عمر العمري

الدراسة في رمضان والمعادلة الصعبة

الخميس - 23 فبراير 2023

Thu - 23 Feb 2023

هل سيتحقق النجاح في إدارة (16) يوما دراسيا في شهر مضان المبارك؟ وهل سيتم حل المعادلة الصعبة (والتي لم تحل منذ سنتين) بين مطالب المجتمع المشروعة في تعليق الدراسة وبين المسؤولية العظيمة في صناعة جيل المستقبل واستمرار عملية التعليم دون انقطاع؟ مع أملي من البعض الذين لا يريدون حلولا أن يبعدوا كل البعد عن فكرة وصف «أبنائنا أنهم كسلاء ويتوقون للراحة» هذا ليس صحيحا بالأدلة، وأقول لهم «وقتكم غلط!».

لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي تعكس الرغبة الجامحة والملحة النابعة من المشقة والمعاناة في مسوغ مطلب تعليق الدراسة خلال شهر رمضان الكريم من كافة أطياف المجتمع حتى ربات البيوت فضلا عن الموظفين أملا وتخفيفا لمشقتهم في مواجهة الزحام المروري، فهم وإن كانوا ليسوا ضمن منسوبي الميدان التعليمي ولكنهم مشاركين في نفس المطلب.

أعتقد أننا بحاجة إلى التفكير خارج الصندوق وأن نخرج بأفكار جديدة ابتكارية لكي نحاول أن نحل هذه المعادلة الصعبة (ونرحم تويتر خلال الأيام القادمة من حجم التغريدات في نفس الموضوع).

علما أن كل كيان يحوي عددا كبيرا من المستشارين والخبراء بتكاليف عالية والغريب جدا أنهم حتى هذه اللحظة مع طول الفترة لم يصلوا لحل؟! حل يرضي كافة الأطراف ويلبي رغبة المجتمع في تعليق الدراسة حضوريا من جهة ويحقق دور المؤسسة التعليمية في استمرار التعليم من جهة أخرى مع استثمار هذه الأيام القليلة بشكل أمثل في أن يخصص لها دورس ونشاطات وفروض وأن تصمم بشكل شيق وجذاب تعكس ما وصلت إليه التقنية من تقدم وإبداع ويتناسب مع روحانية هذا الشهر الفضيل وتكون «عن بعد» غير متزامن عبر هذه المنصات التعليمية وهي في نفس الوقت فرصة لتعزيز قيم دينية، وبر الوالدين، والإحسان والاحترام، وجماليات هذا الشهر الفضيل في هذا الوطن العزيز مع نشاطات ثقافية وفنية ورياضية خلال الفترة المسائية للراغبين من الطلاب وحثهم على الاستفادة منها في تنمية قدراتهم ومواهبهم وتحقيق شغفهم الفني والثقافي.

شهر رمضان يأتي مرة في السنة وهي فرصة سانحة كذلك لتعلم الكثير من العادات الاجتماعية الحسنة في اجتماع الأهل والأحباب حول موائد الإفطار، وأن نعيش الأجواء الرمضانية الجميلة في هذا الوطن بكافة تفاصيله لتتشكل عند الجميع الذكريات الجميلة، ناهيك عن تغير أوقات النوم بسبب وجبة السحور وواقع المجتمع في هذا الشهر لما فضله الله عن بقية الشهور، بالإضافة إلى تسابق الفضائيات في عرض البرامج والمسلسلات الرمضانية، ليبدأ يومه غداة وبعد فترة وجيزة من وقت صلاة الفجر اليوم الدراسي وهم صائمون، وهذا بلا شك يحدث خللا في توازنهم، وتفكيرهم، ونشاطهم، كل حسب فئته العمرية ومرحلته التعليمية كل ذلك يجعل الوضع صعبا جدا على الجميع خاصة مع استمرار الدراسة حضوريا في هذا الشهر الكريم.

وهذا مشاهد ومنعكس على الواقع التربوي فيما يواجهه المعلمون أثناء اليوم الدراسي في رمضان من نسب الغياب ونعاس الحاضرين خلال حصصهم، وبالتالي انخفاض مستوى الاستيعاب والنشاط وهو مؤشر على عدم حصولهم على قسط كاف من النوم بسبب السهر والالتزامات أو النشاطات الأسرية الرمضانية، وفي الوقت نفسه سيكون المردود من الدراسة في رمضان دون المستوى المطلوب بالنسبة للطلاب، وبالتالي سينخفض الأداء لدى المعلمين وهذا هدر تعليمي بلا شك، ويسبب بكل تأكيد فاقدا تعليميا.

وأقول ذلك من الملاحظة والتجربة وأخذ رأي العديد من الزملاء المعلمين والمعلمات، وبعضهم يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى مقرات العمل وليس لديهم متسع من الوقت في رمضان في ظل الالتزامات الأسرية وما يختصه رمضان من مأكولات رمضانية تتطلب وقتا في الإعداد والتجهيز قبل موعد الإفطار، وقد تزيد هذه الإشكاليات في حالة عدم معالجتها في ظل واقع يعيشه الجميع، ويجب الاعتراف بها وعدم المكابر عليها أو تجاهلها والاصطدام مع المجتمع، أو نفرض عليه جوانب نظرية دون النظر بموضوعية للواقع المعايش للميدان التربوي وجميع مراحله الدراسية ومنسوبيه، وهذا يساعد في إيجاد الحلول المناسبة والمقبولة إذا أردنا بشكل جاد النظر فيها.

3OMRAL3MRI@