دحام مبارك الغالب

ترتيب الأبناء ولغز الاختلاف

الخميس - 12 يناير 2023

Thu - 12 Jan 2023

إن الأمور التي تراها كل أسرة وبكل وضوح هي كيفية اختلاف شخصية الطفل حسب ترتيب الأولاد في الأسرة، لقد شغل هذا الموضوع تفكير واهتمامات المختصين، كي يصلوا إلى الأسباب التي تجعل الطفل الأول للعائلة سواء كان ذكرا أو أنثى هو الأذكى والأكثر سيطرة والشخصية البارزة في كل المواقف.

كذلك شكوى الطفل الأوسط من قلة الاهتمام، وأن رأيه غير مهم، أما الطفل الأخير في الأسرة فهو الطفل الذي يحصل على كل الدلال الذي يحتاجه بل ويحصل على ما في أيدي إخوته أيضا.

يوضح المختصون أن اختلاف شخصية كل طفل تعود إلى طريقة تعامل الوالدين مع كل شخصية.

فكما أن الطفل الأول يحصل على كل الاهتمام، وتتم كل تجارب التربية عليه إلا أن الطفل الثاني يحظى بجزء من ذلك فقط، وبعدها الطفل الأخير يتمتع بكل الحريات.

هذه الأمور ليست لأن الوالدين يريدون ذلك وحسب، بل هي جزء من الطبيعة، ومن طريقة التربية التي تسيطر على المشاعر في التربية والتنشئة.

إن المولود الأول يمشي في طريق لا يزاحمه فيه أحد، فهو يقدم كل ما يرغب فيه الوالدان من صفات وخصال حسنة.

وعندما يحين وقت إنجاب أطفال آخرين تكون تلك المكانة البارزة محتلة بالفعل ومن ثم يصبح على الطفل الجديد صنع غيرها وذلك هو السبب في أن الطفل الأوسط يميل إلى الإبداع أكثر من الناحية الأكاديمية، أما المولود الأخير فهو عادة أكبر مصدر للمشاكل.

طبقا لدراسات علماء النفس فإن حوالي 40% من شخصية الطفل البالغ فيما بعد تتشكل تبعا لتربيته بين أخوته.. ليس ذلك فحسب بل يعتقد أن هذا الترتيب يؤثر في اختيار الطفل لأصدقائه ولشريكته في الحياة مستقبلا ولمهنته، بل إنه يمكن توقع حالتهم الصحية من هذا الترتيب أيضا.

ولتسهيل فهم شخصيات أولادنا حسب ترتيبهم في الأسرة الواحدة، سأستعرضهم، كل على حدة:

أثبتت أغلب الدراسات أن الطفل الأول في الأسرة هو طفل يكبر ليكون صاحب شخصية موثوق فيها، وهو من النوع المجتهد الذي يقوم بأعماله وحده، طموحا، ومنظما، متحملا للمسؤولية وتقليديا، لا يميل إلى المخاطرة، كما أنه صاحب أعلى نسبة من الذكاء مقارنة بإخوته وصاحب شخصية قيادية يتعلم من والديه كيفية التعامل مع الآخرين ويستخدمها مع إخوته وغيرهم، لكنهم أكثر عرضة من غيرهم للمشكلات النفسية بسبب التوتر الشديد الذي يشوب حياتهم، ومعاناتهم من التوتر العصبي بسبب انصباب اهتمام والديهم الكامل عليهم وحدهم ثم فقدوا هذا الاهتمام بعد ذلك لصالح أخ جديد أو أخت جديدة، فهم الوحيدون الذين ينتزع منهم هذا الشيء، فباقي الأبناء يولدون أصلا ليشاركوا آخرين هذا الاهتمام، وقد يفقد الطفل الأول بعضا من ثقته بنفسه بسبب فقد اهتمام الوالدين مما قد يؤثر في النمو العاطفي لكثيرين ممن ولدوا أولا.

الابن الأوسط للعائلة لا يحظى بنفس نوع الاهتمام من الوالدين مثل الأخ الأكبر منه، وعليه فهو الأكثر مرونة في التعامل، فيبتعد في معظم الأحيان عن إيذاء الآخرين.

ولديه حب للتنافس والاستطلاع ليكتشف الأمور وحده، ولديه مهارات خاصة تجعل منه شخصية مميزة مقبولة من الآخرين، فهو يجذب والديه بشخصيته التي عمل على تكوينها باستقلالية، عادة يكون الطفل الثاني أقل اهتماما بالعمل الدراسي، ولكنه أكثر إبداعا.

الأبناء الأصغر لا يحملون الهم، واثقون بأنفسهم ويعيشون على سجيتهم. الطفل الأصغر هو الذي يجازف دائما بعدم الطاعة.

إن الأبناء الأصغر يحبون الرياضات الجماعية والسفر، هؤلاء الصغار لا يحملون عبء تحقيق أحلام والديهم ولا يناضلون من أجل الاستقلال فقد قام إخوانهم قبلهم بهذا الدور بدلا منهم، الابن الأصغر للعائلة طفل جذاب قادر على لفت الانتباه له بشخصيته المميزة التي يتمتع بها بسبب الحرية الكبيرة التي حصل عليها من والديه.

من الضروري جدا عدم التفرقة بين الأبناء فقط بسبب اختلاف شخصياتهم وتقبل كل طفل على ما هو عليه، خصوصا إن كان هناك فارق في العمر وفي القدرة على الاستيعاب والتركيز وكذلك اختلاف الجنس، فكل هذه الأمور مجتمعة لها دور في استقلال شخصية الطفل وتحولها إلى شخصية أفضل بفضل دعم والديه بالدرجة الأولى.

Daham9920@