سارة مطر

الذكاء الاصطناعي ومرض الاكتئاب

الثلاثاء - 21 فبراير 2023

Tue - 21 Feb 2023

لو سألتني عن أكثر الأمراض النفسية فتكا بروح المريض، لقلت لك دون تردد مرض الاكتئاب، فمريض الاكتئاب لا يحتاج إلى رصاصة لتقبع داخل شرايين قلبه كي يموت، أو أن تضع له سما في مشروبه المفضل ليغادر الحياة، إن إصابته بداء الاكتئاب هي الطريق الأكثر سهولة إلى الموت، فإذا كنت تتخيل على سبيل المثال أن العالم الثالث يتميز بالفقر والعنف والسياسة والاضطراب الاجتماعي، فمريض الاكتئاب يتحمل كل ذلك على عاتقيه، الخوف والتردد وإحساسه بالنفي، علما أن الشعور بالنفي ليس أمرا يتعلق بالجغرافيا، بل هي حالة روحية، إحساسه البشع بالطرد من جنة الهدوء، وأنه شخص لا يعيش الواقع إنما هو خارج عن الخدمة في كل شيء، فكل ما هو أمامه معقد، غامض من دون ملامح، حتى إنه يستغرب كيف يستطيع الآخرون الضحك، وكيف يعيشون الفرح بدون فجاجة أو الشعور بضيق في الأفق، وكيف لهم القدرة على وضع خططهم المستقبلية من دون تشويش.

في كل مرة أكتب فيها مقالا عن الاكتئاب، لابد لي أن أذكر ما قاله الطبيب النفسي الشهير عادل صادق، حينما سئل عن أكثر الأمراض التي تجعله أكثر تعاطفا مع المريض النفسي، فقال كلمته الشهيرة «مرضى الاكتئاب»!

كتبت هذا المقال وأنا تقريبا أطير من السعادة، بعد أن قرأت عن ابتكار عدد من الباحثين في الصين منظومة للذكاء الاصطناعي، يمكنها مساعدة علماء النفس على اكتشاف حالات الإصابة بالاكتئاب عن طريق تحليل الحديث.

مرض الاكتئاب يعتبر من أكثر الأمراض النفسية شيوعا في العالم، حيث يصيب 9.5% من البالغين في الولايات المتحدة كل عام، وبالتالي فإن تطوير منظومة الكترونية لاكتشاف الإصابة بهذا المرض قد تساعد الأطباء على سرعة تحديد المرضى الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة المهنية، وربما تقلل من معدلات الانتحار الناجمة عن الإصابة بهذا المرض.

وبحسب دراسة أجرتها إحدى المجلات العلمية، فقد طور فريق بحثي من أحد المعاهد للأبحاث المتقدمة معادلة خوارزمية للذكاء الصناعي يمكنها اكتشاف الإصابة بالاكتئاب من حديث الشخص. وتم تدريب هذه المنظومة للتعرف على الانفعالات المختلفة التي يشعر بها الشخص من خلال تحليل حديثه.

بالتأكيد شعرت بكم كبير من السعادة وتمنيت لو أن الدكتور عادل صادق لا يزال على قيد الحياة، حتى يعلم كيف أن الطب قد تطور بشكل كبير، وأن المرضى الذين كان يشعر بالأسى والألم تجاههم، باتت هناك فرص عديدة في علاجهم والخروج بهم من الشرنقة الضيقة.

وأخيرا، فقد تمت تغذية المنظومة التي أطلق عليها اسم «دياك ووز» بمجموعة من المقاطع الصوتية وتعبيرات وجه ثلاثية الأبعاد للمرضى المصابين بالاكتئاب وآخرين أصحاء، وتم جمع هذه المقاطع من خلال مقابلات أجريت مع سلسلة من المرضى والمتطوعين للحديث بشأن حالتهم المزاجية وشؤون حياتهم المختلفة.