وجوه شوارعنا منهكة مبرقشة
الاثنين - 20 فبراير 2023
Mon - 20 Feb 2023
أعان الله دولتنا على بيئة وطننا الصحراوية، فما إن ننتهي من رصف شارع وتلميعه، إلا وتظهر على وجهه بثور وآثار حبوب وتجاعيد ورؤوس سوداء وبيضاء، نتاج عوامل جوية وسوء رصف وحكايات تجميل متكررة.
أمانات المدن، ووزارة النقل والبلديات وشركات الصيانة تهب بخبراتها للمعالجة الشكلية بمساحيق ماكياج، ومشارط، وحقن ورقع وتمليس، تحيل الشارع إلى شبه دراما خليجية تحتاج لزفرات وحسرات ومناديل.
ويدور التنظير والنقد في الإعلام مرات عديدة، ومراكز البحوث لدى الجهات المسؤولة تقصر في الدراسات والبحث عن حلول علمية عملية تناسب أجواءنا، وطبيعة أراضينا، ومفاجآت أمطارنا ولا تعود تستغرب وتكتب الأعذار.
ولو عصفوا أذهانهم، فلا بد أن لذلك حلولا علمية عملية برعت فيها بعض الدول المتقدمة والمشابهة لطبيعتنا، وتوصلت لوضع أسس ثابتة لتهيئة الأرض قبل بدء الرصف، واعتماد قواعد إنشاء قويمة ثابتة مضمونة، بدك عميق، ورصف صخري، وإيجاد الفواصل بين المسافات والأطوال لتلافي التمدد والانبعاج، واستخدام وسائل مبتكرة، وخلطات حديثة، مصنعة لمثل هذه الأغراض، وليست فقط بالحصى والطين والزفت المحترق.
تقنيات أسعارها ليست بعيدة عن أسعار الرصف البدائي، والذي ينقلب عدوا لراحة سائقي السيارات وسلامتهم، وإنهاك سياراتهم، التي تشيخ وتتفكك قبل أعمارها الافتراضية بكثير.
حفرة هنا، وشق هناك، وندبة غائرة، وغطاء بلاعة، وانبعاج، والتواء مواز، والسائق يحاول أن يمر بينها وكأنه يلعب لعبة الكترونية، يحاول فيها جمع النقاط، والمحافظة على كفراته ومقصات سيارته، ودون خروج عن المسار، أو فقد أرواح كان قد جمعها!
ولو كان الشق وحيدا لتلافاه السائق، ولو كانت الحفرة يتيمة، لكفلها، وتحمل ما يأتي منها، ولكن التهتكات كثيرة بشكل يعجز فيه السائق عن تلافي أكثرها، دون فقد توازنه.
الشركاء في الإنشاء والتدخل والصيانة يقومون بمجهودات روتينية مكررة، ومن يحفر، يقوم بسد حفرته بطريقته، وعندما تكثر الشكاوى من وجود شق أو حفرة خطيرة، تأتي المعالجة الجزئية، وتنثر مخاريط وأشرطة التحذير، وتوقف المرور، وتدحس كمية من الأسفلت بدواسة تعبيد في الفجوات، وبكميات تزيد أو تنقص حسب خبرة الداحس، ولو أن ذلك يخلق خرائط جغرافيا جديدة تحيط بالمنطقة المعالجة، يضطر السائقون لإعادة دراستها والتنبه لأوضاعها وخطورتها، وكيفية تلافيها مستقبلا.
مجموع ميزانيات الصيانة الدورية والمعالجة للشارع الواحد، يمكن من خلالها رصفه من جديد بكل أمانة، ولكن العاملين عليها يفضلون ديمومة الترقيع كونها تعطي الأهمية والأريحية، ولو تم تصميم الشارع وسفلتته ورصفه بشكل مثال من أول مرة، فما الذي سيفعلونه طوال العام؟
مراكز البحوث يجب أن تدرس أيضا تكاليف ذلك على المواطن، والذي لا تعيش عنده سيارة إلا لعدة سنوات، قبل أن يبيعها بقائم سوقها، أو يرسلها للتشليح على حسابه الخاص لتسقط من ذمته.
ما كان يجري في رصف وصيانة الشوارع قبل عشرات السنين أصبح لا يلائم شوارع رؤية السعودية، سواء بين المدن أو وسطها، والجهود لابد أن تبحث عن الحلول الجذرية الحديثة، وتستحضرها ولو من الواق الواق.
