نخوة العوجا والعرضة.. إرث متجذر في الوجدان

الخميس - 23 فبراير 2023

Thu - 23 Feb 2023



الدرعية النواة الأولى للدولة السعودية                     (واس)
الدرعية النواة الأولى للدولة السعودية  (واس)
بثت في صدور أبناء الوطن الحماس والشجاعة، وشحذت هممهم ليتحدوا صفا واحدا في سبيل توحيد البلاد، «نخوة العوجا».. نخوة الدولة السعودية، التي لا زالت تردد إلى يومنا هذا، لقيمتها الأخلاقية والاجتماعية، وأصبحت عنصرا أصيلا في أهازيج الوطن.

وعرفت «النخوة» بأنها ذلك النداء المرتبط بمجتمع أو دولة ليبث في أهلها الحماسة والفخر، فيما يقصد بـ «العوجا»، الدرعية التي تقع على امتداد وادي حنيفة بطبيعته المتعرجة.

يقول أحد الشعراء: حنا أهل العوجا وحنا اللي نرد الضديـد والطايلة يحظى بها من عز طاروقها

وهنا يتأهب الجنود للقاء العدو وتبدأ مسيرة التهيئة التي تسبق المعركة لكي يدب الرعب في نفوس الأعداء عبر «العرضة السعودية»؛ بإظهار الكثرة العددية أمامهم وتخويفهم بأصوات قرع الطبول، وشحذ الحماسة والبسالة للمقاتلين، ورفع الروح المعنوية لديهم بترديد القصائد الحماسية.

قديما في عام 1178هــ (1765 م) فـي عهـد الإمـام محمـد بـن سـعود مؤسس الدولة السعودية الأولى، فـي أثنـاء هجـوم عريعـر بـن دجيـن - زعيـم الأحسـاء، ومعـه دهـام بـن دواس - أميـر الريـاض علـى الدرعيـة، واشـتداد الأمـر علـى قـوات الدولـة السـعودية، الذيـن أحسـنوا البـلاء فـي الصمـود والتصـدي، وعـزم الأميـر عبدالعزيـز بـن محمـد بن سـعود علـى رفـع معنويات الفرسان المقاتليـن، فأمـر فـي آخـر مطلـع النهـار بإقامة العرضـة خـارج السـور، فأثـار ذلـك روح الحماسـة والشـجاعة فـي نفـوس المقاتلين، فقلبـت بذلك موازين القتال، وأصبـح النصر حليفـا لهم وألحقـوا بالمعتدين شـر هزيمة.

الحماسة والشجاعة

و للعرضة تأثيـر فعـال فـي إثـارة روح الحماسـة والشـجاعة فـي نفـوس الفرسـان المقاتليـن، فكانـت تقـام قبـل التوجـه إلـى سـاحة المعركـة فـي نقطـة تجمـع يلتقـي فيهـا المقاتلـون مـع قائدهـم الـذي يسـتعرض جنـده؛ ليتفقدهم ويتأكـد مـن جاهزيتهـم لخـوض غمـار المعركـة، وليبعـث فيهـم روح الاعتـزاز والحميـة، وتقـام بعـد ذلـك العرضـة فـي صفـوف ذات أداء مهيـب متـزن يثيـر العزائـم ويحيـي مشـاعر الشـجاعة والتفانـي فـي نفـوس المقاتليـن، كمـا كان لهـا حضـور بعـد عـودة المقاتليـن منتصريـن، فتقـام مـن أجلهـم العرضـة احتفـالا واعتـزازا بنصرهـم.

و«العرضـة» فـي الأصـل مـا هـي إلا «رقصـة حربيـة» تثيـر عزائـم المقاتليـن، وهـي صـورة مـن صـور التلاحـم بيـن القائـد وشـعبه، يؤديهـا الفرسـان أمامـه مظهريـن بذلـك حبهـم لأرضهـم، ومـدى انتمائهـم واعتزازهـم بهـا ووفائهـم وإخلاصهـم لقائدهـم، حيـث تضمنـت العرضـة القصائـد البطوليـة التـي تعـرض أمجـاد القـادة وإنجازاتهـم، وتضحيـات الآبـاء وبطولاتهـم واستبسـالهم للدفـاع عـن أراضيهـم والتغني بالانتصارات.