برجس حمود البرجس

لماذا رونالدو؟

الأربعاء - 01 فبراير 2023

Wed - 01 Feb 2023

كثر الحديث عالميا خلال الأشهر الثلاثة الماضية عن السعودية والرياضة السعودية منذ أن فاز المنتخب السعودي على منتخب الأرجنتين، وبعدها أحاديث إعلامية كثيرة مع بدايات مفاوضات نادي النصر السعودي مع اللاعب العالمي «رونالدو»، أو ربما مفاوضات سرية ومن ثم تسربت أخبارها.

ازدادت أخبار التعاقدات مع لاعبين آخرين مثل «ميسي» وكثر الحديث عالميا ومحليا عن السعودية والدوري السعودي.

أيضا كثر الحديث مع استضافة نهائيات بطولات أوروبية في السعودية ومباراة موسم الرياض التي أقيمت بين نجوم النصر والهلال مع باريس سان جيرمان والتي جمعت أفضل اللاعبين العالميين رونالدو وميسي ونيمار وإمبابي وغيرهم.

سبق ذلك مسابقات الفورميلا -بأنواعها- وأيضا ربما هناك استعدادات لاستضافة مباريات التنس الأرضي ومباريات الجولف هنا بالمملكة، أو استضافة لاعبين لهذه الألعاب. أيضا هناك أحاديث محلية وعالمية عن استضافة المملكة لبطولات عالمية لكرة القدم، وبطولات آسيوية وربما استضافة بطولة كأس العالم.

يتساءل الكثير عن فوائد وعوائد هذه الاستضافات والتعاقدات المليارية مع اللاعب رونالدو، والبعض يرى أن خسائرها أكثر من فوائدها، والبعض يسأل لماذا لا تصرف هذه الأموال على المحتاجين. عندما نغرد بمنصة تويتر عن أي خبر متعلق بهذه الأمور، يسألنا البعض عن فوائد وعوائد هذه الاستضافات والمفاوضات واستقطاب اللاعبين بعشرات ومئات الملايين.

نحرج لعدم القدرة على إيصال المعلومة لقراءاتنا وتحليلنا للوضع نفسه، ويصعب على المتلقي غير المختص التفهم للقراءة والرأي، خصوصا أن المواضيع الرياضية يغلب عليها الرأي العاطفي، فغالبا مشجعو الفريق المنافس لا يتقبل الرأي مهما كان إن لم يعزز من فريقه ويختزل الفريق المنافس.

عموما سأجتهد في بقية المقال هذا للكتابة عن أهم الفوائد والعوائد التي يمكن أن أتصورها من استقطاب اللاعبين الأفضل عالميا واستضافة مباريات ونهائيات عالمية محليا. طبعا قراءتي ليست تبريرا بل محاولة لربط الأحداث هذه مع فهمي لنهج أعمال النهضة التنموية بأكملها بما فيها الرياضة في السعودية، وفهمي لاستراتيجياتها.

للنهوض بالقطاع الرياضي في المملكة نحتاج لعوامل استدامة تقوي من مستويات الأندية والمنتخب السعودي، وأهم عوامل الاستدامة هو رفع مستوى الأندية الرياضية؛ ومنها استقطاب لاعبين عالميين يشاركون باللعب مع أندية المملكة، ويستفاد منهم في رفع المستوى للأندية واللاعبين ونقل الخبرات وأفضل الممارسات وثقافة الاحتراف للاعبين المحليين.

طبعا بالإضافة إلى تحقيق بطولات خارجية -قارية- ومشاركات عالمية.

أيضا لرفع مستوى سمعة الرياضة السعودية، يتم استقطاب لاعبين عالميين للأندية السعودية حيث تتم متابعة هؤلاء اللاعبين من قبل جماهيرهم في مختلف دول العام؛ فمثلا اللاعب رونالدو يتابعه في برامج التواصل الاجتماعي أكثر من 800 مليون متابع، وهو الأكثر عالميا سواء للرياضيين وغير الرياضيين. بلا شك، جميعنا شهد تزايد المتابعات العالمية لحسابات نادي النصر على برامج التواصل الاجتماعي، فمتوقع أن يكون هناك متابعات للدوري السعودي من الخارج بشكل أوسع.

