بسمة السيوفي

«هوشين كانري» بالقوة

الأربعاء - 01 فبراير 2023

Wed - 01 Feb 2023

أن يكون لدى المنظمة أهداف وغايات محددة هي الخطوة الأولى لما يسمى باليقظة الاستراتيجية. أكتب عن ذلك وأنا على دراية أنه ما زال لدينا منظمات تسير بالبركة وحدها، ولا يعني ذلك أنها غير ناجحة، لكنها تخضع لأمواج السوق وتقلبات الأنظمة، فتناضل لتبقى على قيد الحياة، أو تستمر بين مطرقة التهديد بالإفلاس وسندان الإغلاق بأقل الخسائر الممكنة.

وهناك بالتأكيد منظمات خارج هذه المعادلة في سوق متغير متجدد يتطلب مواكبة البيئة المحيطة ورصد التغييرات في البيئة الخارجية.

الطابع الاستباقي لدى القيادة التي تتوقع وتستغل المعلومات بشكل أمثل لصناعة القرار وتطوير الأداء وتحسين التنافسية، هي تلكم اليقظة المحمودة التي يجدر توفرها في القيادات الإدارية المتميزة.

أن تكون المنظمة يقظة استراتيجيا يعني أنها تتبع أسلوبا منظما في الإدارة الاستراتيجية يركز على تحسين تنافسيتها، بجمع المعلومات المفيدة ومعالجتها ونشرها للتحكم في المحيط التنظيمي بصفة عامة، والتنبؤ بالفرص، والتهديدات، أي أن قوة المنظمة تتركز في وجود نظام معلوماتي دقيق يساعد على الاستفادة من الفرص المتاحة، وتجنب المخاطر المحتملة، من خلال معالجة هذه المعلومات ونشرها بما يدعم القرارات الاستراتيجية.

أما عن هوشين كانري Hoshin Kanri فهو نظام إجرائي نشأ في اليابان يحدد اتجاه المنظمة في التخطيط الاستراتيجي وإدارة الأداء، وقد لعب دورا في تميز شركات مثل تويوتا، بريدجيستون وهاولت بيكرت، ومثله مثل كل الأدوات المستخدمة في العمليات الإدارية في المنظمات، يتطلب التنفيذ القيام باختيار غاية أساسية للمنظمة، وربط خطط التنفيذ في جميع المستويات مع بعضها البعض، ثم تنفيذ الخطة ومراجعتها وتحسينها بشكل مستمر.

ولا أخفيكم أنه عندما صادفني مسمى هوشين كانري هذا، اعتقدت أنه اسم لممثلة مشهورة في الشرق الأقصى أو اسم لرياضة من رياضات الدفاع عن النفس كالجوجيتسو والإيكيدو، إلا أني اكتشفت، ويالا فداحة الاكتشاف، أنه أسلوب إدارة قديم منذ الستينيات في القرن الماضي، انتقل وطبق في أمريكا منذ الثمانينيات، وتطورت تطبيقاته، حيث يستخدم لقياس مؤشرات الأداء كأداة موازية لبطاقات الأداء المتوازن.

ويوسم هذا الأسلوب في الإدارة بالقوة، لأنه يطبق معايير صارمة للرقابة والتحقق من مستوى التحسن في الأداء. بحيث يتم تطوير نظام لجمع المعلومات حول عوامل التحكم في الحركة باتجاه الأهداف بشكل مستمر واستيفاء المقاييس الرئيسة عبر مراجعة أمور مثل: الهدف وأصحاب الهدف، الإطار الزمني، مقاييس التحقق، والنتائج الفعلية. ولكي تتحقق الأهداف لابد من مراقبة أي اختلافات بين الأداء المستهدف والأداء الفعلي لتنفيذ أي إجراءات تصحيحية.

المنظمات الناجحة ترتكز على مراجعة نتائج الأداء السابقة والبناء عليها لوضع الخطة الحالية عبر سلسلة من الإجراءات والعمليات المنتظمة.

لا يوجد اتفاق كامل على عناصر وعمليات هوشين، بيد أن وجه الصعوبة في تطبيق هوشين لدى بعض المنظمات يتمثل في صرامة التطبيق والالتزام بعيد المدى مع ضرورة دعم الإدارات العليا المستمر على الأقل لمدة خمس سنوات لتحقيق الاستقرار.

وتلعب ثقافة المنظمة الداخلية وطريقة الإدارة دورا جوهريا في القيادة بيقظة واستقراء المؤشرات الضعيفة لإحداث التغيير كما فعلت نتفليكس لتسيطر على صناعة بأكملها، فقد عززت الشفافية التامة لتغير مفاهيم السُلطة عبر تحفيز فريق العمل بزيادة الإجازات وفصل المتكاسلين.

الاستمرار في عالم الأعمال هو الاستمرار في موج متلاطم محتوم، لكن المماطلة في التركيز على الأهداف وتأجيل تطبيق خطة واستراتيجية مدروسة سيحرم المنظمة من صناعة قصص نجاح أفضل، ستنمو أغصان التحديات والمشكلات وتتفرع بشكل لا يمكن تخيله.

ولهنا يأتي الدور الكبير للقيادة في تطوير المستوى الاستراتيجي والتحسينات المطلوبة، واختيار الأولويات التنظيمية ومشاركة جميع الموظفين، مع تطبيق عملية مراجعة صارمة.

هوشين تعني أن تزرع بذورا بقصد، في أرض خضراء تغتالها بعض الحشائش، وتحلف أنك كقائد ستراعيها وتحميها من حر الصيف وبرد الشتاء وحتى الفزاعات، ثم عليك أنت وفريقك انتظار الزهور بصبر وفخر.

smileofswords@