سعود عبدالرحمن الشريف

كروكي الحياة!

الخميس - 12 يناير 2023

Thu - 12 Jan 2023

منذ أن بدأت حياتك بصراخ حتى تنتهي حياتك بالتشهد، لا يوجد شيء يبدأ بلحظة ويكتمل باللحظة التي بعدها، ولن تحقق كل ما تريد ولو كانت لديك كل الإمكانات المطلوبة؛ لأن سنة الحياة هي شروق وغروب، سنة الحياة هي صباح ومساء، سنة الحياة هي بداية ونهاية، سنة الحياة هي أن لكل شيء خطوات متتابعة، تنتهي من الأولى وتتبعها بالثانية.

وخلق الإنسان عجولا، يتخرج من الجامعة ويريد الوظيفة في مساء ليلة التخرج، يتوظف ويريد المنصب مع أول راتب يقبضه، يتزوج ويريد حياة طيبة مع نهاية شهر العسل، نسي أو تناسى أن تفاصيل الحياة ونتائجها هي تراكمات لمواقف الأيام والليالي.

من يرد أي شيء؛ عليه أن يسعى إليه كسلحفاة تصل متأخرة، ولكنها وصلت في نهاية الأمر؛ لأنها استمرت بالتقدم، من يرد أي شيء عليه أن ينجز المرحلة التي هو بها، حتى يرى المرحلة التي بعدها، من يرد أي شيء فعليه أن ينفذ ما عليه الآن حتى يحصل على ما يريده في الغد.

تحلم بقصر أو تحلم بدور! عليك أن تبدأ البناء بمرحلة الكروكي، بفكرة في العقل، يتبعها رسم وتخطيط على الكروكي، وبعدها تتم أعمال البناء حتى آخر تشطيبة؛ لتأتي بعدها الكهرباء حتى تنتهي بمرحلة تسليم المفاتيح، بعدها يتم التأثيث ثم السكن والنوم في ذلك الحلم الذي بدأ بكروكي وانتهى بضغطة زر تشغيل المكيف، في النهاية تم كل ذلك عبر مراحل استغرقت وقتا وجهدا ومالا وتفكيرا وصبرا وقلة نوم.

ما أريد كتابته لك، التفكير في مستقبل مجهول متعب، اقض على هذا التفكير، بفعل ما عليك في لحظتك الحالية، بتجاوز الخطوة الأولى التي ستصل بك للخطوة التي بعدها، ولكل خطوة تفاصيلها التي تحتاج منك التركيز والانشغال بها لا عنها.

حتى أسرع الأشياء تبدأ بخطوات بطيئة، فكن مثلها تعطي كل شيء حقه ووقته وتحرص على إتمامه بشكل متقن، لتصل إلى ما تريد الوصول إليه، وإن فشلت فلن تتوقف الحياة، بل ستستمر ولن يوقفها شيء، لذلك عليك أيضا ألا تتوقف عند أي محطة من محطات الحياة لم تجدها كما تريد.

stws11@