بسام فتيني

تهميش الكفاءات

الأحد - 05 فبراير 2023

Sun - 05 Feb 2023

لا شك أن مخرجات الابتعاث لا غنى عنها، وكم من شباب وشابات تم تمكينهم بوظائف ومناصب عليا في شتى القطاعات!، وهذا جميل بل ورائع ومطلوب، والهدف الرئيس من الابتعاث كان بنقل الخبرات والتجارب الحياتية قبل الأكاديمية؛ فالمبتعث حين يتغرب ويعمل ويمر بضغوطات توفير الجهد والوقت والمال لإكمال تعليمه إنما هي دورة معتمدة في هذه الحياة والتي لا يقل فيها التأهيل الحقيقي في خوض معارك الحياة عن التأهيل الأكاديمي.لكن ماذا يحدث لمن جرى بهم العمر وهم في طاحونة العمل المحلي؟ ولم يكن في عهدهم تسهيلا لأمور الابتعاث؟ أين يذهب الخبير المفتقد لإتقان اللغة الإنجليزية مثلا؟ نعم اللغة الإنجليزية مهمة جدا في لغة المال والأعمال؛ لكن ما يحدث اليوم هو شبه إبعاد لكفاءات أفنت عمرها في خدمة وطنها عبر مناصب متعددة في القطاعين العام والخاص لكن مصيرهم التجاهل والإبعاد عن التمكين!

قد لا تكون ظاهرة يمكن مشاهدتها لكنها موجودة، وهذا التجاهل يذكرني بالكنوز المركونة على الرف من الكفاءات المتميزة التي تقاعدت مبكرا فخسرنا خبراتها وأضحت كالقطعة الفنية المنسية في متحف مهجور لا يزوره أحد!

قد يقول قائل إن هذا ذنب الشخص نفسه فلماذا لا يسعى لتحسين لغته وتطوير مهاراته في مجال لغة الأعمال؟

ولهؤلاء أقول إن معظم من انخرط في العمل مبكرا لم يكن يملك الوقت ولا المال لذلك، والتسهيلات الموجودة اليوم لكم كجيل شاب لم تكن متاحة سابقا، والبعض وهم قلة قليلة كان محظوظا حين ولد لأسرة ثرية تكفلت بتعليم أطفالها لغة ثانية، او محظوظا آخر كان عمل والده في الخارج سببا لإتقانه اللغة الإنجليزية، ثم فئة أقل آثرت أن تضيق على نفسها في كل أمور حياتها حتى تتمرس أكثر في التعلم عبر المراكز المتخصصة التي كانت أسعارها باهظة الثمن! ثم هناك محظوظ درس في الجامعة بكالوريوس لغة إنجليزية فأتقنها عنوة بسبب دراسته!

الحلول لتمكين من يفتقدون اللغة كثيرة ويكفي أن ننظر لكبار التجار المؤسسين لكيانات مليارية ومع ذلك هم لا يتقنون اللغة الأجنبية ومع ذلك حققت شركاتهم نجاحات متعددة وبلغة الأرقام، بل إن بعض كبار التجار استعان بمترجم خاص موثوق فلم يعوقه جدار اللغة عن قفز حواجزها ونجح!

خاتمة، اللغة ليست عائقا بل تهميش الكفاءات بسبب عدم إتقانها هو الظلم بعينه فلا تخسروهم.

BASSAM_FATINY@