سارة مطر

عدالة الشعب وخرافات سندريلا وبياض الثلج

الاحد - 22 يناير 2023

Sun - 22 Jan 2023

امتلأت أخبار العالم عن إطاحة مديرة معرض «دوكومنتا» الألماني، والسبب يعود لأنها قامت بتقديم عمل فني في المعرض وجده الآخرون أنه معاد للسامية، والعمل الذي أثار الضجة، كان عبارة عن جدارية كبيرة رسمها مجموعة من الفنانين الإندونيسيين، اسمها «تارينغ بادي»، حيث تتضمن الجدارية شريطا مرسوما عليه اسم «عدالة الشعب»، يظهر فيه جندي ذو رأس خنزير وعلى خوذته نجمة دواد وشعار «الموساد»، كما يظهر في اللوحة رجل مجعد الشعر ذو أسنان طويلة يعتمر قبعة عليها شعار النازيين ويدخن السيجار، ويذكر بالرسوم الكاريكاتورية المعادية للسامية التي كانت تظهر يهودا متزمتين.

سابين شورمان مديرة المعرض ليست الأولى التي من الممكن أن يطيحها خطأ غاب عنها، هناك العديد من الأخبار التي تنهمر ليل نهار، عن أخطاء ارتكبها المسؤولون ربما بدون وعي منهم، أو بسبب ثقتهم المفرطة بمن حولهم، لذا، فهم لا يشعرون أن عليهم الإطلاع بأدق التفاصيل، وهذا ما يوقعهم في الفخ كما حدث مع شورمان.

تحدثت الصحف وأزبدت وأرعدت عن الخطأ الكبير الذي وقعت فيه شورمان، ووعدت اللجنة المشرفة على «دوكومنتا» بإلقاء الضوء كاملا على القضية لتفادي وجود أية حوادث معادية للسامية. بالنسبة لي الأمر لا يحتمل أكثر من ذلك، فقرأت الخبر من دون ثورة أو ضجيج، لكني بدأت في البحث عن المعرض، ووجدت أنه من أهم معارض العالم في الفن الحديث، حيث يقام مرة كل خمسة أعوام في مدينة كاسل وسط ألمانيا، ويشارك فيه فنانون من شتى أنحاء العالم، وهذا ما دفعني لأن أستغرب السقطة التي أنهت حياة سابين شورمان، فإذا كان «دوكومنتا» من أهم المعارض فلابد أن يكون حول مديرته عدد لا بأس به من الاستشاريين والموظفين الذين يقع عليهم اللوم في تخطي الحدود الحمراء في مسألة تؤكد عليها ألمانيا، وهي تفادي الحوادث المعادية للسامية، وهو مفهوم يهودي صهيوني معناه الحرفي «ضد السامية» ويترجم أحيانا إلى العربية «بالمعاداة السامية»، و»اللاسامية» و»كراهية السامية».

الأمر الوحيد الذي خرجت به مما حدث، هو أنني تعرفت على مدينة جديدة مثيرة للدهشة ألا وهي مدينة كاسل، حيث يقال بأنها تشكل النقطة الوسط لطريق الخرافات الألمانية والتي هي عبارة عن طرق سياحية رومانسية، وقد عاش فيها الأخوان فيلهلم وياكوب غريم واشتغلا فيها، وفي هذه المدينة قاما بين عام 1812م و 1815م بتجميع للخرافات التي اكتسبت شهرة عالمية، مثل «بياض الثلج»، و»الأقزام السبعة»، و»ليلى والذئب»، و»سندريلا»، وهذه الخرافات لا يعرفها فقط أطفال ألمانيا وإنما العالم كله.

يذكر أنه تمت ترجمة خرافات الأخوين غريم إلى ما يزيد عن 140 لغة، وباتت جزءا لا يتجزأ من خرافات وأساطير الثقافات الأخرى.

وللراغبين في معرفة المزيد عن الأخوين غريم فعليهم زيارة المتحف الخاص بهم في قصر بيلفي، حيث يدخر في جو معاصر بمجموعة من كتب خرافات خالدة من مختلف أنحاء العالم.

السؤال الذي خطر في بالي لتوه، لماذا غضب عدد من الدول وشاركها الغضب والحنق عدد كبير من المثقفين من الجانب الغربي ورجال المال والأعمال وحتى المواطنون العاديون، بسبب رفضنا ما تم تداوله لرسوم مسيئة للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم؟!