محي عبدالله القرني

طوق النجاة في ظل ضغوطات العمل

السبت - 21 يناير 2023

Sat - 21 Jan 2023

الحياة الوسيعة التي تضم سبل العيش، تجمع البشرية في حاضنات عمل مشترك متعددة، وتخلق من العدم رتبا متنوعة بمعايير الحاجة للبقاء، ينسكب العمر وهو ينحت صخور الكسب، ويذوب الجسد داخل محاليل الأيام، غير مستوعب لقوى التلاشي البطيء.

النامس المزعج الذي يتغذى على دماء الجهد، والسلالم الخفية التي ترتقي على الأكتاف تجعل ظلام الاستغلال يغطي قمر حصاد الحاضنة.

التنافس داخل بيئة العمل هو أحد مقومات النجاح الذي يدفع إلى التميز، رغم الظروف المصاحبة من وجود منغصات تدافع غير صحية في بعض الأحيان.

انتقاء المدراء ورؤساء الأقسام في غاية الأهمية، بعيدا عن الدرجة العلمية التي تركز عليها أكثر المؤسسات، فالذكاء الاجتماعي والمرونة الفكرية واللباقة في إدارة المواقف واحتواء المشاكل تحت أجنحة الحس الوجداني الرفيع، تعد هذه من عوامل استمطار الطاقة الإيجابية، وتوطين متعة العمل والإنجاز.

التركيز على فخامة الدرجة العلمية وإهمال الجوانب الأخرى، تدفع المؤسسة إلى الجمود وتحويلها إلى بركان ملتهب، وبيئة طاردة للإبداع والتميز.

العين الإدارية الواسعة تعمل على تفكيك رابطة التسول الإداري، وتذيب العوالق المضرة بعلاقات العمل، وتجفف مستنقعات تكاثر البعوض الناقل للأسرار بين أروقة المؤسسة.

إذا رمتك الأقدار داخل حلبة صراع الثيران، فلا تعش دور الضحية، وتوزع الشكوى على كل ظل، ولا تسرف في الهذيان من سوء تعامل الأشخاص، فقد تكون مسامع معاناة اليوم شواظ نار الغد.

لعلك تجد في بوح بدر بن عبدالمحسن نصيحة وعلى أنغام أصالة تحذير....

أوقات يأخذنا الحكي

وننسى في الحكي أوقات

وأوقات ياليت الكلام سكات

وأوقات يجرحنا الحكي

يقول داروين: «البقاء ليس للأقوى، وإنما للأقدر على التكيف!».

علم النفس الإيجابي يعطيك بعض الأفعال التي لها دور في تخفيف حدة الضغط أثناء التراشق داخل ملعب الشطرنج الخاطئ، وتعمل بأكثر وعي كي لا تصاب بداء الانهزامية والهروب بسبب ظروف مؤقتة، الله قادر على زوالها.

أولا: تجنب، تجنب الأشخاص أو الأماكن أو العادات التي يمكن أن تستثير المواقف المزعجة لك، فإذا تعذر ذلك فعليك بثانيا.

ثانيا: التغيير، تغيير نظرتك إلى نفسك وطريقة تفكيرك تجاه الحياة المحيطة بك، وإدارة اهتماماتك بشغف، وفج سبل تطوير الذات والانشغال بما هو أهم من الخلافات، ووضع كل المنغصات في سلة مهملات اللامبالاة، مع الحرص على إثبات الوجود بحسن الأداء من أجل إرضاء النفس، وتحفيز الداخل على أساس شرف، وتحقيق عدالة الإخلاص المهني، فما حولك عناصر متغيرة والوقت كفيل بتحريك القطع حسب متطلبات الغد القريب.

ثالثا: التقبل والتكيف، خيارات تحديد الواقع والمواقع والظروف قد تكون صعبة، بينما توجيه قوى الداخل كفيلة بأن تصنع المعجزات وفق تناغم قانون الحياة. لو ركزنا على الأشواك المصاحبة للورد، لما استمتعنا بمنظر الجمال، ولو بالغنا في تخفيف نار التنور لما نضج رغيف الجوع، ولو تأذى النحال من لسع حراس الخلية لما تذوقنا العسل اللذيذ.

شجرة الخيزران تعلمنا الصبر، فهي تبني الجذور خمس سنوات قبل الانطلاق في ماراثون الارتفاع، فتتجاوز الثلاثين مترا بعد سنوات تدعيم العمق ومتطلبات العيش المناسب، وبعد هذا النضال تنتج الأكسجين بنسبة تزيد على 35% أكثر من أي شجرة أخرى، وتمتص الكربون بمعدل أربعة أضعاف بقية الشجر.

الإنسان أكثر تكيفا للظروف المتغيرة وأوفر إنتاجية، إذا آمن بقدراته وعمل على تحسينها.

Mhi43@