم هذا الروبوت بصرف الوصفات الطبية للمراجعين مما يسهم في تقليل وقت المراجعين ومساعدة العاملين في تلك الصيدليات.

وكذلك الروبوت الطبيب هو أحد الإنجازات السعودية في مجال الاستفادة من الذكاء الصناعي وتطبيقه في الحج، حيث أطلقت وزارة الصحة روبوت خلال موسم الحج تسهيلا لعملية تشخيص المرضى وربطهم بالأطباء المتابعين عن بعد، ويتضمن الروبوت كافة المعدات الطبية اللازمة لإجراء عملية التشخيص والمتابعة، كما يتميز بقدرته الذاتية على تحديد مكان المريض على أسرة المستشفى والوصول إليه بطريقة مستقلة.

وأيضا كما نشرت بعض وسائل الإعلام بأن الإدارة العامة للمرور تنوي الاعتماد على الروبوتات الذكية والذكاء الصناعي للوصول إلى مرحلة تستبدل فيها رجال المرور بروبوتات ذكية آلية سعيا منها لمواكبة التقدم التقني ناهيك عما حازته الروبوت سارة وهو أول روبوت سعودي جرى تصنيعه بالتعاون بين الشركة السعودية الرقمية وشركة «Qss» وتم ظهور الروبوت سارة في مؤتمر «ليب 23»، الذي تنظمه وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالتعاون مع الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة تحت عنوان «نحو آفاق جديدة « في فبراير 2023م الشهر الماضي.

وأقصد من هذا السرد والنقل بأنه من المتوقع أن التطور التكنولوجي والذكاء الصناعي سيسهم في استخدام وتصنيع روبوتات ذكية تقوم بأعمال منفردة عن الإنسان في شتى المجالات بأن يستطيع الروبوت اتخاذ قرار في معالجة عملية ما أيا كانت هذه العملية سواءا مصرفية أو صحية أو غيرها من الأعمال، ومن هذا المبدأ يثور إشكال فيما لو وقع من الروبوت فعلا نتج عنه ضرر فمن تقع عليه المسؤولية القانونية؟ سيما أن الروبوت لا يمتلك شخصية قانونية التي من شأنها أن تسمح بأن تكون له ذمة مالية مستقلة!

ومن وجهة نظري كرجل قانون أن هذه الجزئية التي تفرضها الصناعات الذكية وتقوم عليها حاجة الناس بحيث لا بد من استخدام روبوت في الأماكن التي يصعب فيها عمل الإنسان أو قد يلحقه ضرر فيها أو تفرض الحاجة بأن يكون تسهيلا لاستهلاك الكادر البشري ولسرعة تقدم الخدمات بصورة تتواكب مع ما يمكن الاستفادة من التقنية الحديثة و الذكاء الصناعي وهنا تفرض علينا هذه المستجدات أن ينظر لها بعين الاعتبار بأن يكون للمنظم السعودي موقف منها بحيث يشرع لها قانونا ينص على أهلية هذه الروبوتات أهلية ناقصة وهذا التكييف الفقهي الأقرب لها -من وجهة نظري- بأن يكون لها شخصية قانونية ولكن مسؤولية الأضرار الناتجة عن أعمالها تقع على عاتق المنتج أو المستخدم لها.

@expert_55