مبادرة المسرح المدرسي.. مشروع الاحتراف والحيوية

الأحد - 19 فبراير 2023

Sun - 19 Feb 2023

يُزاح الستار ببطء من الجانبين مثل موعد بداية ولحظة ميلاد، ومن الظل إلى النور وعلى خشبة المسرح تبدأ الحكاية لحظة بلحظة، تظهر الشخصيات وتنكشف التعابير والانفعالات وتنبت التوقعات، تستمر التفاصيل وتمتد الحبكة وتتسع ذاكرة القصة، وعندما يحين مشهد النهاية ويُغلق الستار يبدو الأمر مثل كتاب وصل إلى آخره؛ إنه المسرح بوصفه الحكاية التفاعلية والمتحركة والمضبوطة على إيقاع الآن؛ والذي شهد قفزة في مسيرته من خلال مبادرة "المسرح المدرسي" بالشراكة بين هيئة المسرح والفنون الأدائية ووزارة الثقافة مع وزارة التعليم، وبالتعاون مع جامعة "موناش" الأسترالية، وفق خطة زمنية موزعة على 5 مراحل تمتدّ إلى 27 شهراً، بداية من شهر أكتوبر 2022، وتُختتم في ديسمبر 2024؛ لتكون بذلك إحدى أهم المبادرات الوطنية في قطاع المسرح والفنون الأدائية، ومشروعاً للاحتراف والحيوية.

قبل أن يُفتح الستار.. وفي الظل يكون موعد التحضير والاستعداد وبناء الحكاية، تجارب الأداء والكواليس وعدد لا نهائي من المحاولات، ابتكارات وتطوير للشخصيات ومفاصل القصة وتشكل الانسجام، التمرين على الارتجال والتفاعل والمحافظة على الانغماس في الحالة، جزء لا يظهر ولكنه يزهر على خشبة المسرح، ويكشف عن براعة الممثلين وتماسك القصة وعبقرية المخرج وتوظيف المكان للتعبير عن ظروف المشهد، أوتاد في المسرح الذي تستهدفه المبادرة عبر تغطية 19,647 مدرسة من المدارس الحكومية في المملكة، وتدريب 25,540 متدرباً ومتدربة؛ على أن ينتج عنها مسابقة سيكرّم فيها أفضل ألف مسرحية.

في الجانب المقابل للمسرح يكون الجمهور، رابطة المشجعين وضابطي معايير الذائقة ومصدر الحماس والحيوية، المكافأة الفورية والجائزة الشعورية للمسرحيين، مساحة التصفيق والضحك والتأثر والتأثير، أقصر مسافة بين الفعل وردة الفعل وبين الفن والمتلقي، ركن أساسي وجزء من الحراك المسرحي الذي يحقق من خلال مبادرة "المسرح المدرسي" مجموعة من الأهداف، وهي: تطوير وتمكين منظومة داعمة للمواهب الوطنية للإسهام في صنع محتوى مسرحي مُلهم، وخلق فرص وظيفية جديدة في قطاع المسرح والفنون الأدائية عبر تفعيل ثقافة المسرح، إضافة إلى تعزيز دور المسرح في تنمية الأجيال الناشئة، وأيضًا المساهمة في تطوير قدرات الطلاب وإكسابهم مهارات تخصصية في المجال المسرحي.

المسرح رمزية الحاضر ودلالة الآن والمباشر، والمساحة الرحبة لتمثيل الحكايات وتجسيد الملاحم ونقل المعارف وأداء الرقصات وإثبات قيمة الموهبة بشكل متفرد ودهشتها عندما تكون بشكل جماعي، والقابلة للملاحظة على نطاق أوسع بفضل المبادرة التي تسعى أن تكون مخرجات مرحلتها الأولى مركزة على زيارات استطلاعية للفريق التدريبي لعدد من المدارس الحكومية للبنين والبنات في مدينة الرياض مع مقابلات واجتماعات تجمع الأطراف المعنية، أما الثانية فتستهدف تدريب 60 متدرباً ومتدربة، في حين أن المرحلة الثالثة تستهدف الضعف 120 متدرباً ومتدربة، والقفزة في الرابعة عبر 3200 متدرب ومتدربة، وتتبارك في الخامسة 22,160 متدرباً ومتدربة؛ ليصل بذلك مجموع المتدربين والمتدربات إلى 25,540 متدرباً ومتدربة طوال فترة تنفيذ مبادرة "المسرح المدرسي".

اللافت أن هذه المبادرة تأتي تحت مظلة استراتيجية تنمية القدرات الثقافية، والتي أطلقتها وزارتا الثقافة والتعليم في وقتٍ سابق؛ بهدف ربط مخرجات التعليم باحتياجات السوق الثقافي، والتي تعمل هيئة المسرح والفنون الأدائية على تحقيق مستهدفاتها في قطاع المسرح من خلال استراتيجيتها لتطوير المواهب، والمتضمنة 9 مبادرات تهدف إلى تطوير وتحفيز القطاع المسرحي بالمملكة.