بندر عبدالعزيز المنقور

لماذا لا توجد لدينا جامعات مرموقة مثل هارفارد؟

الاثنين - 23 يناير 2023

Mon - 23 Jan 2023

قد يتساءل البعض: لماذا لا توجد لدينا جامعة واحدة - على الأقل - من أفضل خمسين جامعة في العالم، وكيف يمكننا جعل الجامعات السعودية الأفضل في العالم؟ من خلال تجربتي المتواضعة في الدراسة بالخارج، والتدريس بالمملكة، أرى أن هناك خمسة عوامل رئيسة تختص بالطلبة والأساتذة، والتنوع الفكري، والتمويل، وعقلية الابتكار.

إذا بدأنا بالطلاب، فيمكنك أن ترى في الجامعات المرموقة الحماس والسعادة على وجه غالبية الطلاب تجاه ما يدرسون وما يعملون، بينما في الجامعات السعودية لا نرى هذا المستوى من الحماسة لدى معظم الطلاب. هم فقط يعملون على إنهاء مسارهم التعليمي كما لو كانوا مجبرين على القيام بذلك!

إذا نظرنا إلى الأساتذة، فيتمتع الأساتذة في جامعاتنا بوظيفة آمنة، بينما في الجامعات الرائدة يجب على الأساتذة العمل بجد للحفاظ على وظائفهم؛ لا سيما نشاطهم البحثي. ولكن هل سمعنا أن أستاذا في السعودية استغني عن عمله بسبب التدريس السيئ أو ضعف المخرجات البحثية؟ ألا يؤدي هذا الأمان الوظيفي بحد ذاته إلى ضعف الأداء؟ إذن كيف يمكن أن نتوقع أن تكون جامعاتنا رائعة؟!

إذا نظرنا إلى التنوع، سواء في الخلفيات العلمية، أم الشخصية، أم خبرات الحياة؛ سنجد أن الجامعات المرموقة تجذب المواهب من جميع أنحاء العالم، سواء من الطلاب أم الأساتذة، ما يجعل المجتمع الجامعي حواليك ليس فقط متنوعا ولا مثيل له؛ بل يزيد من مستوى التطور، والابتكار، وحل المشكلات، وزيادة الكفاءة في الجامعة.

في جامعاتنا قد لا يعرف الطلاب ما هو شغفهم قبل أو في أثناء الدراسة إلا بعد التخرج، أو قد يتلاشى هذا الشغف عند قرب تخرجه بعدما ينهك بالدراسة؛ فإذا كانوا غير محاطين بمجموعة من الرائعين، من خلفيات متنوعة؛ فكيف يمكن للجامعات أن تكون رائعة؟!

إذا نظرنا إلى التمويل؛ فبلا شك أن المال يحرك المنظومة البحثية كثيرا، التي ترفع التصنيف الدولي للجامعات، فمثلا تمتلك جامعة هارفارد وحدها منحة تقدر بحوالي 50 مليار دولار، أي ما يقارب من ميزانية التعليم بالكامل في المملكة لعام2022، كما تتلقى الجامعات المرموقة قدرا هائلا من التمويل من المتطوعين والمؤسسات الخاصة والصناعة.. إلخ، وبلا أدنى شك فإن نقص التمويل ومحدودية مصادره هي أحد أهم التحديات؛ فأغلبية جامعاتنا تمول من الحكومة، ولا توجد رسوم دراسية، بالإضافة إلى صعوبة الصرف من التمويل، ففي حالة تعطل جهاز ما في معمل بجامعاتنا، يستغرق إصلاحه أشهرا عديدة (هذا إذا تم إصلاحه)، مما يسبب تعطل الأعمال البحثية، بينما في الجامعات الأخرى لا يحدث ذلك، فلديهم قطع الغيار، وسهولة الصرف من التمويل.

إذا نظرنا إلى الابتكار، نجد الجامعات المرموقة تدعم ثقافة ريادة الأعمال، وتملك مقومات ذلك، وتشجع الأفكار الجديدة، وتخلق فرصا للطلاب؛ وبالتالي تعدهم لمستقبل أفضل، وتعطيهم فرصة لإثبات أنفسهم، والأهم خلق قيمة إضافية للمجتمع، وهو ما لا يتوافر في المملكة بهذه الجودة.

وفي الختام، يجب ألا تكون هذه التحديات محبطة ومعيقة، بل يجب أن تكون فرصة للقيام بالأشياء المناسبة بأَفضل ما يمكن، مع الأخذ في الاعتبار جميع التحديات المذكورة أعلاه.