هزات الأرض تجمع فرقاء سوريا وتركيا

باحث أمريكي: الزلزال سيعيد تشكيل ملامح سياسات أنقرة ودمشق
باحث أمريكي: الزلزال سيعيد تشكيل ملامح سياسات أنقرة ودمشق

الثلاثاء - 14 فبراير 2023

Tue - 14 Feb 2023

بعيدا عن مشاهد الدمار واسعة النطاق التي نجمت عن الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا وسوريا الأسبوع الماضي، من المتوقع أن تتسبب الآثار المترتبة عليه في إحداث تغييرات في التفاعلات السياسية بكل من البلدين، وتسهم هزات الأرض في جمع الفرقاء الذين أبعدتهم السياسة في السنوات الماضية.

ويقول الباحث الأمريكي هنري جيه باركي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ليهاي وزميل كبير في شؤون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي «من المفارقات أن تركيا، التي تقع على نفس خطوط الصدع الجيولوجي مثل سوريا، هي الخصم الرئيس لدمشق في نفس المنطقة التي ضربها الزلزال، ومع ذلك، كانت تركيا تناور مؤخرا لإصلاح علاقاتها مع سوريا، ويمكن أن توفر الكارثة المشتركة الذريعة اللازمة للإسراع بهذه العملية».

استغلال الكارثة

وأوضح باركي أنه في سوريا ضرب الزلزال وتوابعه إدلب، المنطقة الأكثر دمارا جراء الحرب الأهلية في البلاد وواحدة من آخر الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، ويضيف هذا المزيد من البؤس، خاصة وأن الحكومة السورية ستعطي الأولوية لمصالحها الخاصة على حساب السكان المتضررين.

وتحملت إدلب وطأة الكارثة، وحتى الآن، وفي ظل اقتصار مساعدات الأمم المتحدة على معبر حدودي واحد، كان تدفق إمدادات الإغاثة للمناطق المتضررة في سوريا ضئيلا، أو منعدما.

واتهمت منظمة «الخوذ البيضاء»، وهي المنظمة غير الحكومية الرئيسة العاملة في المنطقة، الأمم المتحدة بعدم تقديم مساعدات كافية، وسوف تستسلم حكومة النظام السوري لإغراء استغلال هذه الكارثة لإعادة توحيد البلاد تحت سيطرتها.

وأشار الأسد بالفعل أنه يريد تنسيق جميع عمليات الإغاثة مع الحكومة المركزية في دمشق، رغم أنه لا يسيطر على مناطق السكان الأكثر تضررا.

تقصير السلطات

ويؤكد أنه على الرغم من التأكيدات المتكررة بأن تركيا قد تعلمت الدرس من زلزال عام 1999، يشير حجم الكارثة الحالية إلى أن السلطات كانت مقصرة تماما في استعداداتها، ومن الواضح أن مليارات الليرات التركية التي جمعتها الحكومة من خلال ضريبة خاصة تتعلق بالزلازل لم تستخدم في تعزيز البنية التحتية للمنطقة المتضررة أو قدرات نظام الاستجابة للطوارئ في البلاد.

وتم تخفيض ميزانية هيئة إدارة الكوارث والطوارئ (أفاد)، وهي منظمة الإنقاذ الرئيسة في البلاد، بنسبة 33% في الميزانية الوطنية لعام 2023، والأسوأ من ذلك هو قرار صدر في عام 2018 يتضمن عفوا يضفي الشرعية على وضع آلاف المباني التي أقيمت بشكل غير قانوني، دون وثائق أوعمليات تفتيش مناسبة.

وكل ما كان على السكان فعله هو دفع غرامة، عززت ببساطة خزائن الدولة.

وفي عام 2019 وخلال زيارة لكهرمان مرعش، مركز الزلزال، أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان بفخر أنه من خلال هذا العفو، «حلت الحكومة مشكلة 144 ألفا و556 مواطنا من مرعش وحدها».

استجابة متأخرة

لم تكن المشكلة بالنسبة له هي أن المواطنين يعيشون في مساكن سيئة البناء وغير مستقرة، بل كانت عدم قدرتهم على الحصول على وثائق ملكية للمباني التي وصفت بأنها «غير قانونية»، وبجرة قلم بسيطة، أصبحت هذه الإنشاءات آمنة بشكل فعال، ولكن الزلزال أثبت غير ذلك.

وكانت استجابة الإغاثة من قبل السلطات التركية سيئة التنسيق ومتأخرة، ولا يزال هناك العديد من المناطق المنكوبة في انتظار الإمدادات والمتطوعين.

وعلى النقيض من ذلك، كانت استجابة المجتمع المدني مثيرة للإعجاب، فقد تدفق المتطوعون، وطرود المساعدات من أنحاء البلاد، مع أخذ السكان المحليين زمام المبادرة لإنقاذ الضحايا.

وقد لخص الأستاذ المساعد في جامعة كردستان هيولير، أرزو يلماز الأمر ببساطة حين قال «لا توجد دولة ولكن يوجد شعب».

ويرى باركي أنه من الواضح أن ضخامة الكارثة هزت إردوغان، وقد استغرق الأمر منه بعض الوقت للظهور علنا، وركزت الكثير من تصريحاته ورحلاته عبر المناطق المنكوبة على حماية الدولة وإدارته، وكما هو متوقع، بدأ في البحث عن «المذنب»، أي البنائين وممارسي أعمال النهب الذين يمكن أن يوجه لهم أصابع الاتهام، وبالتالي دفع اللوم إلى بعيد.