محمد عبدالله باعقيل

هل أنت مدير أم قائد؟ بين الحقيقة والشائعة

الثلاثاء - 17 يناير 2023

Tue - 17 Jan 2023

إذا كنت متابعا لوسائل التواصل الاجتماعي أو تقرأ منشورات أو مقالات على الإنترنت، فإنه في الأغلب قد مرت عليك رسوم بيانية (Infographics) أو مقالات تقارن بين القائد والمدير، وأن القائد هو الشخص الأفضل والذي يهتم ببيئة العمل وموظفيه وديمقراطي في رأيه وقراراته، بعكس المدير الذي دائما ما يبحث عن الإنجاز الشخصي ويخيف الموظفين ويتبع الديكتاتورية في قراراته بإصدار الأوامر لتنفيذها.

الاعتقاد الشائع بأن القادة أفضل من المدراء ليس صحيحا تماما وهي فرضية خاطئة. الحقيقة هي أن القيادة والإدارة هما دوران متميزان، وكلاهما مهم لنجاح أي منظمة. «المدير» هو مسمى وظيفي بينما «القائد» هي في الأغلب صفة يتم نسبها لمن يملك أدواتها.

القيادة ليست حصرا على المدير وإنما من الممكن لأي موظف داخل المنظومة، بما في ذلك المدير، إظهار صفات قيادية وأن يكون قائدا، فالأصح المقارنة بين المدير القائد - المؤثر المتميز (Great Manager) والمدير السيئ (Bad Manager)، وليس بين المدير والقائد.

القيادة هي القدرة على إلهام الآخرين وتوجيههم نحو رؤية وأهداف مشتركة.

وينطوي عليه خلق إحساس بالهدف وبناء الثقة وتعزيز العمل الجماعي والابتكار والنظرة الشاملة.

القادة الفعالون هم ماهرون في التواصل وصناعة القرار، يفهمون احتياجات ودوافع المنظمة وموظفيها، ويكيفون أسلوب قيادتهم ليناسب المواقف والأفراد المختلفين، وقادرون على إلهام وتحفيز أعضاء فريقهم لتحقيق نتائج رائعة، ويتمتعون بفهم عميق وتفكير نقدي إيجابي، وأهم ما يميزهم أنهم يلهمون ويمكنون من يقودوهم، ويخلقون ثقافة الثقة والتعاون والإبداع.

من ناحية أخرى، فإن الإدارة في أبسط تعاريفها هي عملية تنظيم وتخطيط وتنسيق عمل مجموعة من الأشخاص وفق منهجية وبيئة محددة. يتمتع المدراء بمنصب رسمي، وعلى عكس ما يشاع مؤخرا، فهم مسؤولون عن العمليات اليومية لفريق عمل أو إدارة، ويتخذون القرارات ويخصصون الموارد ويتأكدون من أن موظفيهم يعملون بكفاءة وفعالية عالية مع ضمان مشاركة القرار معهم، ووجود بيئة صحية تساعد الموظفين لتأدية أعمالهم.

من المهم أن نلاحظ أن مهارات القيادة والإدارة ضروريان لنجاح أي منظمة، وكما نسب لخبير الإدارة بيتر دراكر، والذي قال «الإدارة هي أن تفعل الأشياء بشكل صحيح؛ بينما القيادة هي أن تفعل الأشياء الصحيحة».

والبعض فسر هذه المقولة، أن القيادة أهم وهي الطريق الصحيح، ولكن في الحقيقة، يسلط هذا الاقتباس الضوء على أهمية امتلاك المهارات الإدارية لتنفيذ المهام بكفاءة (Efficiency) والمهارات القيادية لضمان أن المنظمة تسير في الاتجاه الصحيح (Effectiveness)، مع وجود تداخلات بين الدورين.

وهناك عدة دراسات وأبحاث أثبتت أن الفرضية القائلة بأن القادة أفضل من المدراء ليست دقيقة، وأيضا أن القيادة ليست حكرا على المدراء، حيث وجدت دراسة أجراها مركز القيادة الإبداعية (Center for Creative Leadership) أن المنظمات التي لديها نسبة أعلى من القادة على جميع المستويات، على عكس الشركات التي ينحصر بها القادة على المدراء أو كبار المدراء التنفيذيين فقط، شهدت أداء محسنا وزيادة في الابتكار. كما أجرت هارفرد بزنس ريفيو الإنجليزية، أيضا دراسة وجدت أن القادة الأكثر فاعلية هم أولئك الذين يمكنهم تحقيق التوازن بين مسؤولياتهم القيادية والإدارية.

مع التشديد على أن كلاهما لهما نفس القدر من الأهمية. بالإضافة إلى ذلك، أكد خبراء الإدارة، مثل جون ماكسويل في كتابه «21 قانونا لا يقبل الجدل للقيادة» وكين بلانشارد في كتابه «مدير الدقيقة الواحدة»، على أهمية مهارات القيادة والإدارة، وعلى مدى أهمية كلتا المهارتين للفرد ليكون قائدا ناجحا.

وكمحصلة، القيادة هي القدرة على التأثير والاهتمام بالرؤية الأكبر للمنظومة وبيئة العمل، بينما الإدارة هي القدرة على تحقيق الأهداف والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة.

في الختام، تعتبر القيادة والإدارة من الأدوار الأساسية اللازمة لنجاح أي منظمة، حيث يجب على المنظمات أن تسعى جاهدة لتطوير كافة المهارات القيادية والإدارية لجميع الموظفين، خصوصا من هم مرشحون لمناصب قيادية أو يشغلونها، لضمان نجاح ونمو المنظمة.

المهم هو الاعتراف بأن الصفات القيادية لا تقتصر على المناصب الرسمية والمدراء، بل يمكن إيجادها في أي موظف داخل المنظومة، الفرق الوحيد هو أن المدير الذي يملك أدوات القيادة، يصبح مديرا قائدا وفعالا، وتصبح قراراته وتصرفاته ذات أثر إيجابي ملحوظ وتأثير أكبر من المناصب الأخرى.

mbaaqil@