معلومات استخباراتية تمنع سقوط أوكرانيا

مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: توقعنا اكتساحا روسيا واستحواذها على جارتها بالكامل
مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: توقعنا اكتساحا روسيا واستحواذها على جارتها بالكامل

الأحد - 26 فبراير 2023

Sun - 26 Feb 2023

أرجع محلل أمريكي صمود أوكرانيا على مدار عام كامل، ونجاحها في الحفاظ على 80% من أرضها إلى معلومات استخباراتية قوية حصلت عليها من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا، وأكد أنه لولا الدعم الغربي لكانت أوكرانيا تحت السيطرة الروسية بالكامل اليوم.

وأكد رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ريتشارد هاس أن الرأي التقليدي كان يفيد بأن القوات الروسية سوف تكتسح الأوكرانيين الذين لم يكونوا ندا لها، وسوف تستحوذ على أراض من البلاد أكثر بكثير مما استحوذت في عام 2014.

وشدد على أن فعالية جيش أوكرانيا والشجاعة الجماعية للشعب الأوكراني وقادته، واستمرار الدعم (الأمريكي – الأوروبي) الاستخباراتي لعب الدور الأساسي في استمرار الحرب، وأن بوتين يواجه خيارات صعبة وهو يفكر في أمر حرب من اختياره لم تمض كما كان مخططا لها، متوقعا أن تتواصل خلال العام الجاري لكن بوتيرة أقل.

تطورات خطيرة

أشار هاس إلى أن الحرب شهدت تطورت على نحو لم يتوقعه الكثيرون، والتي بدأت بغزو روسي واسع النطاق لأوكرانيا في 24 فبراير العام الماضي، وقال «إن كثيرين تكهنوا بأن روسيا سوف تطيح بالحكومة في كييف وتنصب محلها نظاما تابعا لها سوف يصادق على السيطرة الروسية».

وأضاف في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أنه في ضوء مثل هذه التكهنات المخيفة، كان كثيرون في الغرب وفي أوكرانيا سيقبلون ببساطة ما هو قائم الآن، أي أوكرانيا ذات سيادة تمارس السلطة على أكثر من نحو 80% من أراضيها.

ولم يكن قرار بوتين بالغزو غير منطقى، في ظل افتراضاته بأن أوكرانيا لن تكون ندا لجيشه، وأن أوروبا وبصفة خاصة ألمانيا تعتمد على الغاز الروسي كثيرا لدرجة أنها لن تهب للتصدي له، وأن الولايات المتحدة في فترة ما بعد السادس من يناير الذي شهد اقتحام أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب مبنى الكونجرس، وفي فترة ما بعد انسحابها من أفغانستان، منقسمة للغاية ومهتمة كثيرا بالشأن الداخلي لدرجة أنها لن تساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها.

صيغة كارثية

ولفت إلى أنه ثبت خطأ هذه الافتراضات، وأن حسابات بوتين بأن مكاسب الغزو سوف تتضاءل بجانبها تكاليفه، أصبحت صيغة لكارثة.

ويرى أن الرئيس الروسي وجد نفسه الآن يتصرف بطرق لكسب الوقت، ولأنه غير قادر على هزيمة الجيش الأوكراني، فإنه يهاجم أهدافا اقتصادية ومدنية على أمل كسر إرادة الأوكرانيين، وربما يعتقد بوتين أيضا، رغم ما يقوله القادة الغربيون، أنها مسألة وقت قبل أن تعيد الحكومات الغربية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، النظر في تكاليف دعم أوكرانيا، ومن ثم، ما الذي يمكن توقعه في المستقبل نتيجة لهذا الوضع؟

وتوقع أن تنتهي الحروب بواحدة من طريقتين: عندما يهزم طرف الطرف الآخر ويكون قادرا على فرض شروطه للسلام، أو عندما يتوصل الطرفان إلى نتيجة مفادها أن حلا وسطا أفضل من مواصلة حرب ليس لدى أي من الطرفين القوة الكافية التي تمكنه من الانتصار فيها.

مساعدات الصين

وأضاف هاس «إن أيا من هذه الشروط لا ينطبق على هذه الحرب في الوقت الحالي، ومن المؤكد أنه ليس واضحا للغاية أن أوكرانيا تستطيع طرد روسيا من أراضيها، حتى إذا تخلصت الحكومات الغربية من تحفظها وزودت أوكرانيا بأسلحة أكثر تقدما، فالقوات الروسية متخندقة في مواقع حصينة وسوف يكون من الصعب طردها منها، كما أن هناك إمكانية، أو حتى احتمال، أن تقدم الصين مساعدات اقتصادية وعسكرية غزيرة لروسيا بدلا من رؤية شريكتها الاستراتيجية تتلقى هزيمة على أيدي تحالف بقيادة الولايات المتحدة».

ويرى أن القوات الروسية تفتقر للتدريب الجيد أو القيادة الجيدة التي تمكنها من هزيمة أوكرانيا في ميدان القتال، ولا تعد الهجمات الجوية على المناطق المدنية مهما كانت وحشية ومكلفة، بديلا عن النجاح في ميدان القتال، وحتى الآن لم تؤد إلا إلى تعزيز تصميم الشعب الأوكراني.

الإطاحة ببوتين

ويؤكد أن فرص التوصل إلى حل وسط قاتمة، ويقول: «يبدو أن بوتين مصمم على المضي قدما في مساره خشية أن تحفز أي هزيمة متصورة في أوكرانيا جهود منافسين محليين للإطاحة به من السلطة».

ويضيف هاس أنه كان للعقوبات تأثير محدود نظرا لأن الهند والصين وغيرهما يواصلون شراء الطاقة الروسية، ويسيطر بوتين على لغة الخطاب السياسي في البلاد ويقنع كثيرين بأن روسيا ضحية، وأرغمتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) على خوض قتال ضد الغرب ككل من أجل البقاء.

ولا تبدي أوكرانيا أيضا ميلا للتوصل إلى حل وسط، ويدعو كل الأوكرانيين تقريبا إلى التحرير الكامل لأراضي بلادهم، والسبب واضح: وهو أن الحرب قد غيرت العقول، وأدت بسالة جيش أوكرانيا وجوانب القصور الواضحة للجيش الروسي، إلى تعزيز ما هو أكثر من مجرد تفاؤل استراتيجي ضئيل بشأن ما قد يحمله المستقبل.

قلوب متحجرة

وعلاوة على ذلك، جعلت الحرب القلوب متحجرة، وأدت الفظائع التي ارتكبها الروس بما في ذلك قصف المباني السكنية وإعدام المدنيين، إلى دعوات للحصول على تعويضات وإنشاء محاكم للنظر في جرائم الحرب.

وفي رأي هاس، سوف يضيف البعض إلى هذه القائمة الإطاحة ببوتين ودائرته الداخلية من السلطة، وهذه نتيجة ينظر إليها كثيرون بوصفها أمورا أساسية إذا كان يتعين أن يكون لدى أوكرانيا ثقة في أي تسوية سلمية.

كيف تنتهي الحرب في رأي هاس؟


  • انتصار أحد الطرفين روسيا أو أوكرانيا وفرض شروط المنتصر في عملية السلام.

  • وصول أحد الطرفين إلى قناعة بأن السلام والحل الوسط أكثر فائدة له من الحرب.