دخيل سليمان المحمدي

تبذير للمباهاة والتصوير

الأحد - 05 فبراير 2023

Sun - 05 Feb 2023

يقول المفكر براون: عليك أن تتخيل أنك استيقظت يوما واكتشفت أنك الشخص الوحيد المتبقي على ظهر الأرض، وأنك تستطيع أن تسكن في أي منزل يروق لك، حتى لو كان أفخم قصر. فهل ستريد حينها بالفعل أن تسكن في منزل فاخر أو «ربما ستبحث عن مكان مريح وعملي فقط؟.

وهذا ينسحب على الملابس، والسيارات وأحدث الأجهزة التكنولوجية».

فعلا إذا فكرنا بهذه الطريقة في حياتنا، سنتفاجأ بحجم أهمية الأشياء التي نلهث خلفها لنقتنيها أو نرغب في الحصول عليها، إنها فقط للتباهي وجذب أنظار الآخرين.

إن من طبيعة البشر السعي وراء تحقيق وتملك الأفضل، ويندرج ذلك بتحسين الوضع المادي والاجتماعي، والاستمتاع بما أعطانا الله من نعم، لكن ليس من الطبيعي أن يكون اهتمامنا الأول في حياتنا كيف نكون أمام الآخرين؟، وماذا يقول عنا فلان؟، فإذا وصلنا إلى هذا التفكير أعتبر بأننا أُصبنا بآفة التباهي؛ فهناك من يتباهى بماله أو منصبه، فالتباهي بالمال له سلوكيات عجيبة مضحكة ومحزنة في نفس الوقت، حيث يبدأ المتباهي بتقمص حياة ليست حياته، بل يمارس حياته بصورة مغايرة عن واقعه الحقيقي تماما، فنجده يحرص على شراء سيارة باهظة الثمن بعد تحمل الديون، أو يتكبد معاناة السفر المستمر ليس رغبة في الاستمتاع بل هو التقليد والتصوير للمباهاة التي أسهمت في انتشارها الكثير من برامج التواصل الاجتماعي، من خلال تصوير ونشر كل حركة وموقف بنية المباهاة تحت بند (شوفوني).

لقد تسببت هذه الظاهرة في حالات مرضية نفسية مزمنة، من أهمها انعزال المتباهي تماما عن واقعه، وعيشه في عالم التباهي الافتراضي، لقد وصل بهم الحال لنشر صورة كوب القهوة بالتركيز على الماركة المسجلة التي تحمل شعار شركة عالمية باهظة الثمن، علينا أن نعلم بأنه ليس كل من ينشر أخباره هدفه التباهي، ولكن السواد الأعظم منهم للأسف هم المتباهون أمام الناس.

فيا من أُصبت بهذا الداء النفسي العظيم: لماذا لا تعتبر بقارون الذي أهلكه الله بسبب تباهيه وغروره؟!، واعلم يا عزيزي أن قيمة الإنسان بعمله الصالح، وبإسهاماته الإيجابية والاجتماعية وليس بما يملك من متاع الحياة الدنيا الزائل، وعلى الرغم من أن المال والبنين زينة الحياة الدنيا الفانية، فإن الباقيات الصالحات هي الخير الباقي.

قال الله تعالى في سورة الكهف: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا).

dakhelalmohmadi@