أحمد بني قيس

أين تكمن المصلحة السعودية يكمن المال السعودي

الأربعاء - 01 فبراير 2023

Wed - 01 Feb 2023

لا بد أن يدرك كل من ما زال يجهل الحقيقة الجديدة في السياسة المالية السعودية التي تقول إن السعودية لن يكون صرفها أو استثمارها أو دعمها مجانيا بمعنى أن كل ذلك لن يتحقق إلا إذا كان في تلبيته مصلحة سعودية محققة بعد أن أثبتت التجارب السابقة مدى الضرر الناتج عن أوجه الصرف السابقة التي اعتاد عليها الكثير القريب منهم والبعيد.

وهذا الضرر تحديدا هو ما اقتضى إجراء تغيير جذري ونوعي في نهج الصرف المالي السعودي الذي قررت القيادة السعودية أن يتم على أساسه التعامل معها من الآن فصاعدا.

ولقد أكد ذلك وزير المالية السعودي أثناء تواجده في مؤتمر دافوس الأخير عندما قال ما نصه «اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة دون شروط ونحن نغير ذلك ونعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا بحاجة إلى رؤية إصلاحات فعلية تحققها تلك المساعدات» في دلالة واضحة تؤكد حقيقة نهج السعودية الجديد في أوجه صرفها المالي بشكل عام وفي مساعداتها بشكل خاص.

وهذه الحقيقة الجديدة لا تقتصر على المتطلبات السعودية الحاكمة لتقديم المساعدات المالية فقط بل إن الأمر أصبح يطال كل المجالات الأخرى التي تسعى القيادة السعودية إلى سبر أغوارها، سواء كانت عسكرية أو استثمارية أو تنموية، بحيث أصبح الدخول فيها مشروطا بأن يكون على رأس مخرجاته الحصول على مقابل ملموس ذي جدوى عالية يساهم في تحقيق تطلعات وأهداف هذه الدولة قيادة وشعب.

ولنأخذ الجانب العسكري على سبيل المثال الذي أمره لم يعد مقصورا على شراء أسلحة باهظة الثمن دون أن تكون هنالك إستراتيجية واضحة تحكم ذلك الشراء، حيث أصبحت القيادة السعودية تفرض على جميع الدول التي تشتري منها أنواعا معينة من السلاح سواء كانت ذخيرة أو خلافه بأن توفر تلك الدول كل السبل التقنية والمصنعية التي ستساعد السعوديين على تصنيعها محليا في مرحلة لاحقة، وهذه سياسة مستجدة لم تكن قائمة في السابق.

كما أننا نلاحظ ذات الأمر يحدث في الجانب الاستثماري، حيث إن جميع الاستثمارات التي يدخل فيها صندوق الاستثمارات العامة السعودي وهو الجهة المسؤولة عن هذا الجانب نجدها مقرونة بضرورة أن ينتج عن دخول هذا الصندوق فيها تحقيق عوائد مادية واقتصادية داخلية يتم إعادة تدويرها لتنميتها وزيادة أرباحها حتى يمكن لها أن تنعكس إيجابا على اقتصاد الوطن وتعزيز نهضته التي تقود جميع حركاتها ومعاملاتها رؤية السعودية ذائعة الصيت 2030.

إن هذا النهج المالي السعودي الجديد لا بد أن يعلم بأن العامل الواحد والوحيد الذي يحكمه هو مدى جدواه ونفعه سعوديا بمعنى ضرورة أن يحكمه عند تقديمه تحقيق مصلحة سعودية واضحة وجلية وهذا ما يجب أن يستوعبه ويدركه الجميع، خاصة أولئك الذين تعودوا على نمط معين في التعامل السعودي المالي معهم، وهذا حق سيادي لا يحق ولا يجب أن ينازع السعودية فيه أحد مهما بلغت مكانته ومهما كانت طبيعة العلاقة معه.