بين سفاح تل أبيب ودجال طهران
الأحد - 05 فبراير 2023
Sun - 05 Feb 2023
التاريخ يعيد نفسه مرتين؛ مرة كمأساة ومرة كمهزلة، هذه الجملة قالها (كارل ماركس) في القرن التاسع عشر، لكن الظاهر أن التاريخ ممكن يعيد نفسه مرة أو مرتين أو ربما أكثر، وممكن تكون الأيديولوجية هي الثابتة والزمن هو المتغير، ولفهم الحاصل بين الكيان الصهيوني (إسرائيل) وإيران علينا أن ندرك أن كلمة السر تقع بين سفاحين الأول في تل أبيب والثاني في طهران.
الأول (بنيامين نتنياهو) كان رئيس إسرائيل من 1996 إلى 1999 وبعدها ترشح ثاني مرة لنفس المنصب من 2009 إلى 2021 لكن من عام 2019 وجهت له ولأسرته تهم بالرشوة وقبول هدايا غالية من أثرياء بارزين، والهدايا وراءها مقابل منها مثلا إعفاء المنتج في هوليوود (Hollywood) ارنون ميلكان من الضرائب، أو قضية التسريبات التي تمت بينه وبين أرنون موزيس ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في مقابل عدم انتقاده، أو فضيحة استغلاله للسلطة عندما منح شركة بيزك للاتصالات مزايا تنظيمية مقابل دفع حملة إيجابية عنه في موقع إخباري، هذه الفضائح ولدت عنده خوفا شديدا، ولو أضفنا لها فشله الشخصي في تمرير قانون تجنيد اليهود المتدينين واستقالة وزير دفاع حكومته افيجادور ليبرمان.
كل هذا دفعه لإدخال إسرائيل في جمود سياسي لمدة أربع سنوات من خلال حل الكنيست والإعلان عن انتخابات مبكرة، وبما أن التمثيل النسبي يسمح للأحزاب مهما كانت كبيرة أو صغيرة في تشكيل الحكومة إذا حصلت على 61 مقعدا في الكنيست فإنهم ومن خلال أربع دورات انتخابية فشلوا في تشكيلها إذا استثنينا حكومة نفتالي بينيت التي بقيت لشهور ثم سقطت لأسباب يطول شرحها، وفي الدورة الانتخابية الخامسة نجح نتنياهو في تشكيل الحكومة، لكن لكي ينجح كان لا بد أن يتحالف مع اليمين المتطرف وفي مقابلها يمنحهم مناصب وزارية في حكومته، يعني صفقة مشبوهة، المهم نجح بالفعل في تشكيل أكثر حكومة متطرفة شهدها تاريخ الكيان الصهيوني، فعين ارييه درعي من حزب ساش اليهودي في منصب وزير الداخلية وهو صاحب سوابق منها أنه محكوم عليه بالسجن 3 سنوات في قضية رشوة عندما كان يشغل نفس المنصب في التسعينات، وبعد أقل من أسبوع من استلام عمله كوزير داخلية انفضح في قضية تهرب ضريبي، ومع ذلك توصل لاتفاق مع المحكمة بحيث يعترف بذنبه ويدفع غرامة ويكمل في منصبه بموجب قانون أقره الكنيست يحد من صلاحية القضاة بشكل عام ويتضمن قاعدة الاستثناء التي شملت درعي، كل هذي الفضائح دفعت المستوطنين اليهود للخروج في مظاهرات هي الأكبر من نوعها شارك فيها أكثر من 100 ألف مستوطن يطالبون بسقوط الحكومة، حاول نتنياهو صرف تركيز المتظاهرين، فسمح لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (شارون إسرائيل الجديد) باقتحام مسجد بيت المقدس مما ولد موجة غضب خارجية على حكومة الكيان الصهيوني، وداخليا زاد هذا التصرف خوف المستوطنين من اندلاع مواجهات مسلحة مع سكان القدس، بل إن بعض وسائل الإعلام الغربية توقعت مواجهات مسلحة إذا استمر الوضع بدون حل سريع.
يعود هذا النتنياهو لمحاولة رأب الصدع الداخلي فتهجم قوات إسرائيل يوم الخميس قبل الماضي 26/1 على مخيم جنين للبحث عن عناصر من حركة الجهاد الإسلامي التابع لإيران، وتتطور الأحداث لمواجهة عسكرية ينتج عنها 10 قتلى، وفي اليوم التالي يقوم (خيري علقم) بإطلاق النار على صهاينة في القدس ليقتل 7 مستوطنين ويصيب مجموعة كبيرة منهم.
أخيرا.. من وجهة نظري الشخصية تلتقي مصالح سفاح تل أبيب مع مصالح سفاح طهران الذي يواجه مظاهرات غضب الجياع والكارهين لكهنوت الملالي من الشعب الإيراني منذ عدة أشهر، وبمباركة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وهندسة فرنسية يبدأ فيلم تخدير المتظاهرين في إسرائيل وإيران، وكما كان متوقعا، تقوم بعدها باليوم ثلاث طائرات مسيرة تطير بأربع مراوح (قريبة من المستخدمة في تصوير حفلات الزفاف عندنا) لتضرب موقعا داخل العمق الإيراني قيل عنه للصواريخ الباليستية أو لصنع مسيرات في أصفهان.
