عبدالله العولقي

الأناقة تتفوق على التكنولوجيا

الثلاثاء - 24 يناير 2023

Tue - 24 Jan 2023

في العقود الأخيرة، ارتبطت قائمة أثرياء العالم بمجال التكنولوجيا ابتداء من بيل جيتس وستيف جوبز وهاري لانسون ومايكل زوكربيرغ وجاك دورسي وجيف بيزوس وانتهاء بإيلون ماسك، لكن مؤشر بولمبيرغ في آخر تحديث له حول قائمة المليارديرات أظهر رجل الأعمال الفرنسي وصاحب ماركات الأناقة الشهيرة برنارد أرنولت في صدارة أغنى أثرياء العالم.

من المفارقات التاريخية أن الإعلام الأمريكي والغربي عموما عندما بدأ يبشر بمعطيات العولمة في تسعينيات القرن الماضي كانت هناك توجسات لدى الثقافات الأخرى من هيمنة الثقافة الغربية على ثقافاتهم وموروثاتهم المحلية لا سيما أن نطاق فكرة الإمبريالية الغربية لا تزال حينها تشكل قلقا على ثقافات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ولقد زادت الريبة الثقافية حينها لأن تدشين العولمة كان بعد انتصار الولايات المتحدة على الاتحاد السوفيتي وانهيار المعسكر الشرقي أمام قوة ونفوذ الغرب.

الغريب أن نتيجة العولمة كانت معاكسة لما كان يروج له حينها، فمثلا، استفادت الصين كثيرا من معطيات العولمة وانفتاح العالم على بعضه الآخر، فغزت منتجاتها الرخيصة معظم بلاد الغرب بما فيهم الولايات المتحدة نفسها، ولم تعد مصانع الغرب تستطيع أن تجاري المنتجات الصينية الرخيصة نظرا للميزة التنافسية لدى بكين.

ومن المفارقات أيضا أن العولمة غيرت مفهوم الثراء العالمي وأصبحت التقنية هي بوابة الثراء الجديدة بدلا من نمطية التجارة التقليدية، حيث بدأ صراع الأفكار التقنية يشتد تنافسية وبضراوة في الولايات المتحدة تحديدا؛ فالفكرة التكنولوجية هنا هي المعيار في الثراء، فلاحت ظاهرة الشباب الأثرياء، وأصبحت قوائم أثرياء العالم تصدر ترتيبها الثرائي تجاريا وكأنها تصدر بيانا لقوة وانتشار شركات التقنية، فلا فرق بين الاثنين!!

حينها ثار حديث جانبي حول تحول التجارة العالمية من نمطيتها التقليدية إلى الالكترونية لا سيما بعد بزوغ مواقع دولية عابرة للقارات استفادت بالفعل من تطورات التقنية وتوسع نطاق سلاسل الإمداد الدولية كموقع أمازون الأمريكي وعلي بابا الصيني بالإضافة إلى غيرها من المواقع التي أظهرت نجاحات منقطعة النظير في هذا المجال!!

قائمة أثرياء العالم الأخيرة أظهرت تفوق الأناقة على التكنولوجيا هذه المرة، حيث تصدر برنارد أرنولت صاحب ماركات الموضة الأشهر عالميا، فمحلاته المنتشرة عبر العالم تتضمن أعرق العلامات التجارية في المجوهرات والساعات والعطور كديور وسيفورا وإل في إم اتش وتيفاني آند كومباني، القائمة أظهرت ثروته التي تقدر بـ 180 مليارا بعد أن أزاح الشهير إيلون ماسك عن القائمة، فهذا المشهد يعد انقلابا على المألوف في الآونة الأخيرة، فقد تعودنا على تصدر الأمريكان قائمة الثراء بينما انتزعها الفرنسيون هذه المرة، كما تعودنا أيضا على تصدر شركات التكنولوجيا بينما انتصرت هذه المرة فئة الموضة والأناقة، كما أظهرت القائمة نتيجة عودة التجارة التقليدية إلى الظهور بعد أن اكتسحتها التجارة الالكترونية، وعلى الرغم من تخصص أرنولت في الماركات الثمينة والفاخرة إلا أنه متواضع جدا فيما يرتديه من ملابس وإكسسوارات والعجيب أن هذه السمة مشتركة مع أغلب أثرياء العالم.

@albakry1814