علي المطوع

أمانة عسير وما يطلبه المغردون

الاحد - 22 يناير 2023

Sun - 22 Jan 2023

دشنت أمانة منطقة عسير مبدأ عمليا جديدا، من خلال تغريدة لأمينها المهندس عبدالله الجالي، مفادها طلبه من الأبهاويين مقترحات عاجلة وجادة تسهم في رفع مستوى الخدمات البلدية في مدينتهم.

التغريدة كالعادة لامست تطلعات وأمنيات كثير من الذين قرؤوها وتفاعلوا معها، فمعلوم أن أسهل شيء في تطلعاتنا التنموية أن تطلب من أحدهم أن يقترح، لكن الصعوبة تكمن في الإصغاء لكل هذه الاقتراحات، والأصعب أن تصبح هذه الاقتراحات جزءا من قاعدة البيانات التي تعطي المسؤول صورة أوضح وأشمل لما يريده المواطن من خدمات وعطاءات.

لا اعتراض على هذه المبادرة، فالبعض رأى فيها شراكة مجتمعية بين قطاع خدمي ومواطنين، بل إنني أرى في ذلك شيئا من السبق والأسبقية لأمانة عسير وأمينها الجديد، الذي يعي أهمية التواصل مع الناس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وأهمها تويتر الذي بات يختزل ويختصر كثيرا من الرؤى والمفاهيم.

المقترحات تمحورت حول بعض الشوارع والخدمات والمشاريع المعطلة، التي ما زالت تنتظر كثيرا من الخطط والدعم لتصبح حاضرا مزهرا في واقع أبهانا البهية.

كم كنت أتمنى من الأمين والأمانة أن يعقدا مؤتمرا صحفيا تعلن فيه بعض الاستراتيجيات المزمع عملها والبدء بها لتحقيق شيء من أحلام سكان أبها، ومع هذه الاستراتيجيات يأتي الإطار الزمني الملزم للمواطن بالصبر، وللأمانة في سرعة وجودة التنفيذ؛ حتى نعرف إلى أين نحن ذاهبون، فأبها مدينة سياحية جاذبة ولديها تطلعات خدمية عديدة وتحديات كبيرة لعل أصعبها الطبيعة الجغرافية الصعبة التي ما زالت تحد من تمدد هذه المدينة وتوسعها لتجعلها أسيرة لتلك الطبيعة الجبلية الصعبة التي كانت وما زالت من أكثر الأشياء التي تجعل أبها وخدماتها حالة تنموية خاصة تختلف عن كثير من حالات التنمية ومشاريعها في مدننا الأخرى، وهذا يقتضي فكرا إداريا خلاقا ينقل المدينة من مفهوم سابق في البناء والتخطيط إلى مفاهيم أكثر مواءمة للمستقبل المنظور، الذي بات يشكل بمفاهيمه ومتطلباته نسقا عمليا جديدا يتطلب طرقا أخرى من التخطيط والتقدير والتنفيذ.

لسنا بحاجة إلى المقترحات التقليدية بقدر حاجتنا إلى أسلوب عمل جديد، يسبق بأبها ويأخذها إلى مكانها الحقيقي ومكانتها المستحقة، وهذا لن يكون إلا من خلال آليات عمل جديدة متنوعة الرؤى والأفكار، وحضور مواز للرقابة والإعلام ليكونا الشاهد والرقيب على هذا الحراك وما يتمخض عنه من منجزات وإخفاقات.

على الأمانات ومنها أمانة عسير أن تقود وتؤصل مفاهيم العمل التنموي الحديث، وأن تأخذ مفاهيم الناس وتطلعاتهم إلى فضاءات أرحب من الإنجاز المتقن البعيد عن ما ألفوه من تجارب سابقة، واحتياجات حالية وعثرات قديمة صاحبت مشاريع البنى التحتية، كالطرق الضيقة والمداخل المتغيرة، وهذا ممكن في أبها في ظل تلك الشراكة القوية مع هيئة تطوير منطقة عسير بقيادة أمير المنطقة الأمير تركي بن طلال الذي لا يألو جهدا في السير بالعمل التنموي إلى فضاءات أرحب من التخطيط والتقدير والمتابعة والإنجاز.

بقت كلمة أخيرة للتاريخ وتحديدا تاريخنا التنموي، وهي تلك السنوات التي كانت فيها المجالس البلدية حاضرة على خارطة مشهدنا البلدي، أعضاء تلك المجالس انحازوا في عملهم إلى أسلوب الاقتراحات والتوصيات، هذه الاقتراحات لم تر النور أو أن بعضها كان مقترحا غير قابل للتطبيق، وهذا يؤكد أن الخدمات البلدية فكرا وتنفيذا تظل في الأساس مسؤولية الأمانات، وأن جهود أمنائها وفرق عملهم يجب أن تنصب على التخطيط والتطوير بأساليب علمية جديدة، تراعي المكان والزمان وخصوصيتهما، أما الشراكة المجتمعية الإيجابية فلا يجب قصرها على أساليب (ما يطلبه المشاهدون)، بل هي أبعد من ذلك بكثير، كأن تكون حاضرة وبقوة في مسائل التقييم والتقدير بعد الانتهاء من تلك الخطط والاستراتيجيات وتنفيذها، لتكون واقعا يعاد قياسه وتقديره وتطويره بين كل مرحلة وأخرى، وهنا تتجلى الشراكة المجتمعية في أجلى صورها وأكثرها نفعا لتوجهات القطاع الخدمي والقائمين عليه وتطلعات المواطنين.

alaseery2@