مقالي أطرح فيه أمنيات نعيشها، ولعلها تتحقق، فشوارع مدننا يمكن أن تكون أجمل، وأمتن، وأكثر سلامة وراحة، هذا لو أصلحنا عيوبها، بعين فنان، وقلب مواطن، ورؤية مهندس طموح يرتقي بالمعارف والقدرات، ولا يرتضي لعمله أن يصبح مجرد حكاية مكياج وكحت وترقيع.
shaheralnahari@
أمانات المدن، ووزارة النقل والبلديات وشركات الصيانة تهب بخبراتها للمعالجة الشكلية بمساحيق ماكياج، ومشارط، وحقن ورقع وتمليس، تحيل الشارع إلى شبه دراما خليجية تحتاج لزفرات وحسرات ومناديل.
ويدور التنظير والنقد في الإعلام مرات عديدة، ومراكز البحوث لدى الجهات المسؤولة تقصر في الدراسات والبحث عن حلول علمية عملية تناسب أجواءنا، وطبيعة أراضينا، ومفاجآت أمطارنا ولا تعود تستغرب وتكتب الأعذار.
ولو عصفوا أذهانهم، فلا بد أن لذلك حلولا علمية عملية برعت فيها بعض الدول المتقدمة والمشابهة لطبيعتنا، وتوصلت لوضع أسس ثابتة لتهيئة الأرض قبل بدء الرصف، واعتماد قواعد إنشاء قويمة ثابتة مضمونة، بدك عميق، ورصف صخري، وإيجاد الفواصل بين المسافات والأطوال لتلافي التمدد والانبعاج، واستخدام وسائل مبتكرة، وخلطات حديثة، مصنعة لمثل هذه الأغراض، وليست فقط بالحصى والطين والزفت المحترق.
تقنيات أسعارها ليست بعيدة عن أسعار الرصف البدائي، والذي ينقلب عدوا لراحة سائقي السيارات وسلامتهم، وإنهاك سياراتهم، التي تشيخ وتتفكك قبل أعمارها الافتراضية بكثير.
حفرة هنا، وشق هناك، وندبة غائرة، وغطاء بلاعة، وانبعاج، والتواء مواز، والسائق يحاول أن يمر بينها وكأنه يلعب لعبة الكترونية، يحاول فيها جمع النقاط، والمحافظة على كفراته ومقصات سيارته، ودون خروج عن المسار، أو فقد أرواح كان قد جمعها!
ولو كان الشق وحيدا لتلافاه السائق، ولو كانت الحفرة يتيمة، لكفلها، وتحمل ما يأتي منها، ولكن التهتكات كثيرة بشكل يعجز فيه السائق عن تلافي أكثرها، دون فقد توازنه.
الشركاء في الإنشاء والتدخل والصيانة يقومون بمجهودات روتينية مكررة، ومن يحفر، يقوم بسد حفرته بطريقته، وعندما تكثر الشكاوى من وجود شق أو حفرة خطيرة، تأتي المعالجة الجزئية، وتنثر مخاريط وأشرطة التحذير، وتوقف المرور، وتدحس كمية من الأسفلت بدواسة تعبيد في الفجوات، وبكميات تزيد أو تنقص حسب خبرة الداحس، ولو أن ذلك يخلق خرائط جغرافيا جديدة تحيط بالمنطقة المعالجة، يضطر السائقون لإعادة دراستها والتنبه لأوضاعها وخطورتها، وكيفية تلافيها مستقبلا.
مجموع ميزانيات الصيانة الدورية والمعالجة للشارع الواحد، يمكن من خلالها رصفه من جديد بكل أمانة، ولكن العاملين عليها يفضلون ديمومة الترقيع كونها تعطي الأهمية والأريحية، ولو تم تصميم الشارع وسفلتته ورصفه بشكل مثال من أول مرة، فما الذي سيفعلونه طوال العام؟
مراكز البحوث يجب أن تدرس أيضا تكاليف ذلك على المواطن، والذي لا تعيش عنده سيارة إلا لعدة سنوات، قبل أن يبيعها بقائم سوقها، أو يرسلها للتشليح على حسابه الخاص لتسقط من ذمته.
ما كان يجري في رصف وصيانة الشوارع قبل عشرات السنين أصبح لا يلائم شوارع رؤية السعودية، سواء بين المدن أو وسطها، والجهود لابد أن تبحث عن الحلول الجذرية الحديثة، وتستحضرها ولو من الواق الواق.
مقالي أطرح فيه أمنيات نعيشها، ولعلها تتحقق، فشوارع مدننا يمكن أن تكون أجمل، وأمتن، وأكثر سلامة وراحة، هذا لو أصلحنا عيوبها، بعين فنان، وقلب مواطن، ورؤية مهندس طموح يرتقي بالمعارف والقدرات، ولا يرتضي لعمله أن يصبح مجرد حكاية مكياج وكحت وترقيع.
shaheralnahari@