كان انتقال رونالدو لنادي النصر حديث الإعلام والصحافة العالمية وكثير من الجماهير العالمية، والكلام ينطبق على أي انتقالات تحدث مستقبلا، فالنهضة الرياضية بالمملكة تواكب برامج التطوير والإصلاحات في القطاعات السياحية والترفيهية والثقافية، بالإضافة إلى قطاعات أخرى مثل الصناعية والاستثمار والتقنيات والطاقة.

لاشك وجود مشاهير مثل رونالدو وغيره إضافة كبيرة لعكس صورة حقيقية للحياة بالسعودية والأسواق والمطاعم ومرافق السياحة والثقافة، وهذا يسهم في تصحيح مفاهيم كثيرة عن السعودية وطبيعة الحياة بها، وجودة الحياة للسكان، فالإعلام الغربي يشوه من أي بلد تستهدف مزاحمة الدول الكبيرة تنمويا واقتصاديا خصوصا مع بعض مواقف المملكة النفطية وتوجيه اتهامات للسعودية على أنها سبب ارتفاعات النفط والوقود.

أيضا وجود مثل هؤلاء اللاعبين -الأكثر متابعة في العالم-، واستضافة نهائيات بطولات أوروبية وخارجية أخرى، وأي فعاليات ربما تستحدث مستقبلا، جميع ذلك سيسهم في زيادة فرص المملكة العربية السعودية في استضافة كأس العالم 2030 أو استضافة أي بطولة لكرة القدم أو أي بطولة رياضية أخرى؛ وهذا سيعزز من زيادة مكانة المملكة بين الدول رياضيا وتنمويا واقتصاديا.

وجود الرياضيين الأكبر عالميا من حيث المتابعات الجماهيرية في السعودية سواء للزيارات أو المشاركات أو حتى الاحتراف والسكن بالمملكة، سيجذب معه السواح عالميا خصوصا عند نقل هؤلاء الرياضيين للصور الحقيقية للمناطق السياحية المستهدفة مستقبلا مثل العلا ونيوم وذا لاين والبحر الأحمر وغيرهم. بلا شك هذا سينعكس على زيادة الاستثمارات الخارجية بالسعودية.

السؤال هنا، هل ما ندفعه لرونالدو وغيره من لاعبين محترفين ومشاركات للاعبي الغولف والفورميلا وغيرها، هل ما ندفعه من مبالغ كثيرة على الدعاية في ظل المستهدفات التي ذكرتها في المقال؟

ميزانية الإعلانات لشركة بروكتر آند جامبل أكثر من ما يعادل 30 مليار ريال سنويا، وأمازون 18 مليار ريال سنويا، وكذلك يونيليفر 18 مليار ريال، وديزني 11 مليار ريال، وأمازون 10 مليارات ريال.

جميع هذه الشركات وغيرها يجنون عوائد على هذه الاستثمارات بالإعلانات وتعزيز البراندات وحماية علاماتها التجارية، وبلا شك لو فكرنا بالمنطق الطبيعي لقلنا بأن شركات مثل آبل وأمازون لا يحتاجون أي إعلانات فالجميع يعرفهم، ولكن الحقيقة تختلف تماما فهم يصرفون المليارات على الإعلانات والدعايات.

أخيرا، وفي شأن المقارنة بما يصرف على اللاعبين وما يصرف على المحتاجين بالداخل، فالمملكة تهتم كثيرا بالمحتاجين ورفع مستوى دخلهم. فبرامج الدعم والإعانات الاجتماعية للمواطنين حتى الربع الثالث من عام 2022م تخطت 111 مليار ريال حيث وصل دعم حساب المواطن إلى 21.7 مليار ريال، ودعم الإسكان وتحمل الدولة عن المواطنين لضريبية التصرفات العقارية وصل إلى 10.5 مليارات ريال، والضمان الاجتماعي 25 مليار ريال، ومكافأة الطلبة بالداخل مع الابتعاث 12.4 مليار ريال، وإعانات تعليمية 1.1 مليار ريال، و7.8 مليارات ريال دعم لمشاريع زراعية وغذائية، و4 مليارات ريال للدعم المالي لذوي الاحتياجات الخاصة، و22.6 مليار ريال دعم تثبيت سقف السعر المحلي للبنزين، و5.9 مليارات ريال حساب التوازن وهو دعم مقدم لبعض شركات الخدمات العامة. المملكة بفضل الله أولت جميع القطاعات والأعمال كل الاهتمام، فلم تفضل الرياضة على حساب المحتاجين كما يعتقد البعض.