ومن باب رد الجميل بين السفاحين، لم تعترف إسرائيل رسميا بمسؤوليتها عن الهجوم لعدم إحراج إيران ومن ثم دفعها لتصرف تحفظ به ماء وجهها، الذي حصرت 34 اعتداء عليه دون رد بارز، وكلا النظامين هو المستفيد الوحيد من هذه الأحداث، أما نحن فلن نستفيد من التصعيد في الوقت الحالي على أقل تقدير.
hq22222@
الأول (بنيامين نتنياهو) كان رئيس إسرائيل من 1996 إلى 1999 وبعدها ترشح ثاني مرة لنفس المنصب من 2009 إلى 2021 لكن من عام 2019 وجهت له ولأسرته تهم بالرشوة وقبول هدايا غالية من أثرياء بارزين، والهدايا وراءها مقابل منها مثلا إعفاء المنتج في هوليوود (Hollywood) ارنون ميلكان من الضرائب، أو قضية التسريبات التي تمت بينه وبين أرنون موزيس ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في مقابل عدم انتقاده، أو فضيحة استغلاله للسلطة عندما منح شركة بيزك للاتصالات مزايا تنظيمية مقابل دفع حملة إيجابية عنه في موقع إخباري، هذه الفضائح ولدت عنده خوفا شديدا، ولو أضفنا لها فشله الشخصي في تمرير قانون تجنيد اليهود المتدينين واستقالة وزير دفاع حكومته افيجادور ليبرمان.
كل هذا دفعه لإدخال إسرائيل في جمود سياسي لمدة أربع سنوات من خلال حل الكنيست والإعلان عن انتخابات مبكرة، وبما أن التمثيل النسبي يسمح للأحزاب مهما كانت كبيرة أو صغيرة في تشكيل الحكومة إذا حصلت على 61 مقعدا في الكنيست فإنهم ومن خلال أربع دورات انتخابية فشلوا في تشكيلها إذا استثنينا حكومة نفتالي بينيت التي بقيت لشهور ثم سقطت لأسباب يطول شرحها، وفي الدورة الانتخابية الخامسة نجح نتنياهو في تشكيل الحكومة، لكن لكي ينجح كان لا بد أن يتحالف مع اليمين المتطرف وفي مقابلها يمنحهم مناصب وزارية في حكومته، يعني صفقة مشبوهة، المهم نجح بالفعل في تشكيل أكثر حكومة متطرفة شهدها تاريخ الكيان الصهيوني، فعين ارييه درعي من حزب ساش اليهودي في منصب وزير الداخلية وهو صاحب سوابق منها أنه محكوم عليه بالسجن 3 سنوات في قضية رشوة عندما كان يشغل نفس المنصب في التسعينات، وبعد أقل من أسبوع من استلام عمله كوزير داخلية انفضح في قضية تهرب ضريبي، ومع ذلك توصل لاتفاق مع المحكمة بحيث يعترف بذنبه ويدفع غرامة ويكمل في منصبه بموجب قانون أقره الكنيست يحد من صلاحية القضاة بشكل عام ويتضمن قاعدة الاستثناء التي شملت درعي، كل هذي الفضائح دفعت المستوطنين اليهود للخروج في مظاهرات هي الأكبر من نوعها شارك فيها أكثر من 100 ألف مستوطن يطالبون بسقوط الحكومة، حاول نتنياهو صرف تركيز المتظاهرين، فسمح لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (شارون إسرائيل الجديد) باقتحام مسجد بيت المقدس مما ولد موجة غضب خارجية على حكومة الكيان الصهيوني، وداخليا زاد هذا التصرف خوف المستوطنين من اندلاع مواجهات مسلحة مع سكان القدس، بل إن بعض وسائل الإعلام الغربية توقعت مواجهات مسلحة إذا استمر الوضع بدون حل سريع.
يعود هذا النتنياهو لمحاولة رأب الصدع الداخلي فتهجم قوات إسرائيل يوم الخميس قبل الماضي 26/1 على مخيم جنين للبحث عن عناصر من حركة الجهاد الإسلامي التابع لإيران، وتتطور الأحداث لمواجهة عسكرية ينتج عنها 10 قتلى، وفي اليوم التالي يقوم (خيري علقم) بإطلاق النار على صهاينة في القدس ليقتل 7 مستوطنين ويصيب مجموعة كبيرة منهم.
أخيرا.. من وجهة نظري الشخصية تلتقي مصالح سفاح تل أبيب مع مصالح سفاح طهران الذي يواجه مظاهرات غضب الجياع والكارهين لكهنوت الملالي من الشعب الإيراني منذ عدة أشهر، وبمباركة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وهندسة فرنسية يبدأ فيلم تخدير المتظاهرين في إسرائيل وإيران، وكما كان متوقعا، تقوم بعدها باليوم ثلاث طائرات مسيرة تطير بأربع مراوح (قريبة من المستخدمة في تصوير حفلات الزفاف عندنا) لتضرب موقعا داخل العمق الإيراني قيل عنه للصواريخ الباليستية أو لصنع مسيرات في أصفهان.
ومن باب رد الجميل بين السفاحين، لم تعترف إسرائيل رسميا بمسؤوليتها عن الهجوم لعدم إحراج إيران ومن ثم دفعها لتصرف تحفظ به ماء وجهها، الذي حصرت 34 اعتداء عليه دون رد بارز، وكلا النظامين هو المستفيد الوحيد من هذه الأحداث، أما نحن فلن نستفيد من التصعيد في الوقت الحالي على أقل تقدير.
hq22222@